سجلت الدورة الحالية لمهرجان أيام قرطاج المسرحية انفتاحا على فنون ومجالات ابداعية عديدة على غرار الشعر وفن الحكاية والموسيقى وهو ما اعتبره الشاعر والأديب الليبي كريم الوحيشي اختيارا ناجحا من هيئة المهرجان والذي تجل بالأساس في الإقبال الكبير من جمهور المسرح والمسرحيين على الأمسيات الشعرية التي تنتظم على هامش المهرجان نظرا لمدى أهمية المسرح بالنسبة للشعراء فهو يعتبر المسرح أستاذ الشعوب. ونزل محدثنا الذي يترأس الجمعية الوطنية الليبية للشعراء مشاركته هذه في إطار المساهمة في إثراء فكرة المهرجان ودعما للأنشطة الثقافية والمسرحية في تونس. وأبى في بداية الحديث معه إلا أن يترحم على شهداء الثورات العربية وتمنى للجرحى الشفاء العاجل وللمفقودين العودة إلى أهاليهم وإلى الشعوب المتحرّرة من الأنظمة الديكتاتورية التقدم والنماء. وأشار الشاعر الليبي إلى ما لاحظه من تجديد في الدورة الحالية للمهرجان الدولي لأيام قرطاج المسرحية المتمثلة حسب ما يقول في:" الحركة المسرحية الغنية بالإبداعات التي خلقت نفسا وشكلا جديدا في هذا المهرجان" الذي واكب بعض دوراته السابقة. في المقابل دعا كريم الوحيشي المشرفين على هذه التظاهرة إلى وضع مقترحات ليتم أخذها بعين الاعتبار في الدورات القادمة خاصة فيما يتعلق بالاستفادة من الأسماء والخبرات والتجارب العربية الكبيرة التي يستدعيها المهرجان بالتفكير في انجاز عمل مسرحي عربي كبير موحد يستعرض ويطرح قضايا الأمة والشعوب العربية والإنسانية جمعاء لأنه على يقين من قدرة الكتاب والمؤلفين والمبدعين المسرحيين على تقديم عمل متميز لأنه يعتبرهم خير وأفضل من يطرح هذه القضايا ويبلغ الرسائل التي عجز الساسة على تبليغها أو الإقناع بها. كما شدد كريم الوحيشي على وجود علاقة وثيقة بين النص المسرحي والقصيد حيث يقول :" يكتمل المشهد الإبداعي بالجمع بين المجالين وذلك إذا أحسنا توظيفهما على نحو فني وفكري وثقافي بغرض التميز والإبداع يعمل المبدعون على ترجمة النص الشعري إلى عروض مسرحية نظرا لثراء النص الشعري بالمصطلحات والمفردات والصور الشعرية والبلاغية لأنه نص وسيناريو يتحدث عن نفسه." مسرحة الشعر من مكاسب الثورات واعتبر الشاعر الليبي أن قريحة الشعر بدأت تتحسس طريقها نحو الانطلاق لإدراك مستوى الإبداع كغيرها من القطاعات والمجالات الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية في البلدان التي عصفت الثورات بأنظمتها الديكتاتورية لذلك يرى أن الكلمة الآن تحتاج إلى العديد من الوسائل لكي تصل إلى الجمهور فهو يعبرها رسالة يجب أن تكون هادفة ومتحررة ومجردة عن الهوى والميول الشخصية. وينبه كريم الوحيشي إلى الدور الكبير الموكول إلى الشعراء والأدباء في مرحلة إعادة بناء هذه الأنظمة الجديدة مثلما ما هو الشأن في بلاده التي تولي عناية خاصة بهذه الفئة من نخب ورموز الثقافة والفكر في ليبيا من منطلق أن الشعراء هم عادة المعبرون عن طموحات وآمال مجتمعاتهم فهو يعترف بالدور الكبير الذي لعبته هذه الفئة في دفع شباب ليبيا للتمرد والثورة على نظام القذافي حيث يقول في ذات الإطار :" الشاعر الوطني الحقيقي هو من يشعر بأن الوطن هو الأم والأب ويحمل قضاياه الكفيلة بالرقي به وتطويره." وأوضح أن بلاده تتميز بتنوع ثقافي كبير وبانفتاح على الخبرات الفكرية والعلمية في مختلف المجالات حيث يقول :" نأمل أن تكون هذه النخب طرفا في ليبيا الجديدة مساهمة في النماء والتطور لا سيما بالنسبة للكفاءات والمواهب الشابة التي لها من الوعي والمستوى الثقافي ما يؤهلها لذلك." واعتبر كريم الوحيشي أن توفر وتقارب الأرضية الجغرافية والحضارية والثقافية بين تونس وليبيا تعد من العوامل التي من شأنها أن تفتح أبواب التعاون بين البلدين من خلال مشروع ثقافي متميز يخدم قضايا الشعبين.