تضم واحات الجريد أكثر من مليون و600 ألف منها حوالي 900 ألف نخلة من صنف "دقلة نور" وتوفر صادرات التمور ما يناهز 60 مليون دينار في السنة وبذلك يعد القطاع الفلاحي المحرك الأساسي للمسيرة التنموية لاسيما الاقتصادية إلا أن عوامل عديدة ما فتئت تعرقل تطور هذا القطاع الحيوي بما أثر سلبا على مردوديته نتيجة تدهور المنظومة المائية بمختلف واحات الجهة حتى إن النخلة أصبحت مهددة بالاندثار كما أن النقص الحاصل في كميات مياه الري ساهم في تدني جودة التمور بالإضافة إلى تقلص الإنتاجية رغم أن الأرقام تحدثت عن تسجيل 45 ألف طن في حجم الصابة. الدقلة ... وبعد وقد أثر النقص الحاصل في مياه الري بما حتم الاقتصار على إنتاج التمور دون تنويع القاعدة الفلاحية ليبقى هذا القطاع أحادي الإنتاج رغم أن الجهة كانت تنتج الخضر والغلال بجميع أنواعها وبكميات تؤمن الاكتفاء الذاتي للمنطقة وتصدر للجهات المجاورة. والعطش الذي استفحل في واحات الجريد لم يساعد على بروز أنماط فلاحية أخرى عدا الزراعات الجيوحرارية التي لها خصوصياتها في المنظومة المائية مياه جيوحرارية - المتوفرة بالقدر الكافي حتى إنها أصبحت تمثل ثاني إنتاج فلاحي بالجريد. مشاريع على الورق... فقط وعديدة هي المشاريع التي تمت برمجتها ولكنها لم تتجسد على أرض الواقع ومنها بالخصوص مشروع حماية واحة توزر القديمة الذي خصصت له اعتمادات تناهز 4.5 ملايين دينار ورغم أن الدراسات الفنية قد انتهت لكنها ظلت حبرا على ورق لتبقى هذه الواحة تتخبط في معضلة العطش كما أن مشروع الاقتصاد في مياه الري بواحات الجنوب الذي كان في الحسبان أن ينطلق سنة 2008 والذي يشمل واحات نفطة وحزوة وتوزر بكلفة 24.8 مليون دينار لم تنطلق أشغاله أيضا. إشكالية القطاع السياحي ويعاني القطاع السياحي بدوره من عدة إشكاليات جعلت منه قطاعا هامشيا وهشا رغم أن الجهة تعتبر وجهة سياحية مفضلة لآلاف السياح الأجانب والتونسيين فهو مازال مرتبطا ارتباطا وثيقا بالسياحة الساحلية التي تهيمن على نشاطه بما رسخ صفة التبعية ومازالت السياحة الصحراوية لم تتخلص من كماشة سياحة العبور ومازالت أوضاعها متداخلة تحتم النظر في إيجاد حلول جذرية على مستوى الرفع من طاقة الإيواء وتكثيف حركة الملاحة الجوية بمطار توزرنفطة الدولي والعمل على استغلال النزل المغلقة من جديد والإسراع بتهيئة المناطق السياحية الجديدةبتوزر على مساحة 62 هك ومزيد العناية بالمحيط السياحي وغيرها من الإشكاليات الأخرى. ... وإشكاليات أمام الاستثمار الخاص الفلاحي تتوفر ربوع الجريد على موارد مائية جملية قابلة للاستغلال قدرها 222 م م3 في حين تقدر الموارد المائية السطحية القابلة للاستغلال ب 14 مليون م3 كما تتوفر الجهة على موارد معبأة قدرها 6 م م3 بنسبة استغلال تعادل 42.8%. أما الموارد المائية الجوفية العميقة فتقدر ب208 ملايين م3 يتم حاليا استغلال 175.6 م م3 بنسبة قدرها 84.4% حسب معطيات المصالح الفلاحية إلا أن الاستثمار الخاص في القطاع الفلاحي واجه ويواجه العديد من العراقيل والإشكاليات مما حرم الجهة من بعث مشاريع فلاحية ضخمة كانت ستخلص شباب ولاية توزر من آفة البطالة. وقد أبدى مستثمران رغبتهما في بعث مشاريع فلاحية هامة إلا أنهما لم يتمكنا من ذلك بتعلة ندرة مياه الري. ويتمثل المشروع الأول لمستثمر سعودي زار الجهة وتحديدا منطقتي نفطة وحزوة وعاين بئرا عميقة ساخنة المياه بتدفق قدره 80 لترا في الثانية ومهدورة في شط الجريد منذ 2007 في الاستثمار في الفلاحة الجيوحرارية بالمنطقة على 5 آلاف هك على أن يكون الانطلاق على مساحة 100 هك وفي سياق آخر "حاول" مستثمر كندي الاستثمار شراكة مع المستثمر السعودي من خلال مشروع فلاحي مندمج لانتاج البطاطا لفائدة إحدى الشركات بحجم استثمار أولى قدر ب 18 ألف طن وهو ما يعادل ثلثي الاستهلاك التونسي والمقدر ب24 ألف طن. كما أبدى هذا المستثمر تطوير الانتاج من مادة البطاطا ليصل إلى 180 ألف طن بعد 3 سنوات من تركيز المشروع إلا أن المصالح الفلاحية مانعت بعث هذين المشروعين بتعلة تدهور المنظومة المائية حيث أن كميات مياه الري المتوفرة حاليا بالجهة لا تتجاوز ألف لتر في الثانية يتم استغلالها من قبل الفلاحين مؤكدة أن نقص الموارد المائية بتوزر يعيق الاستجابة لعدد من نوايا الاستثمار وبعث مشاريع فلاحية جديدة. وتفيد المعطيات أن ولاية توزر تتوفر على 187 بئرا مستغلة للري الفلاحي معظمها تم حفرها خلال ثمانينات القرن الماضي وتوفر مجتمعة حوالي ألف لتر في الثانية ويتم استغلال 700 لترا منها. وهذه الإشكاليات وأخرى تعطل بعث المشاريع بالجهة التي تنعدم فيها التنمية والتوظيف السياسي للمشاريع وهو ما أدى إلى تعميق الشعور بالتهميش أبناء الجريد الذين باتوا يتساءلون لماذا ولاية توزر دائما الاستثناء في بعث المشاريع التي تقبر قبل أن ترى النور ومثال ذلك مشروع معمل الآجر الذي تقرر بعثه منذ 3 عقود وتحديدا سنة 1983 في إطار شراكة تونسية جزائرية بطاقة تشغيليه قدرها 400 موطن شغل وبنايته جاهزة إلا أنه تعثر استغلاله. وقد أبدى العديد من المستثمرين بعد الثورة الرغبة في الاستثمار في هذا المعمل عن طريق شراكة تونسية أجنبية لكن إشكالا عقاريا عطل بعث هذا المشروع من جديد ونوايا الاستثمار عديدة ولكنها لا تتجسد على أرض الواقع ومنها الفلاحية والصناعية والخدماتية. فإلى متى تظل مثل هذه الإشكاليات عائقا وراء الاستثمار الخاص؟ وماذا اذا لم يتم تعويض الآبار العميقة بآبار أخرى جديدة لإصلاح المنظومة المائية واستصلاح الواحات وتوفير الأرضية الملائمة للاستثمار الخاص الفلاحي؟