وزير الخارجيّة يتحادث بنيويورك مع وزير خارجيّة سويسرا ومساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى    هيئة الانتخابات: بإمكان الناخبين في الخارج الاقتراع في اي مركز قريب من اماكن تواجدهم    عاجل : المنصري يعلن عن تفاصيل عملية الإعلان عن نتائج الرئاسية التونسية بالخارج والداخل    تونس تستضيف ولأول مرة منتدى الطاقة المتجددة في افريقيا يومي 6 و7 نوفمبر 2024    مبابي مهاجم ريال مدريد يعاني من إصابة عضلية    الجامعة التونسية لكرة السلة: إلغاء الجلسة العامة العادية الإنتخابية.    المهدية: شواطئ الشابة وسلقطة تلفظ 13 جثة لأفارقة من دول جنوب الصحراء    المهدية: القبض على مروج مخدرات بحوزته مواد مخدرة من الكوكايين والقنب الهندي    رسمي: انخفض ب 10 دنانير...هذا سعر تلقيح ''القريب''    تونس: أسعار جديدة للبطاطا    بلدية صفاقس:جلسة عمل لمواصلة التنسيق والإعداد لإنجاز مشروع الحديقة الذكية النموذجي "SMART GARDEN"    وزير الخارجية يؤكد على موقف تونس الثابت في الدفاع عن القضايا العربية    عاجل/ رفض الافراج عن كل من هذا الوزير الأسبق ونائب سابق بالبرلمان..    هذا سعر التلقيح ضدّ النزلة الموسمية..#خبر_عاجل    الافراج عن الطالبة مودة الجماعي    عاجل/ حزب الله يعلن مقتل هذا القائد في غارة صهيونية على ضاحية بيروت..    لجنة التشريع تواصل النظر في مقترح القانون المتعلق بتنقيح قانون الانتخابات والتصويت عليها    علماء يزرعون "شجرة مفقودة" ذكرت في الكتاب المقدس...تعرف عليها    سحب نوع من دواء ''أوڤمونتان'' من الصيدليات لهذه الأسباب    المجمع المهني للصناعات السينمائية يختتم يوم الخميس ورشات التفكير المخصصة لبحث مشروع إصلاح هيكلي للقطاع    كميات الأمطار المُسجلة اليوم    العثور على جثة كهل تتدلى من عمود كهربائي بهذه الجهة..#خبر_عاجل    التيكتوكوز ''وحش الكون'' وبناتها في قبضة الامن    الحماية المدنية:377 إصابة خلال 24ساعة.    الأرض تشهد كسوفا حلقيا للشمس ..وهذا موعده..    مفزع/بالأرقام: هذه حصيلة المحجوزات الديوانية خلال سنة 2024..    تسوية وضعية اغلب طلبة الدفعة الأولى من خريجي المرحلة التحضيرية المندمجة بالمدرسة الوطنية للمهندسين بمنوبة ( مدير المدرسة)    أقل الدول معرضة للمخاطر السيبرانية في العالم 2024    عاجل : أمريكا تعفي دولة عربية من'' الفيزا''    تونس: 1200 موقع واب فقط يعتمد الدفع الالكتروني    تونس تتجه نحو منوال تنمية مستحدث: الآفاق والانتظارات    مدعومة بتحسن الطلب: السياحة الدولية تستعيد نسق تطورها    الرابطة الأولى: تشكيلة إتحاد بن قردان في مواجهة النادي الصفاقسي    الرابطة الأولى: تشكيلة الترجي الرياضي في مواجهة مستقبل سليمان    وزير الصحة يدعو إلى تسريع إستكمال برامج الرقمنة الصحية    الارض تشهد كسوفا حلقيا للشمس يوم الأربعاء 2 أكتوبر 2024    أمن غذائي: نحو تعزيز آليات الدعم المالي لمنتجي الحبوب    الرابطة الأولى: برنامج مواجهات اليوم من الجولة الثانية ذهابا    2 أكتوبر: الأرض تشهد كسوفا حلقيا للشمس    الصين تختبر صاروخاً باليستياً عابراً للقارات فوق المحيط الهادي    أغلب التونسيين في لبنان يعملون كإطارات في قطاعات التعليم العالي والطب والخدمات والسياحة    اليوم..الارض تشهد كسوفا حلقيا للشمس    حالة الطقس اليوم الأربعاء 25 ديسمبر 2024..    الأمن، عمليات الترحيل وتجنيس الأجانب... أبرز مقترحات وزير الداخلية الفرنسي الجديد بخصوص الهجرة    حزب الله ينعى قائدا جديدا.. فمن هو إبراهيم قبيسي؟    إسبانيا.. "براد بيت مزيف" يحتال ب360 ألف دولار على امرأتين    متابعة تنفيذ توصيات لجنة التراث العالمي باليونسكو الخاصة بملف إدراج جزيرة جربة على لائحة التراث العالمي    الشاعر والروائي عبد الجبار العش في ذمة الله    كسوف حلقي للشمس يوم 2 أكتوبر 2024 : هل سيشاهده التونسيون ؟    فتح باب الترشح للمشاركة في الدورة السادسة لأيام قرطاج لفنون العرائس    سحب هذا المضاد الحيوي: هيئة الصيادلة توضّح    البطولة الوطنية المحترفة لكرة السلة: برنامج مباريات الجولة الثانية    ضحى العريبي :'' يا تلافز و يا اذاعات تونس معادش تكلموني ...و نظهر وقت نحب أنا ''    سرقة ''ألماس'' أحمد سعد في ايطاليا    متحور جديد من كورونا ينتشر بسرعة في 15 دولة    رفض تأخير توقيت هذه المباراة: التلفزة الوطنية توضح..#خبر_عاجل    الرابطة الاولى - حسام بولعراس يقود مباراة الملعب التونسي ونجم المتلوي ونضال بن لطيف حكما للقاء الاتحاد المنستيري والنجم الساحلي    المتحف الوطني بباردو: افتتاح معرض "صلامبو من فلوبار إلى قرطاج"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بروز «فاسدين جدد» وتهميش الشباب يقللان من مصداقية انتخابات «التأسيسي»
الصادق بن مهني أحد أبرز زعامات اليسار في السبعينات ل«الصباح»
نشر في الصباح يوم 15 - 10 - 2011

