منزل بورقيبة الصباح مازال ملف من أطلق عليهم اسم القناصة أثناء ثورة 14 جانفي غامضا إلى اليوم ولم تتوصل الأبحاث والتحقيقات التي أجرتها السلط القضائية المدنية والعسكرية ولجنة تقصي الحقائق (لجنة بودربالة) الى تحديد هوياتهم أو حتى المسك بخيط قد يقود إلى نزع القناع عنهم... والكشف عن الجهة أو الجهات التي عملوا لفائدتها وتحت امرتها بعد هروب الرئيس المخلوع لتبقى قضايا بعض الشهداء وخاصة من المنتمين سابقا لقوات الأمن الداخلي أو للجيش الوطني مجهولة المصير، والتحقيقات الجارية فيها متعثرة على غرار قضية وفاة الوكيل بجيش البحر سفيان بن جمالة يوم 16 جانفي 2011 أثناء مواجهات ضارية بين قناصة اعتلوا سطح إحدى العمارات بقلب مدينة بنزرت وعناصر من الجيش الوطني كان سفيان من بينها. وبالعودة إلى وقائع هذه الحادثة التي تعهد بالبحث فيها حاكم التحقيق العسكري بالمكتب الثالث بالمحكمة الابتدائية العسكرية الدائمة بتونس يتبين أن الشهيد سفيان بن جمالة (من مواليد 1975) العون بجيش البحر (البحرية الوطنية) برتبة وكيل انضم بعد تدهور الوضع الأمني وإعلان حالة الطوارئ بالبلاد إلى قوات الجيش الوطني المرابطة بولاية بنزرت لحماية المنشئات العمومية ومقرات السيادة والمواطنين وممتلكاتهم والسيطرة على كل انفلات أمني قد يحصل. وفعلا فقد غادر سفيان منزله الكائن بمنزل بورقيبة قبل أسبوع من وفاته بعد أن ودع زوجته وعائلته وتوجه إلى مدينة بنزرت للمشاركة في إعادة الأمن للمدينة ومكافحة كل المظاهر المخلة بالأمن العام.. مرت الأيام الأولى بسلام رغم الانفلات الأمني، ولكن يوم 16 جانفي شهدت الأوضاع الأمنية ببنزرتالمدينة تدهورا غير مسبوق واندلعت مواجهات ضارية بين عدد ممن قيل أنهم قناصة اعتلوا أسطح العمارات وقوات الجيش الوطني مما أسفر عن سقوط جرحى وقتلى بالرصاص كان سفيان من بينهم أثناء قيامه بواجبه الوطني في الذود عن أمن تونس. كشفت مصادر عائلية مطلعة ل"الصباح" أن شهود عيان لمحوا في ساعة مبكرة من صباح يوم 16 جانفي 2011 قدوم سيارة من نوع "مرسيدس" (طراز قديم) إلى وسط مدينة بنزرت وتوقفها أمام عمارة يقطن بإحدى شققها عدد من أعوان الأمن ثم نزول أربعة أشخاص منها يرتدون ملابس سوداء ويحمل كل واحد منهم حقيبة ودخولهم إلى العمارة، وبعد ساعات فقط ظهر عدد منهم يعتلون سطح البناية ويطلقون الرصاص على طريقة القنص. مصادرنا أكدت أن قوات الجيش وحال ورود المعلومة عليها تحولت في حدود الساعة الواحدة والنصف بعد زوال ذلك اليوم إلى عين المكان وكان من بين عناصرها الوكيل سفيان.. لتدور مواجهات واشتباكات مسلحة بينها وبين هؤلاء "القناصة" نجحت إثرها قوات الجيش التي استعانت بمروحية عسكرية في القبض على اثنين من المسلحين فيما سقط سفيان شهيدا بعد قنصه برصاصة في الرقبة. وهنا قالت أرملته إن زوجها كان يرتدي الزي العسكري المدعم بصدرية و"كاسك" مضادتين للرصاص". غير أن خبرة المسلح ودقته تمكنتا من قنص سفيان بعد أن أصابه برصاصة في الجهة الخلفية للرقبة"، مضيفة أن زوجها أعلمها هاتفيا كما أعلم شقيقه مباشرة قبل وفاته بنجاح أعوان الجيش الوطني في القبض على عدد من المسلحين يستقلون سيارات مكتراة، ولكن بالتثبت في بطاقات تعريفهم الوطنية تبين أنها تحمل صفة "عامل يومي" وهو ما أثار تعجب الجميع، ويدل-حسب قول محدثتنا- ان جهة ما قامت بتسليح هؤلاء لإثارة الرعب والفوضى في البلاد. الأرملة الشابة الباحثة عن حق زوجها والمسؤول عن قتله قالت إن شهود عيان أكدوا لها أن قوات الجيش الوطني أوقفت ما لا يقل عن قناصين في ذلك اليوم أحدهما أدخل إلى محل تارزي قبل نقله إلى مقر قيادة الجيش بالجهة كما ان أحدهم سقط من علو مرتفع وأصيب بكسر في ساقه حين حاول الفرار. إلى ذلك علمنا أن حاكم التحقيق العسكري المكلف بالبحث في هذه القضية أجرى المعاينة الموطنية واستمع لعدد من شهود العيان، إضافة إلى إجرائه لأبحاث إضافية ولكن دون أن تتمكن من تحديد هوية القاتل القناص، وهنا أفادتنا أرملة الشهيد أن ملف القضية لم يشهد أي تقدم.. "نحن لا نعرف من قتل زوجي.. الكل يعلم أن أعوان الجيش ألقوا القبض في ذلك اليوم على مسلحين اثنين من بين الأربعة الذين اعتلوا سطح عمارة، وتسجيلات الفيديو تؤكد ذلك ولكن لا نعرف لا مصيرهما ولا هويتيهما ولا مصير ولا هويتي المسلحين اللذين كانا معهما واللذين قتل أحدهما زوجي". وختمت بالقول: "القناصة في بنزرت في ذلك اليوم حقيقة وزوجي قتله قناص، وأطالب السلط القضائية العسكرية بكشف الحقيقة فقد طال انتظارنا وحان الوقت لنعرف الحقيقة".