- رجل أعمال كان العقل المدبر لنظام المخلوع.. ويده مازالت"طويلة" لليوم - المخلوع أمر بحبسي في قضية وهمية ثم"هجّرني" وأطلب اليوم إثارة القضية من جديد - ظلم ووحشية واستبداد ممارسات النظام البائد تكاد لا تنتهي فكل يوم نكتشف قصة ظلم أخرى أمرّ من سابقاتها لأناس زج بهم في السجون ظلما وتعرضوا لأبشع أنواع التعذيب وهُجّروا وشردت عائلاتهم والأدهى والأمر أن البعض من الضحايا لم يكونوا من معارضي النظام وأعدائه بل أنهم تعرضوا لشتى الضغوطات والانتهاكات لا لشيء إلا لأن ضميرهم المهني منعهم من التغاضي عن مخالفات أصدقاء عائلتي بن علي و"الطرابلسية" وتطبيق القانون عليهم دون محاباة وذلك هو بالضبط ما حصل مع الضابط الرفيع المستوى بوزارة الداخلية سابقا لطفي الرزقي الذي لم ينعم إلى اليوم بثورة الكرامة ولم تهب عليه نسائم الحرية ليظل بعد أكثر من عام من هروب المخلوع عاجزا عن العودة إلى وطنه الذي هُجّر منه قسرا منذ نحو عشرين سنة بالتمام والكمال. تجاوزات مناقصات الداخلية لطفي الذي تواصلنا معه هاتفيا وعبر البريد الالكتروني طيلة أسابيع قرر الخروج من الصمت الذي فرض عليه سابقا خشية الانتقام من عائلته المقيمة بتونس.. لطفي خط اعترافات حول مأساته بدموع"الغلبة" و"الحقرة" التي مورست عليه زمن حكم المخلوع.. يقول لطفي:" لقد عينني الحبيب عمار في تلك الفترة (قبل انقلاب 7 نوفمبر) ضابطا برتبة نقيب لأهتم بكل ما يرد على الوزارة من الخارج، ولكن بصعود المخلوع إلى سدة الحكم أصبحت مسؤولا عن مطار تونسقرطاج الدولي كما كلفت بحضور المناقصات التابعة لوزارة الداخلية بالقرجاني والتي كانت تشهد تجاوزات بالجملة تتمثل خاصة في معاملات مشبوهة بين مسؤولين أمنيين وأصحاب شركات خاصة (نحتفظ بهوياتهم) من بينهم صاحب شركة في تلك الفترة كائنة بمقرين كان يرشي جل المسؤولين الأمنيين للفوز بالمناقصة التي يرغب فيها، ولذلك على وزير الداخلية تكوين لجنة مستقله لمراجعة جميع المناقصات التابعة لوزارة الداخلية (الوطنية والدولية) منذ تولي المخلوع الإشراف على الوزارة عام 1985 إلى يوم هروبه". وأضاف الرزقي:"هذه التجاوزات لم تسلم منها مناقصات وزارة الدفاع وهنا أتساءل لماذا عوقب إدريس قيقة في عهد بورقيبة بعد مناقصة أسلحة وظل كل من كان معه حرا طليقا بل وتمت ترقيتهم في عهد بن علي؟ وهذا دليل على أن التجاوزات عديدة أيضا في مناقصات وزارة الدفاع ولو تقدم لي الضمانات سأكشف حقائق عديدة مخفية حول ما كان يجري في مناقصات الداخلية والدفاع والأطراف التي تلاعبت بها". تهريب الذهب وعن القضية التي حيكت له وتسببت في تهجيره من أرض الوطن وفراق عائلته يقول لطفي:" في أحد أشهر عام 1990 كنت أباشر عملي بمطار تونسقرطاج الدولي، وقد أمرت من طرف مدير الأمن الرئاسي في ذلك الوقت عبد الرحمان بلحاج علي بسحب بعض الحقائب القادمة من الخارج وتسليمها لشخص (نحتفظ بهويته) من حاشية المخلوع.. كنت في قرارة نفسي مستغربا من دخول حقيبتين شهريا إلى أن جلب انتباهي في إحدى المرات ثقلهما فقررت فتحهما بعد ان ساورتني شكوك حول احتوائهما على كمية من المخدرات.. وبفتحهما كانت مفاجأتي كبيرة عندما عثرت على ما لا يقل عن المائة كيلوغرام من الذهب المهرب من فرنسا عن طريق سفارتنا بباريس لتسليمه إلى صائغي مشهور بالعاصمة قريب من المخلوع وزوجته". وأضاف لطفي:"لقد كانت العملية تتكرر منذ انقلاب 7 نوفمبر إلى غاية إيقافي عن العمل عام 1990 ثم يتم طبع الذهب المهرب ثم بيعه مقابل نصيب هام من الأرباح او هدايا من الوزن الثقيل للمخلوع وزوجته، وبتفطني لهذا النشاط المستراب قمت بإعلام عبد الرحمان بلحاج علي ومحمد علي القنزوعي وعبد الكريم غومة