هل ينبغي أن توجد دوما أقلية «تغرد خارج السرب»؟ وهل يمكن أن نسمع اليوم سياسيين كانوا في المعارضة في عهدي بورقيبة وبن علي يفكرون في «مقاطعة» الانتخابات يوم 23 أكتوبر القادم رغم مشاركة حوالي 1500 قائمة فيها من «كل الالوان»؟
الاستاذ الصادق بن مهني القيادي اليساري البارز لحركة «العامل التونسي» اليسارية في السبعينات ورفيق حمه الهمامي في محاكمات 1973/1974 للقيادات الماركسية ووالد الناشطة «لينا بن مهني» (التي ترشحت لجائزة نوبل) طور موقفه من مساند متحمس لانتخابات التاسيسي الى معارض لها بقوة.. منتقدا «تعويم البلاد بالاحزاب والقائمات» وانتشار «فاسدين جدد» وتمييع ملفات «الفاسدين» المورطين في مرحلة ما قبل ثورة 14 جانفي؟
في هذا الحوار الصحفي مزيد من التفاصيل:

الصادق بن مهني كان من بين السجناء السياسيين البارزين في السبعينات.. وقد قضيت 6 اعوام بين سجون بورقيبة.. كيف تعيش اجواء التحضيرات لانتخابات 23 اكتوبر بعد عقود من «التهميش السياسي» للمعارضين قبل نوفمبر 1987 وبعده؟

طوال عمري وأنا أحلم بأن يجيء يوم أكتسب فيه حق الاقتراع وحق أن أمشي إلى صندوق الانتخابات واثق الخطوة وفي خيلاء وطمأنينة.
طوال عمري وأنا أحلم بأن أتيقن ذات انتخاب من أن الانتخاب انتخابٌ حق، وأن من واجبي أن لا أغبن لا نفسي ولا المترشحين ولا انتمائي بأن لا أسير إلى الصندوق.
ولكنني أنا المشرف على خريف العمر لم أحظ، لحد الساعة، ولو مرة بفرصة ولو نسبية، لأسهم في انتخابات وطنية أكون مقتنعا بجديتها، وسلامة طوية المشرفين على تنظيمها، ويكون فيها تنافس حق، وتخرج عن نطاق المهازل والمسخرات.
ففي، عهديْ الجمهورية الأولى لم تكن الانتخابات الوطنية إلا مسخرات سيئة الإخراج، لا تشعرك المشاركة فيها بأنك تحظى بحق المواطنة وتؤدي واجبها...
ثم قاطعتها أواخر العهد الثاني عهد السارق الباغي..
ورأيت في الامتناع أفضل منهج للتعبير عن عدم اصطفافي وتمسكي بمواطنة حقة وبانتخابات حرة، خصوصا أن تزوير الانتخابات كان يحول دون أن تحوز أية ممارسة أخرى مثل التصويت الأبيض أي اعتبار.

