اليوم : ساعة من أجل تونس نظيفة: وزارة البيئة تدعو الجميع للمشاركة    وكالة التحكم في الطاقة: عدد السيارات الكهربائية في تونس لا يتجاوز 150 ونهدف لبلوغ 5 آلاف سيارة سنة 2025    حالة ترقب في فرنسا بانتظار كشف ميشال بارنييه تشكيلته الحكومية    الدوري الفرنسي: نيس "يمزق" شباك سانت إتيان    تونس : قائمة الإنتدابات في اليوم الأخير للميركاتو    الطقس في تونس : أمطار خفيفة واعتدال في الطقس    حصيلة جديدة للغارة الإسرائيلية على ضاحية بيروت    الولايات المتحدة.. إضراب عمال بوينغ يدخل يومه الثامن    كأس الكاف - نهضة بركان المغربي يبلغ دور المجموعات عقب فوزه على دادجي البينيني (5-0)    نكسات حزب الله.. أبرز القياديين المستهدفين خلال أشهر    طقس السبت: ارتفاع في درجات الحرارة مع أمطار بهذه المناطق    حزب الله يؤكد استشهاد القيادي إبراهيم عقيل في غارة صهيونية    أخبار النادي الصّفاقسي ... الانتصار مع الاقناع    حكايات من الزمن الجميل .. اسماعيل ياسين... الضاحك الحزين(2 /2).. النهاية المأسوية !    في أجواء عراقية حميمة: تكريم لطفي بوشناق في اليوم الثقافي العراقي بالالكسو بتونس    في الذكرى الثالثة لوفاة المصور الكبير الحبيب هميمة...شقيقه رضا هميمة يصرخ: «انقذوا روح أخي من التجاهل والجحود والنكران»!    عادات وتقاليد: مزارات أولياء الله الصالحين...«الزردة»... مناسبة احتفالية... بطقوس دينية    بنزرت ماطر: العثور على جثّة طفل داخل حفرة    القبض على 'الملثّم' المتورط في السطو على بنك في الوردية    وضعية التزويد بمادة البيض وتأمين حاجيات السوق محور جلسة عمل وزارية    مسالك توزيع المواد الغذائية وموضوع الاعلاف وقطاع الفلاحة محاور لقاء سعيد بالمدوري    جيش الإحتلال: قصفنا اجتماعا تحت الأرض قاده عقيل مع قادة "الرضوان" في الضاحية الجنوبية لبيروت    طقس الليلة.. سحب كثيفة بعدد من المناطق    مركز النهوض بالصادرات ينظم النسخة الثانية من لقاءات صباحيات التصدير في الأقاليم من 27 سبتمبر الى 27 ديسمبر 2024    والي صفاقس يواكب مدى جاهزية بعض المؤسسات التكوينية    مريم الدباغ: هذا علاش اخترت زوجي التونسي    بالفيديو: مصطفى الدلّاجي ''هذا علاش نحب قيس سعيد''    تأجيل إضراب أعوان الديوان الوطني للبريد الذي كان مقررا لثلاثة أيام بداية من الاثنين القادم    بني خلاد: مرض يتسبّب في نفوق الأرانب    إحالة المترشح للرئاسة العياشي زمال و7 اشخاص آخرين، على المجلس الجناحي بالقيروان في 3 قضايا وتعيين جلسة يوم 23 سبتمبر    '' براكاج '' لسيارة تاكسي في الزهروني: الاطاحة بمنفذي العملية..    إيقاف شخصين بهذه الجهة بتهمة الاتجار بالقطع الأثرية..    الأولمبي الباجي: 10 لاعبين في طريقهم لتعزيز صفوف الفريق    عاجل/ المدير الفني لجامعة رفع الأثقال يكشف تفاصيل هروب 3 رباعين تونسيين في بطولة العالم بإسبانيا..    