شهدت منطقة الرّميليّة من معتمدية برج العامري في الفترة الأخيرة تزايد عدد النازحين منها نحو مناطق مجاورة أخرى كالمرناقيّة والدّريجات، ولئن اعتبرت منطقة فلاحيّة شديدة الخصوبة فإنّ معضلة غياب الطريق المعبّدة وصعوبة المسالك المؤدّية إليها جعلت الكثير من متساكنيها يخيّرون تركها والتّوجّه إلى أماكن تتوفّر بها أهمّ المرافق الحياتيّة ويسهل فيها العيش. فإلى زمن ليس بالبعيد أهلت الرّميليّة بما يقارب ال 50 عائلة الّتي تشبّثت بالأرض وامتهنت الفلاحة لخصوبة تربتها ووفرة المراعي وصارعوا ما كان يعترضهم ويعسّر حياتهم من مصاعب ونقائص أهمّها عدم توفّر الماء الصّالح للشّرب وانعدام الإضاءة والطّريق المهيّأة وبذلوا ما استطاعوا من جهد لإلحاق أبنائهم بعدد من المدارس، ولكن كان الفشل نتيجة لكلّ المساعي في هذا الشّأن إذ لم تنجح العائلات ولا أبناؤها في الصّمود أمام حدّة هذه العراقيل. فكيف لطفل في سنّ ال 6 سنوات أن يسلك مسافة في حدود ال 10 كم يوميَّا مسلكا فلاحيا محفوفا بالمخاطر؟ كيف إذن للفلاحين أن يواظبوا على النّهوض بمشاريعهم الفلاحيّة في واقع صعب يحتّم توفّر الماء والتّيّار الكهربائي وأن يقضوا حوائجهم ومستلزمات عيشهم الضّروريّة؟ أما الأطفال فقد كانت نهايتهم ذلك الانقطاع المبكّر عن الدّراسة ثمّ النّزوح وترك المسكن والأرض وتّفويت أوليائهم في عدد كبير من "الهناشير" وكرائها للغير... " الصّباح " كان لها موعد مع بعض ممّن لا يزالون متشبّثين بأرض الأجداد إذ عبّروا لنا عمّا يقاسونه من صعوبات خاصّة في مثل هذه الفترة من كلّ سنة.فالبرّغم من إيصال الماء الصّالح للشّرب والتّيّار الكهربائي إلى منطقتهم منذ الصّيف الفارط إلاّ أنّ الإشكاليّة الكبرى الّتي تحول دونهم والشّعور بالاستقرار تبقى منحصرة في طبيعة المسلك الفلاحي الّذي يربطهم بالمناطق المجاورة والمعروف بمسلك " سليانةبوعرادة " ممّا يجعلهم في كثير من الأحيان عرضة للعزلة. وقد أكّد محدّثونا أنّ المسلك لا يتجاوز 9 كم ولكن ما من مجيب لدعواتهم بتعبيده وتذليل ما يتكبّدونه من معاناة علاوة على تسهيل حركة الرّبط ، في حال تهيئته، بين 3 ولايات ( منوبة ، باجة ، زغوان.) وبإتّصال " الصّباح " بمعتمديّة برج العامري كان التأكيد على أنّه تمّ فعلا المصادقة على مشروع تعبيد هذا المسلك خلال المجلس المحلّي للتّنمية المنعقد مؤخّرا وتمّ رفعه للسّلط الجهويّة والمصالح الرّاجع إليها بالنّظر لإقراره ورصد الاعتمادات الخاصّة به في ميزانيّة 2013...فهل سيرى هذا المشروع الضوء خلال مخطّط التّنمية الجديد ؟ وهل تزفّ البشائر لأهل الرّميليّة وتعود إليها الحياة من جديد ؟