في أول حديث صحفي لرئيس الجمهورية المنصف المرزوقي بعث برسائل تطمينية الى الشعب التونسي مفادها أن "الترويكا" تمتلك جرعات صحية للاقتصاد التونسي، وهي جرعات مرتبطة بايقاف حمى الاحتجاجات والاعتصامات والإضرابات للستة أشهر القادمة، في الوقت الذي قدم فيه محافظ البنك المركزي مصطفى كمال النابلي تقريرا يقول أن الوضع الاقتصادي يتجه نحو مزيد التأزم... فهل ان تفاؤل رئيس الجمهورية في محله والستة أشهر القادمة كافية لتضميد جراح اقتصادنا الوطني؟ أم أن حديثه مبني على ثقة مفرطة؟ وماذا عن الدور الذي سيكون لدول الخليج في الفترة القادمة بما أنها مقترح اقتصادي للكتلة الفائزة في انتخابات التأسيسي؟ في تصريحه ل"الصباح" قال الخبير الاقتصادي حسين الديماسي أن "تقرير محافظ البنك المركزي منطقي أراد من خلاله لفت النظر الى الوضع الاقتصادي من أجل التسريع في المعالجة كما أن موقف رئيس الجمهورية سليم وموضوعي فالاقتصاد في حاجة الى هدنة تتخلص خلالها البلاد من وضعية الضغط الاحتجاجي".
ضرورة التدخل السريع
وبين أن ما يثير التخوف أمران وهما: "هل الدولة وجهازها قادران على تحقيق هذا الوعد أو الامنية التي صرح بها الرئيس؟ فالبلاد والوضع الاقتصادي الراهن يتطلبان الوضوح والحزم ولا تكفي الأماني أو الوعود فالمؤشرات الاقتصادية تستدعي تدخلا سريعا وتطبيقا للقانون من أجل فرض جو ملائم للنهوض بالاقتصاد". "والأمر الثاني هو ضرورة أن تتخلص جميع الأطراف قدر المستطاع من الهاجس الانتخابي لأن الاقتصاد لن يتقدم إن أبقى السياسيون على حساسياتهم السياسية والنظرة الحزبية الضيقة". وأضاف الديماسي أن مدة ستة أشهر التي حددها المنصف المرزوقي قد تكون فترة نقاهة لجسم الاقتصاد المريض يتم خلالها ايقاف تقدم المرض أي التأزم لكن دون عودة للاقتصاد الى حالته الطبيعية فمسألة تدارك الوضع وأخذ نفس جديد غير هينة.
عودة الاستثمار الخاص
وبين في نفس السياق أنه بعودة الاستثمار الخاص أهم منتج لفرص الشغل الحقيقية واسترجاع القطاع السياحي لحركيته بما أنه قطاع هام جدا وله وقع مختلف الأوجه للانتعاشة الاقتصادية من شأن الوضع أن يتحسن لكن دون أن يكون لنا آمال وهمية لأن هناك قطاعات لا يمكن أن تعود الى ما كانت عليه نظرا الى أنه تم اتلاف وسائل الانتاج على غرار القطاع المنجمي الذي أدت حالة التوتر فيه الى ضياع عدد من الحرفاء الجيدين. أما بالنسبة الى برنامج حركة النهضة الاقتصادي والميول الى دول الخليج فذكر حسين الديماسي أن "على الجميع ان يدرك أن القروض المتأتية من دول الخليج من شانها أن تساعد على ايقاف التأزم الاقتصادي وتكون وسيلة للتخفيف من الضغط ومورد بارز للعملة الصعبة ولكن لن تمثل الحل للأزمة الاقتصادية أبدا." وقال : "ومن الأوهام الكبرى الحديث على تغيير أوروبا التي تمثل 400 مليون مستهلك وأكثر المستهلكين لمنتوجاتنا بدول الخليج التي لا تهتم بمنتوجنا... ونأخذ على سبيل المثال زيت الزيتون أهم منتوج تصديري لتونس هو منتوج غير مستهلك من دول الخليج"... وأضاف "على امتداد قرون كانت أوروبا أهم حليف لتونس في الواردات والصادرات والاقتصاد لا يتحمل النظرة العاطفية كما لا يمكن أن نتحكم فيه باعتماد عصى سحرية تغير الوضعيات وتعدل الموازين".