لكن ألم تتغير الأوضاع بعد 14 جانفي؟

بعد 14 جانفي 2011، انضممت، من موقعي كمواطن بسيط، إلى صف المنادين بجمهورية ثانية ونظام جديد، وناديتُ منذ الساعات الأولى إلى انتخابات تأسيسية.
تشهد لي على ذلك نقاشاتي في القصبة ووقوفي أمام أبواب مجلس النواب مع ثلة من المناضلين يوم مهزلة الاجتماع الأخير ل»نواب الأمة» الذين لم ينوبهم الناس أبدا، ثم لحاقي بنخبة من المواطنين تظاهروا قرب قصر قرطاج وقابل نواب عنهم الوزير الأول المؤقت حينذاك السيد محمد الغنوشي، وكان مطلبهم الأهم الإعلان عن انتخابات التأسيسي...
ولكنني إلى ذلك اخترت أن أنشط أولا وأساسا ضمن تعبيرات المجتمع المدني غير المتحزبة وغير المصطفة إيديولوجيا وسياسيا، وكمدون على الشبكة الإلكترونية، وعبر التدخل في وسائل الإعلام...

إغراق البلاد بالأحزا ب والقائمات

ما هي تحفظاتك الرئيسية إذن؟

لم أتوان أن أنتبه إلى زحف الزاحفين من هنا وهنالك الذين يسعون إلى ضرب التأسيسي: هذا بالعمل على إغراقه بالأحزاب والقائمات والقذرين، وذاك بتحقيره وتقزيمه والمناداة إلى انتخابات رئاسية على حدة، وإلى تقييد مهام المجلس التأسيسي باستفتاءات قدوها من أوهامهم ومن رغباتهم، وتلك أقصد السلطة المؤقتة التي لولا الشعب لما كانت تسعى إلى التعملق والتغول وتنصب نفسها جلالة فوق الجميع وملكةً للحق والفعل والثورة... وفي ذلك كتبت وتكلّمت... ولعل كثيرا مما شحذ فعلي هذا يكمن تفسيره في عبوري من اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الفساد والرشوة، التي قرأت فيها خيرا وحسبتها انطلاقة ونواة لعدالة انتقالية حقة فوجدتها «خدعة وخزعبلات» واستمرارا لعهد قديم يُقاوم زواله.
نقاط استفهام خطيرة؟

لكن البعض يعتبر أن المسار العام سليم وان الانتخابات ستعيد الشرعية الى مؤسسات الدولة والبلاد؟

كنت أعتقد ذلك لكن الأيام الأخيرة غذت لدي أسئلة هائلة: لماذا كل هذا التهالك على وفاقات سابقة لأوانها؟ ولماذا تم حل التجمع بذلك اليسر المذهل ولكن مع الامتناع عن أي فعل محاسبة وتجميع وثائق ومصادرة بينة؟ ولماذا تم القبول بتوالد كل هذه الأحزاب المتشابهة رغم أنها تقول بالمرجعية ذاتها وأن في قياداتها كثيرون ممن هم موضوع مساءلة وممن لا شك أنهم سيكونون موضوع مساءلة لو انتصبت في البلاد عدالة حقة؟
لماذا كل هذا التباطؤ في المحاكمات؟ ولماذا عطلت أعمال اللجنة التي تحقق في الانتهاكات؟ ولماذا يحرص الرئيس المؤقت على رعاية اللجنة التي من المفروض أنها تحقق في الفساد رغم أن أكثر من طرف وأكثر من هيئة وما يسود في الرأي العام لا يقبلون بها ويطعنون في عملها؟
ولماذا تحولت الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي إلى هيئة يكاد يحكمها فرد بصفة مطلقة، وإلى مهرجان خطابي لا فعل يرجى منه، وقبلت عن شبه طواعية بأن تقص أجنحتها وتقلم أظافرها وتقزم، ثم سارعت حثيثا إلى إنهاء وجودها؟

