كان اعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تشكيل حكومة وحدة وطنية بمثابة المفاجأة ليس للعرب فقط بل للإسرائيليين أنفسهم، حيث حظيت هذه الخطوة بدعم 94 نائبا في الكنيست من مجموع 110 نائبا وهي أعلى نسبة تأييد برلماني منذ قيام الكيان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية المغتصبة. فالإئتلاف الجديد يضم أحزابا من أقصى اليمين مثل حزبي «إسرائيل بيتنا» بزعامة وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان و»شاس» بزعامة عوفاديا يوسف وأقصى اليسار أي حزب العمال اضافة إلى حزب الوسط «كاديما» بزعامة شاؤول موفاز رئيس هيئة الأركان السابق. إنها حقيقة حكومة ائتلافية شكلت من أجل الحرب وليس السلام، فالأهداف الرئيسية التي دفعت بذلك الاتجاه هي أهداف قديمة متدثرة بثوب جديد.. ايران في مرحلة أولى كأولوية ملحة وقطاع غزة ثانيا ثم لبنان ثالثا. فقد أثبت التجارب السابقة أن حكومات الوحدة الوطنية في إسرائيل لا تتشكل عادة إلا لخوض الحروب في أغلب الأحيان والحروب الإقليمية على وجه الخصوص، ناهيك أن هذه الحكومة الائتلافية يتزعمها نتنياهو وهو الذي لم يؤمن يوما بفاعلية العقوبات الاقتصادية تجاه النووي الايراني وظل مصرا على مواقفه بأنها ليست بديلا عن الخيار العسكري، فلا شك في أن هذا الرجل يضمر شرا ويخطط لحروب مستقبلية في المنطقة. وعلى الرغم من أن العديد من المراقبين والمهتمين بالشأن الإسرائيلي استبعدوا إقدام تل أبيب على انتهاج الخيار العسكري بمفردها تجاه النووي الإيراني على الأقل في الوقت الراهن من جهة لغياب القدرات العسكرية الإسرائيلية الكفيلة بتدمير المنشآت النووية ومن جهة أخرى لرفض الرئيس الأمريكي باراك أوباما مجاراة نزوات بنيامين نتنياهو لاعتبارات سياسية أبرزها الانتخابات الرئاسية الأمريكية، إلا أن ذلك لا يمنع رئيس الوزراء الإسرائيلي في الوقت الراهن خاصة بعد تشكيل حكومة ائتلافية من الارتجال واتخاذ قرار شن هجوم عسكري على ايران، وقد سبق أن أكد على أن إسرائيل لن تتنازل مطلقا عن حرية اتخاذ قراراتها السيادية وبالأخص قرار الحرب ضد إيران. ومن هذا المنطلق فليس من المستبعد أن ينتهج نتنياهو الخيار العسكري الذي رفعه شعارا أساسيا لحملته الانتخابية دون سابق إنذارلحلفائه في الإدارة الأمريكية، فالرجل يعي تمام الوعي أن واشنطن ستجد نفسها ملزمة للوقوف إلى جانب إسرائيل ولن تبخل عليها بالدعم العسكري واللوجستي في خدمة الأهداف الإسرائيلية، ارتكازا على نفوذ اللوبيات الإسرائيلية الفاعلة والمؤثرة في قرارات الإدارة الأمريكية. إن قرار الحرب في صورة اتخاذه من قبل تل أبيب في ظل التوتر الذي يشهده الشرق الأوسط سيفتح أبواب جهنم في المنطقة، فالنتائج ستكون كارثية بكل ما تحمل الكلمة من معنى.. وستكون اسرائيل الخاسر الأكبر..