تأجيل الجلسة العامة الانتخابية لجامعة كرة السلة إلى موفى أكتوبر القادم    عاجل/ غارة بيروت: استشهاد 5 أطفال واستهداف قيادي بارز بحزب الله    غرفة الدواجن: السوق سجلت انفراجا في إمدادات اللحوم البيضاء والبيض في اليومين الاخيرين    زغوان: برمجة زراعة 1000 هكتار من الخضروات الشتوية و600 هكتار من الخضروات الآخر فصلية    رئاسيات 2024 : تسجيل30 نشاطا في إطار الحملة الإنتخابية و 6 مخالفات لمترشح وحيد    تونس: حجز بضائع مهرّبة فاقت قيمتها أكثر من مليار    فتح باب الترشح لجائزة الألكسو للإبداع والإبتكار التقني للباحثين الشبان في الوطن العربي    قفصة: إنطلاق الحملة الدعائية للمرشح قيس سعيد عبر الإتصال المباشر مع المواطنين    كأس الاتحاد الافريقي: النادي الصفاقسي والملعب التونسي من أجل بلوغ دور المجموعات    "دريم سيتي" يحل ضيفا على مهرجان الخريف بباريس بداية من اليوم    رم ع الصيدلية المركزية: "توفير الأدوية بنسبة 100% أمر صعب"..    السيرة الذاتية للرئيس المدير العام الجديد لمؤسسة التلفزة التونسية شكري بن نصير    أجهزة "البيجر" تايواني أم مجري؟ تصريحات رسمية تكذب شركة "غولد أبوللو" ..#خبر_عاجل    علماء يُطورون جهازا لعلاج مرض الزهايمر    رفض الإفراج عن الموقوفين على ذمة حادثة رفع علم تركيا فوق مبنى للشيمينو    ثامر حسني يفتتح مطعمه الجديد...هذا عنوانه    تحذير طبي: جدري القردة خارج نطاق السيطرة في إفريقيا    توزر: وضع حجر الأساس لانجاز المحطة الفولطوضوئية الجديدة بطاقة انتاج قدرها 50 "مغواط" بجانب المحطة الأولى    ارتفاع عائدات تونس من صادرات التمور    كظم الغيظ عبادة عظيمة...ادفع بالتي هي أحسن... !    والدك هو الأفضل    هام/ المتحور الجديد لكورونا: د. دغفوس يوضّح ويكشف    "من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر"...الفة يوسف    مصر.. التيجانية تعلق على اتهام أشهر شيوخها بالتحرش وتتبرأ منه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«مطلع الدراري في تنبيه نظر الشعب للقانون العقاري»

بقلم: الأزهر السمعلي ربما لا يعرف الكثير من التونسيين أن أول تونسي كتب في القانون العقاري بعد صدور أول قانون ينظمه، هو »الشيخ محمد بن عثمان بن محمد السنوسي« الذي ألف كتابا تحت عنوان: »مطلع الدراري في توجيه النظر الشرعي على القانون العقاري«. أراد صاحب هذا الكتاب أن يبحث في الأصول الفقهية لهذا الفرع من فروع القانون وأن يبحث عن الأساس في الشريعة الإسلامية التي يمكن أن تقوم عليها القواعد القانونية الجديدة.
ويعود تاريخ وضع هذا الكتاب إلى أواخر القرن التاسع عشر ولكن لو كان صاحبه بيننا اليوم لاختار له عنوانا آخر حتى ينبه الشعب لا إلى الأصول الفقهية للقانون العقاري ولكن لما تأصل من فساد في أهم إدارة تونسية تشرف على الملكية العقارية.
لا يتسع المقام هنا للحديث عن كل ما حصل داخل هذه الإدارة على مدى عقود من الزمن، ولكن لا بد من التركيز في هذه المرحلة من تاريخ تونس ومن تاريخ هذه الإدارة على الاعتصام الأخير لأعوانها.
يبدو للملاحظ من خارج إدارة الملكية العقارية أن الأسباب التي أدت إلى الاعتصام المفتوح الذي تواصل منذ تاريخ 18 جويلية الماضي هي أسباب نقابية محضة. فقد تم التركيز في الرسالة التي توجه بها مسؤولو إدارة الملكية العقارية إلى الوزير الأول بتاريخ 16 جويلية 2011، على ضرورة مراجعة مقتضيات الفصلين الخامس والسادس من المرسوم عدد 56 لسنة 2011 المؤرخ في 25 جوان 2011 المتعلق بقانون المالية لسنة 2011، علما وأن الفصل الخامس من هذا المرسوم يقضي بإحالة مبلغ 140.000.000 دينار من موارد إدارة الملكية العقارية لفائدة ميزانية الدولة في حين ينص الفصل السادس من نفس النص على تحويل نسبة 30% من المداخيل المتأتية من توظيف المعلوم النّسبي المستخلص عند كل عملية ترسيم بالسجل العقاري لفائدة ميزانية الدولة أيضا.