فحيكت لي وللمسؤول عن المطار مؤامرة كان يقف وراءها رجل أعمال مشهور مازال إلى اليوم له"باع وذراع" على الساحة، إذ أتاني في حدود الساعة 11 ليلا ضابط شرطة وعون وطلبا مني مرافقتهما إلى مقر الفرقة الاقتصادية ببوشوشة لأمر بسيط وكان حينها المسؤول عن الفرقة العربي الورتاني الذي يعمل تحت إمرة عز الدين جنيح مدير الشرطة العدلية في تلك الفترة، وفي نفس الليلة لفقت لي تهمة تتعلق بالارتشاء والمشاركة في ذلك مع عصابة تهريب الذهب وبقيت عشرة أيام على ذمة الأبحاث حيث مارسوا علي أبشع أنواع التعذيب ليلا نهارا وكان من بين الأعوان الذين عذبوني عون يدعى مبروك كما زارني في اليوم الرابع من إيقافي عز الدين جنيح وأعلمني أن أوامر عليا صدرت في هذه القضية... ففهمت المؤامرة التي يترأسها المخلوع وزوجته خشية افتضاح أمرهما..وفي اليوم العاشر من الإيقاف أحلت على قاضي التحقيق (نحتفظ بهويته) الذي لم يستنطقني أصلا واكتفى بطلب من محاميّ بمعاينة آثار التعذيب ثم أصدر ضدي بطاقة إيداع بسجن 9 أفريل بالعاصمة، وبعد مدة وجيزة مثلت أمام المحكمة فنطقت بالحكم مباشرة دون أي استنطاق أو مرافعة.. كانت المؤامرة مسطرة مسبقا والحكم جاهز.. 4 سنوات و4 أشهر سجنا، بعد ذلك نقلوني إلى سجن قرمبالية الذي من المفترض أن يسجن به كل من بقي من مدة عقوبته بضعة أشهر". تهريب من سجن إلى آخر حلقات معاناة لطفي لم تتوقف عند هذا الحد بعد أن اتخذ المخلوع قرار تهجيره ونفيه خارج البلاد، وهنا يقول:" بعد أيام قليلة من سجنى حل ثلاثة من أعوان الرئاسة إلى السجن وقاموا بتهريبي واقتادوني إلى مدينة سوسة حيث طلبوا مني البقاء هناك إلى حين يأتونني بجواز سفر خلال مدة لا تتجاوز العشرة أيام ثم فوجئت بهم يسلمونني لسجن سوسة.. وبعد شهرين أعادوا لقائي داخل السجن وأعلموني أنه حان وقت خروجي من تونس، ولذلك تركوا سيارة من نوع بيجو 205 أمام السجن ووضعوا مفاتيحها تحت الكرسي إضافة لحقيبة بها بعض الأدباش وجواز سفري وطلبوا مني التوجه مباشرة إلى ليبيا، وهو ما حصل فعلا، إذ خرجت من باب السجن بطريقة عادية وهو ما يدل على أن"المسرحية" سطرها المخلوع وزوجته ورجل الأعمال ونفذها أعوان الأمن الرئاسي والسجون". وذكر الضابط السابق انه توجه إلى الجنوب التونسي ومنه إلى ليبيا بطريقة قانونية ثم سافر إلى أروروبا بعد أن قرر المخلوع تهجيره وتشريد عائلته.. فماتت زوجته وهو في المهجر وكبر أبناؤه ونجحوا في دراستهم وحصلوا على الوظائف ولم يفرح بهم ولم يحتضنهم ولم يقبلهم فظل المسكين يموت في اليوم ألف مرة.. هُجّر.. شرّد..استولت زوجة المخلوع على منزله، وهو اليوم عاجر عن العودة إلى تونس في ظل عدم تفعيل العفو التشريعي العام، وهنا يقول:"اليوم أهدتنا الثورة الحرية ولكن نسماتها لم تهب بعد على قضيتي لأظل مهجّرا ومشردا ومنفيا، بعيدا عن أبنائي ووطني، ولذلك فإنني أناشد رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير العدل تفعيل العفو التشريعي العام ليتسنى لي العودة إلى تونس دون أية تعقيدات وإثارة"قضية الذهب المهرب" من جديد ومحاكمة كل من كان سببا مباشرا أو غير مباشر في مأساتي ومن بينهم رجل الأعمال الذي أشرت له في سياق حديثي ومحمد علي القنزوعي وغيرهما ممن ستثبت الأبحاث أنهم تواطأوا عليّ لنفيي، كما أطالب بإعادتي إلى عملي وتمكيني من حقوقي المادية والمعنوية ورد الاعتبار لأبنائي ومعرفة مصير منزلي الذي بنيته بعين زغوان واستولت عليه ليلى الطرابلسي.. فقد عانيت طيلة عشرين سنة وبقيت صامتا خوفا على عائلتي بتونس من أن تطالها أيادي العصابة"البنعلية" و"الطرابلسية" واليوم لا بأس من أن يرد الاعتبار للمظلومين وأنا أحدهم". صابر المكشر