لأول مرة منذ الاستقلال يشارك قرابة 30 ضابطا ساميا مباشرين من الجيوش الثلاثة البر والبحرية والطيران في لقاء نظمه مركز الدراسات المتوسطية والدولية مؤخرا في العاصمة تمحور حول موضوع تطور الجيوش بعد الثورات العربية تحت عنوان « نحو تصرف ومراقبة ديمقراطية». حضر هذا اللقاء إلى جانب جمعية قدماء ضباط الجيش الوطني أساتذة جامعيون وثلة من عناصر السلك الدبلوماسي ، كما حضر أشغال الملتقى عدد هام من إطارات الجيش المباشرين على اختلاف رتبهم السامية وانتماءاتهم، وتولى 9 محاضرين من جنسيات مختلفة من دول حوض البحر الأبيض المتوسط كتركيا، الجزائر، لبنان ،اسبانياوفرنسا إلقاء محاضرات مركزة على ميادين اختصاصهم وتجاربهم شفعت بنقاشات ومداخلات متمحورة حول الأطروحات والمواقف المعبّرة عنها في محاضرات الخبراء الدوليين الذين اثروا الحوار وسلطوا أضواء كاشفة عن رؤيتهم للثورات العربية. وقد تناول السيد عبد النور بن عنتر من الجزائر موضوع المراقبة الديمقراطية للجيوش في إطار الربيع العربي والسيد فيليب دروز فانسان من فرنسا الحديث عن ضرورة المراقبة الديمقراطية للجيوش في إطار ما بعد الفترة الانتقالية، وتساءل السيد ادوارد سولار من اسبانيا عن الهدف من المساعي المبذولة : «هل هي لحماية قوات الأمن أم هي مركزة على حماية الفترات الانتقالية الديمقراطية بالبحر الأبيض المتوسط ؟ أما السيد يزيد السايغ من لبنان فكانت محاضرته حول المراقبة الديمقراطية للجيوش ضرورة ملحة لكل النظم الديمقراطية، وتناول الفرنسي فرنسوا كوستيليار موضوع دور القوات المسلحة العربية في الثورات العربية : «هل هذا الدور ينبئ بعهد جديد لأطراف تقليدية؟» وتحدث التركي الأستاذ كوراي ازديل عن المراقبة الديمقراطية للجيوش : النموذج التركي. أما بالنسبة للمشاركة التونسية فقد كانت للعقيد ( م) أبو بكر بنكريّم الذي حلل خاصية الجيش التونسي بتسليط الأضواء على الطابع الجمهوري للفكر العسكري التونسي. وقد ركز كلمته حول الثقافة التي تلقنها الضابط التونسي عند تكوينه بالأكاديمية العسكرية وطوال حياته المهنية والمتمثلة في الوفاء للوطن والولاء للنظام الجمهوري وتلك هي قوة الجيش الوطني التونسي. وقد اشرف على إدارة مداولات هذا الملتقى الأستاذ احمد إدريس مدير المركز الذي تعود له فكرة تنظيم هذا الملتقى واختيار المحاضرين فيه على أساس الكفاءة والانتماء إلى مؤسسات دولية فاعلة في ميادين البحث والتحليل. وبالمناسبة صرح العقيد (م) البشير بن عيسى المدير السابق والمؤسس لمعهد الدفاع الوطني الذي تابع كل فعاليات الملتقى «للصباح» بان هذا الملتقى يعتبر مساهمة أولى لجمعية قدماء ضباط الجيش الوطني وتجربة ثرية في ميدان الفكر العسكري المحرر من رواسب الكبت في العقود السابقة حيث انه لم يكن بإمكان الجيش المشاركة في مثل هذه الملتقيات فما بالك بتنظيمها أو بالمشاركة الفعالة فيها وهو ما يبشر خيرا بمستقبل هذا التنظيم المدعو للم شمل الكفاءات العسكرية وشحذ عزائمهم في ميادين البحث والثوثيق الاستراتيجي أسوة بما يجري في النظم الديمقراطية في العالم».