ويبرر دعاة الاعتصام ومنفذوه احتجاجهم بجملة من العناصر التي تبدو في الظاهر موضوعية بناء على الأرقام التي قدموها، كما تبرز في الظاهر ولكن في الظاهر فقط أيضا كرد فعل ضد إجراء اتخذته حكومة غير شرعية تواجه مدا ثوريا في كافة القطاعات بما في ذلك إدارة الملكية العقارية.
ولكن المد الذي يظهر ثوريا هو نقيض الثورة تماما، فهو ليس مدا بل جذبا إلى الوراء ومحاولة بائسة للإبقاء على الأوضاع التي لن يستفيد منها سوى من استفادوا في السابق من الفساد من خارج إدارة الملكية العقارية ومن يتشبثون بتقديم الخدمات لهم داخلها. فالمفسدون مازالوا مصرين على الفساد ولكن تحت عباءة الثورة هذه المرة.
ومن بين أبرز الأدلة على الوضع الذي بدأ الشعب التونسي يألفه هذه الأيام هو رفض عدد من الأعوان الذين تحولوا إلى »ثوريين«، لتعيين السيد أحمد الحافي وهو قاض من الرتبة الثالثة (كانت آخر خطة له بإدارة المصالح العدلية مدع عام) حافظا للملكية العقارية، فهو في نظرهم من خارج الإدارة، ولأنه كذلك سيكون عقبة أمام توزيع المسؤوليات داخلها على أسس عائلية بل وجهوية أحيانا. وهكذا، تصير الكفاءة ضربا للثورة وتتحول النزاهة جذبا إلى الوراء.
ويكفي دليلا على هذه الثورية الجديدة هذه الأيام التكتم على ملفين من جملة ملفات عديدة، أحدهما يتعلق بالفساد بالإدارة الجهوية للملكية العقارية بباجة والثاني ولا يقل فسادا عن الأول يتصل بالتلاعب بالأوضاع العقارية في ولاية بن عروس. فهذان الملفان جاهزان منذ أواخر سنة 2010. ولكن جاءت الثورة وبعدها الإضراب وعلى إثره الاعتصام ومازالا رابضين في أدراج المسؤولين »الثوريين«.
ويكفي دليلا كذلك على هذا المسار الثوري لمسؤولي إدارة الملكية العقارية نذكر ولاء حافظ الملكية العقارية السابق للقصر وحرصه شخصيا على تحرير العقود المتصلة خاصة بفساد المخلوع وعائلته وأصهاره. وكذلك تلاعب المدير العام للدراسات القانونية والنزاعات الذي تم تكليفه بنيابة حافظ الملكية العقارية، بالقرارات المصادق عليها قبل الثورة بإيعاز من المدير العام للمصالح المشتركة وهو رئيس الشعبة المهنية التي كانت قائمة ويبدو لا تزال، ولكن تحت عباءة الثورة والاحتجاج هذه الأيام.
هكذا تتحقق أهداف الثورة في إدارة الملكية العقارية، ولعل وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية في حاجة إلى فتاوى جده حتى يفهم هذا الانقلاب في المواقع وهذا الانقلاب في المفاهيم. فمن يعطل مصالح المواطنين صار هو الثوري الحقيقي ومن تلاعب بالحقوق وتواطأ مع المفسدين صار رمزا للطهارة والبراءة، بل هو الذي يوزع صكوك البراءة والغفران.
لو كان «الشيخ عظوم القيرواني» على قيد الحياة هذه الأيام لأفتى بمحاسبتهم أشد الحساب، ولو كان «الشيخ محمد عثمان السنوسي» بيننا بعد ثورة 14 جانفي 2011، لغير عنوان كتابه «مطلع الدراري في توجيه النظر الشرعي على القانون العقاري»، حتى ينبه الشعب التونسي إلى أن الدراري تطلع هذه الأيام على رموز الأيام التي خلناها بائدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.