حملت وثيقة برنامج عمل الحكومة لسنة 2012 التي ستعرض قريبا على المجلس التأسيسي العديد من التوجهات والنقاط على غرار الحديث على «الحرص على تكريس إدارة سياسية تشاركية عبر التشاور الدوري مع جميع الأحزاب الممثلة وغير الممثلة بالمجلس الوطني التأسيسي وبقية الفاعلين في المجتمع المدني حول أهم وأدق الملفات والقضايا التي تواجهها البلاد في هذه المرحلة»، والتي تحمل أكثر من قراءة. «الأسبوعي» اتصلت بممثلين عن الأحزاب الثلاثة المكونة للحكومة لمزيد إيضاح رؤيتهم وموقفهم من السياسة التشاركية المرتقبة القائمة على فتح الباب أمام وافدين جدد من تيارات سياسية أخرى ومستقلين وشخصيات وطنية للإدارة أو الحكومة. يقول هيثم بلقاسم عضو المجلس التأسيسي عن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية: «بداية لابدّ من التنصيص على أنه من الصعب حل كل مشاكل البلاد دفعة واحدة. كما أنه لا يملك أيّ حزب وصفة سحرية للوضع الحالي. ونادينا من الوهلة الأولى بعقد مؤتمرات وطنية في العديد من المجالات لمشاركة أوسع لكافة مكونات المجتمع، وأظن أن الحكومة بما أتته في برنامج عملها بالدعوة إلى سياسة تشاركية بخصوص أدق الملفات والقضايا التي تهمّ الشأن العام».
حوار ضروريّ
ويضيف محدثنا: «أعتقد أن في فتح الحكومة لحوار شامل مع مختلف أطراف المجتمع المدني والذي ستنبثق عنه مقترحات كثيرة ليس فيه تهرب من المسؤولية بل هو انفتاح على الآخر وهو ضروري، فعلى سبيل المثال كونت لجنة فيها 9 أساتذة جامعيين من نواب التأسيسي وقد قدمنا مقترحات لوزير التعليم العالي تتضمن العديد من الحلول لعدّة قضايا تهمّ هذا القطاع (مثل منظومة «أمَد» التي تتطلب مؤتمرا وطنيا يضمّ جميع الأطراف لحلها)، لكن في النهاية تبقى الكلمة الأخيرة والقرار النهائي بيد الوزير فهو المسؤول الأول». ويشدّد النائب عن المؤتمر في التأسيسي على أن التمشي الذي تنتهجه الحكومة بشأن إشراك الجميع في دراسة أهمّ القضايا الوطنية وأدقها ضروري وهامّ، نسجا على منوال كبرى الدول في العالم السائرة نحو الديمقراطية.
تمش موجود
بدوره يؤكد محمد بنور الناطق الرسمي باسم حزب التكتل من أجل العمل والحريات أن الإدارة التشاركية في إدارة القضايا الكبرى في البلاد منتهجة في مسألة العدالة الانتقالية حيث فتحت الحكومة حوارا مع باقي مكونات المجتمع المدني للوصول إلى حل ورؤية واضحة لهذا الملف. وفي هذا الصدد يقول محدثنا: «أعتقد أنه سيقع فتح حوار وطني في أهمّ وأدق القضايا وليست كلها، فالمصلحة الوطنية تقتضي تضافر جهود الجميع فعلى سبيل التذكير كنا قد طلبنا من بعض الأطراف السياسية المشاركة منذ البداية في الحكومة مثل الحزب الديمقراطي التقدمي والقطب الحداثي وأحزاب أخرى لكنهم رفضوا المشاركة. واليوم أرادت الحكومة فتح ملفات كبيرة وها نحن نرى بعض الأطراف تريد المشاركة في النقاش بل وإيجاد موطئ قدم لها في الحكومة إن وجد وهنا يبقى السؤال مطروحا، كيف سيكون حضور هؤلاء ومشاركتهم مع حكومة نادوا بإسقاطها بالأمس؟»
في نفس الوضع
أما النائبة فريدة العبيدي عن حركة النهضة في التأسيسي فترى أن جميع الأطراف (أغلبية ومعارضة) مطالبة بإعادة بناء الدولة. كما شدّدت على أن الوضعية الحالية لتونس بعد عام ونيف عن الثورة ليس بالكارثي، حيث قالت: «لا يمكننا الحديث عن معارضة أو أغلبية إلا بعد الانتخابات القادمة، لكن الآن الكل مطالب بتحمل مسؤوليته تجاه بناء الدولة، فالحكومة وإن طرحت برنامجها لا يمكن الحديث عن نجاحه أو تجسيده على الأرض دون الأخذ بعين الاعتبار آراء جميع الناس، ولنا فضاءات للحوار ولمناقشة ذلك». وتتابع النائبة العبيدي قائلة: «أعتقد أنه من مصلحة الجميع الحفاظ على الفترة المتفق عليها بخصوص عمل الحكومة والتأسيسي. كما أن الهدف الأساسي حاليا أن يكون البرنامج المقترح من طرف الحكومة في مناخ اجتماعي مريح رغم أننا نتفهم الوضع العام في البلاد حيث النسبة الكبيرة للبطالة فلا أحد يزايد على الآخرين في الوطنية. بالإضافة إلى أن بناء المؤسسات ليس بالأمر السهل لأننا واقعيا ونظاميا بصدد تعلّم الديمقراطية». إن الوضع الحالي لتونس يتطلب تحمل كل طرف من مكونات المجتمع المدني لمسؤولياته فالحوار في هذه المرحلة بالذات ضروري وهامّ لإعادة بناء الدولة.