وماذا تم بعد تأجيل انتخابات التأسيسي خلال النصف الأول من شهر أوت من مناورات وتوافقات وتفاهمات ومقاسمات؟
ولماذا عادت عصا القمع الغليظة والهمجية وغازاتها السامة إلى الشوارع يوم 15 أوت واستهدفت أولا وأخيرا الشباب؟
ولماذا بدا أن لا شيء يهم من لا يزالون يسمون أنفسهم بالنخبة والقيادات سوى عدد الكراسي التي قد يحصلون عليها؟
ولماذا تهافت الغرب والشرق علينا بمستشاريهم وأموالهم وأذيالهم؟ ولماذا بدا بعض من التونسيين وكأنهم ورثة قارون؟ ولماذا نسي مناضلون قدامى أفكارهم ومقولاتهم وارتموا في أحضان المال لا يهمهم لا كيف تجمع ولا ما هواه؟ ولماذا سكتوا عن المعتدين والمتوعدين وشاحذي السكاكين المتَرصدين ببناتنا وحريتنا؟

الشباب لا ينتظر شيئا من الانتخابات؟

ألا تعتبر أن الانتخابات فرصة للشاب لفرض ممثليه في الحكومة القادمة؟

هذا السؤال وغيره من التساؤلات السابقة تنخر قناعتي بالانتخابات... ونظرة الشباب اليها.. والتي تكشف ان تيارا عريضا منه لا ينتظر شيئا كبيرا من الانتخابات..
لقد رافقت ابنتي (لينا بن مهني) »بنية تونسية «- إلى مهرجان الكتاب ب»موانس-سارتو» بجنوب فرنسا وسمعتها في حوار مع يوسف الصديق وستيفان هيسال وغيرهما، ثم في حوار مع يوسف الصديق وسارج مواتي تعبر عن مخاوفها ويأسها من الانتخابات وتؤكد أنها لم تعد تنتظر منها شيئا ولذا فهي لن تشارك فيها... ورأيت كيف كان رد فعل عديد الفرنسيين على ما قالته لينا رغم أنه من البين أنهم يعشقونها كثيرا ويحترمون نضالها كثيرا- مستغربا ومستنكرا وغير فاهم وكالمذهول: ففي الغرب يقدسون الانتخابات ويرون فيها واجبا وطنيا لا مناص من أدائه، ثم إنه يخيل إليهم أن أهم تجسيد لنجاح الثورة هو إجراء الانتخابات.
وحاورت «لينا»... ودافعت عن ضرورة المشاركة و»السير وراء السارق حتى باب المسكن» على رأي يوسف الصديق... وفكرت في أن الحل قد يكون في الورقة البيضاء كما قالته لي فرنسية أصلها من رادس ودرست بقرمبالية.

ظهور فاسدين جدد؟

الا ترى أن في موقفك نوع من «العدمية» والمبالغة؟

يحز في نفسي أن لا أسير إلى مكتب التصويت يوم الاقتراع وباختياري..
لكن شعاعا انطلق إلى وعيي فجأة و من حيث لا أدري وجعلني أتساءل: بتشكيلة القائمات التي عرفتها جدراننا هذه الأيام، وتحت وطأة الهيئات الرسمية المؤقتة التي تناست من نصبها وتعملقت وتغولت على الشعب وعادته، وفي ظل تهافت الأحزاب والمنظمات على خيالات نفوذ، وفي مناخ فاسد بتواصل الفساد والتستر على الفاسدين وبظهور فاسدين جدد وفساد جديد، ومع انعدام الشفافية وكثرة التحركات التي تجري وراء الحُجُب أو في الظل كما يقولون، هنا في تونس وخارج تونس، وحيث أن الصحافة لا تزال مثقلة بالمعرقلات أو في أيدي حريصين على العود إلى ما قبل 14 جانفي، وحيث يسكت غالبية من لهم مصلحة في انتقال ديمقراطي حقيقي من رجال أعمال ومستثمرين ومثقفين وجامعيين وطبقات وسطى وتقدميين، أو ينجرون إلى وهم يتشبّثون به، هل يصح أن نعتقد أن انتخابات التأسيسي ستجرى في مناخ سلمي وسليم، وأنها انتخابات نزيهة وشفافة، وأنها ليست ولن تكون مجرد مسخرة أخرى بنفسجية الوقع وإن تلونت بألوان الطيف جميعا؟ وهل يمكن أن ننتظر من 23 أكتوبر أن يكون يوم ميلاد تونس جديدة؟
وإذ كبر السؤال حتى ملأني فإنني أقول: من الأرجح أنني لن أقترع! أنا لن أنادي الناس إلى أن لا يقترعوا... ولكن من الأرجح أنني شخصيا لن أقترع!
.. أليس صحيحا أنه من الأفضل دائما أن تظل قلة «تغرد خارج السرب»؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.