كمال بن يونس تقف تونس اليوم مجددا في مفترق طرق خطير جدا سياسيا وأمنيا واقتصاديا واجتماعيا.. مفترق تعمقت فيه الهوة بين بعض الفرقاء السياسيين في مرحلة تجاوز فيها عدد الأحزاب القانونية المائة، غالبيتها الساحقة ليست ممثلة في الهيئة العليا لحماية الثورة التي أنشئت أساسا بمبادرة من قيادات نقابية وممثلين ل12 حركة وحزب سياسي.. وفي الوقت الذي تعاقبت فيه التحركات الاحتجاحية في عدد من المدن التونسية من الشمال إلى الجنوب سجلت للاسف حوادث عنف أصيب في بعضها شبان وأعوان أمن بجراح فيما تأكدت على الأقل وفاة طفل في الرابعة عشرة من عمره في سيدي بوزيد التي عادت إليها مسيرات الغضب والاحتجاج أمس.. وكان من الإيجابي أن يطمئن الوزير الأول الباجي قائد السبسي أمس الشباب والرأي العام الوطني والعالمي حول عزم الحكومة على تنظيم الانتخابات في موعدها في 23 أكتوبر وأن ينتقد الفئات التي اتهمها بالتطرف والتي أورد أن هدفها من الحث على الاضطرابات تعطيل المسار الانتخابي. لكن خطاب الوزير الأول على أهميته غفل عن جوهر الإزمة القديمة الجديدة في تونس وهي بطالة الشباب وما يعانيه شباب تونس من تهميش وانسداد آفاق.. وكان خطاب السبسي سيكون مقنعا أكثر لو انتقد بعض مظاهر الإفراط في استخدام العنف ضد الشباب المتظاهر منذ يوم الجمعة الماضي في عدد من المدن التونسية مما تسبب في سقوط قتيل على الأقل وجرحى من الجانبين.. كما كان خطاب الحكومة سيقنع أكثر لو أكد الوزير الأول على مكاسب الثورة ومن بينها حق الجميع في التعبير والتجمع والتظاهر وفي الاعتصام مع مطالبة الأطراف التي تسعى إلى تنظيم التجمعات والاعتصامات بأن تبرمج تحركاتها في ساحات لا يتسبب تجمهر المواطنيين فيها في تعطيل حركة المرور والدورة الاقتصادية الاجتماعية شبه المشلولة أصلا.. إن الشباب ينتظر فتح آفاق رحبة أمامه.. ويريد إصلاحا فوريا وحلولا عاجلة لمشكلة البطالة وللملفات التي تراكمت في العقود الماضية بسبب استفحال الفساد والرشوة والاستبداد.. وإذا لم تفتح هذه الآفاق سيلفظ الشباب الحكومة والأحزاب وكل "المتسابقين على الكراسي" في الانتخابات وقبلها..