قد لا يكون سامي الفهري ملاكا ومشاركة الرجل لصهر المخلوع بلحسن الطرابلسي القرش الكبير الذي طالما ابتلع خيرات البلاد معروفة للناس ووقوفه أمام القضاء إن كان للقضاء حجة عليه أمر عادي مثله مثل بقية التونسيين في مثل وضعه لكن ذلك لا يمنع من الإستغراب من اخراج ورقة سامي الفهري في وقت كثر فيه الحديث عن محاولات الحكومة الحالية وخاصة حزب حركة النهضة وضع اليد على الإعلام. وقد لا نكون في حاجة للوقوف مطولا عند هذه الفرضية ويكفي التذكير بأن العاملين بعدد من المؤسسات الإعلامية والهياكل النقابية الممثلة لهم لفتوا الإنتباه للأمر من خلال عدة أشكال من الإحتجاج. اثار إذن خبر ايقاف سامي الفهري في ليلة أول أمس والتحقيق معه في قضية العلاقة بين شركة "كاكتوس" للإنتاج ومؤسسة التلفزة التونسية اهتمام الناس ليس فقط لأن الشركة المذكورة التي كان قد بعثها صهر الرئيس المخلوع كانت معروفة بتجاوزاتها وباستغلالها بلا أدنى حق للتلفزيون التونسي وهو جهاز وطني وإنما بالخصوص لما بدا للناس أن العملية قد تكون مجرد ورقة تستعملها الحكومة القائمة حاليا للضغط على المؤسسات الإعلامية بهدف تطويع الإعلام مما ييسر عملية توظيفه في الإستحقاقات الإنتخابية القادمة. إننا إن كنا لا نخال المواطن التونسي لا يرغب في المطلق في محاسبة المتجاوزين للقانون ولا نخال أن التونسيين ضد تطبيق القانون وضد تحقيق مطالب الثورة الشعبية وعلى رأسها تحقيق العدالة فإنه من الصعب اليوم أن نقرأ عملية إيقاف سامي الفهري والتي إذا ما استندنا إلى أقوال محاميه لم تتم في إطار احترام كامل للقانون, من الصعب أن نقرأها بمعزل عن الضغوطات التي تبين أن الحكومة أو على الأقل عدد من أعضائها من وزراء ومستشارين مارستها ضد قناة "التونسية" بسبب مجموعة من البرامج الرمضانية الكوميدية والهزلية التي استهدفت بالخصوص الحكومة والعمل الحكومي وأحزاب الترويكا لا سيما حزب حركة النهضة صاحبة أغلبية المقاعد بالمجلس الوطني التأسيسي. لم يخف بعض المسؤولين بالحكومة انزعاجهم من هذه البرامج كما أن عددا من العاملين بقناة "التونسية" أكدوا أنهم تعرضوا لضغوطات دون أن ننسى صاحب القناة الذي صرح لمنابر اعلامية أنه تعرض للضغط كذلك بل قال أشياء خطيرة يتحمل بالطبع مسؤوليته فيها لكن إذا ثبتت صحتها فإن القضية تصبح فعلا مخيفة. قال سامي الفهري الذي بقي بحالة سراح بعد اصدرا بطاقة إيداع بالسجن في حقه أن مستشار رئيس الحكومة لطفي زيتون طلب منه أشياء غريبة(انظر المقال في الغرض في نفس الصفحة) في محاولة للضغط عليه للتدخل ربما أو حتى ايقاف البرامج التي تسببت في ازعاج الحكومة. ألا يذكرنا هذا الأمر بالعهد الذي مضى. فقد كان النظام البائد عادة ما يستعمل القضاء في مآرب أخرى لا علاقة لها بالقانون أو احترام القانون.
ربما كان سامي الفهري مذنبا وربما تثبت التهم ضده كما يمكن أن يحدث العكس لكن مثل هذه القضايا ملك للشعب ولا أحد من حقه أن يستعملها لأي غرض خارج المصلحة الوطنية وهو السعي لتحقيق العدالة في البلاد ومحاسبة من ثبت أنه أذنب في حق هذه البلاد. ليس من حق الحكومة أن تستثمر الأمر لمصلحة سياسية أو لفرض سياسة بعينها أو لاستحقاقات انتخابية وليس من حقها أن تستعمل ورقة القضاء لضرب حرية الإعلام انطلاقا من الحلقة الأضعف. إن طريقة تعامل الحكومة مع " قضية " التونسية تجعلنا فعلا في مأزق. فإن كان علينا ضم صوتنا إلى بقية أصوات الشعب التونسي وهو مطلبنا وغايتنا أيضا لتحقيق العدالة في البلاد فإن خوفنا من ضرب حقنا في إعلام حر ومن مصادرة حرية التعبير يضعنا في طريق مملوءة بالأشواك. خوفنا أن يكون هذا المأزق مقصود وبفعل فاعل. حياة السايب