تم ظهر أمس بعد صلاة الجمعة تفريق مظاهرة سلمية بالقنابل المسيلة للدموع من قبل قوات الأمن خلال دقائق معدودات من اجتماع مئات النشطاء قد توجّهوا إلى ساحة القصبة ليطلقوا اعتصام "القصبة 3"، امتثالا لشعار رفعوه في اعتصام القصبة 2 "إن عدتم عدنا". وخلافا لما روّج في الأوساط الأمنية من أن حالة من الفوضى قد دبت بين الأسواق انطلاقا من باب الجديد في اتجاه القصبة من قبل مجموعة من المواطنين رافضة لاعتصام القصبة الثالث، فان المسيرة انطلقت سلمية ولم تشهد ممرات الأسواق ولا حتى شارع الحبيب بورقيبة أية تحركات احتجاجية بل بالعكس كانت الأوضاع عادية جدا. ومنذ الساعة التاسعة صباحا شهد الشارع الرئيسي بالعاصمة حركية عادية حتى بالنسبة إلى المنتصبين "فوضويا" وإلى المواطنين الذين كانوا يجوبون الشوارع دون أية رهبة أو خوف وسط تعزيزات أمنية تزداد بصفة تدريجية لتصبح مكثفة في حدود الساعة الواحدة بعد الظهر خاصة بالقصبة. وقد رُفعت لافتات، وان قل عددها، لخصت مطالب المتظاهرين المتمحورة حول "محاسبة قتلة الشهداء" و"الشعب يريد إسقاط الحبيب الصيد" و"حق التعبير واجب" و"لا خوف ولا رعب..السيادة بيد الشعب" أضف إلى ذلك المناداة "بإعادة النظر في هيكلة الهيئة العليا لحماية الثورة" إلا أن هذه الشعارات قوبلت بردة فعل عنيفة شملت حتى الصحفيين، فقد اعتدى عدد من رجال الأمن قاربوا الثمانية أشخاص وبالعنف الشديد على الصحفي الأسعد المحمودي بعدما اقتادوه إلى حافلة لينهالوا عليه لكما وضربا وشتما. كر وفر وقد ارتأى منظمو الاعتصام بأن يحملوا ورودا تعبيرا عن سلمية التظاهر ووزعوها على المجتمعين أمام قصر العدالة بشارع باب البنات ولكنهم منعوا بدورهم من التقدم في اتجاه القصبة وفرّقوا بالقنابل المسيلة للدموع. وعاش المتظاهرون من عائلات الشهداء والشباب ومن المستقلين أجواء كر وفر، فقد فرقتهم قوات الأمن ليهربوا في اتجاه شارع 9 أفريل ولاحقتهم أمام وزارة الثقافة بالقنابل المسيلة للدموع والسيارات، رغم ذلك أصر بعض المتظاهرين على عدم المغادرة واستلقوا على الأرض ولكنهم عنفوا. وقد تواصلت المواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن عشية أمس لتشمل نهج دار الجلد ونهج القصبة المؤدّيين إلى ساحة القصبة فتم إغلاقهما بحواجز حديدية، كما استعملت القنابل المسيلة للدموع داخل حيّ الملاسين، مما تسبب في حالة هلع لدى السكان. وتواصلت عمليات التمشيط على مستوى شارع 9 أفريل إضافة إلى اعتقالات لعدد من المشاركين وتعنيف والإعتداء على 10 صحفيين. بيان نقابة الصحفيين أصدرت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين بيانا نددت بالإعتداءات المتكررة التي يتعرض لها الزملاء ماديا ولفظيا من قبل أعوان الأمن وهم نسرين علوش من جوهرة أف أم، شاكر بسباس من إذاعة موزاييك، خولة السليتي من راديو6، أماني فطح الله من الرأي، بشير الصغايري من إذاعة الشباب، الأسعد المحمودي من تونسنا، ورضا التمام البناء نيوز، مروان فرحاني من صحيفة الأولى، هاجر المطيري وبسام البرقاوي من صحيفة الساعة الإلكترونية. وأعلنت النقابة في بيانها اعتزامها "إطلاق حملة إعلامية للتشهير بكل الأساليب القمعية التي يتعرض لها الصحفيون وتنظيم وقفة احتجاجية بمقر النقابة يوم الإثنين 18 جويلية على الساعة العاشرة صباحا وتوجيه تظلم للإتحاد الدولي للصحفيين ورفع دعوة قضائية ضد وزير الداخلية وكل ما ستكشف عنه الأبحاث". وتجدر الإشارة إلى أنه قبيل صلاة عصر أمس تسارعت الأحداث بشكل درامي وتمت معاينة بعض الإنشقاق داخل صفوف أعوان الأمن بانضمام أحدهم إلى المحتجين رافعا ورقة كتب عليها "يحيا الشعب" قبل أن يتبعه آخر غير أن زملاءه منعوه بالقوة. إيمان عبد اللطيف
مطالب المعتصمين.. وتبرير الداخلية أوضح أمان الله منصور، صاحب ماجستير في التحكم في المنظومات الصناعية كان قد شارك في القصبة 1و2 وهو أحد المنسقين لتحرك القصبة 3، أن مطالب المعتصمين تتلخص في هيكلة الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والانتقال الديمقراطي والإصلاح السياسي والتوجه نحو تشريك الشباب في الحياة السياسية مع رفض أي تدخل أجنبي في السياسة التونسية الداخلية، كما أنهم يعتبرون الديون الضخمة طريق لخلق تبعية اقتصادية والمس من استقلالية القرار السياسي التونسي، وأضاف أمان الله أنه من الضروري تطهير وزارتي العدل والداخلية والإلتزام بموعد اجراء الإنتخابات المجلس التأسيسي يوم 23 جويلية القادم. وأكد منصور أن القصبة 3 هي استئناف للقصبة 2 الذي علق ولم ينته وكانت رسالته واضحة "ان عدتم عدنا". وبالنسبة لما يروج حول وقوف حزب سياسي ما، وراء تحرك اعتصام القصبة 3 أكد نفس المصدر أن ذلك يعتبر "إشاعة لتشويه الاعتصام" وأضاف أن العدد الجملي لمجموع المعتصمين كان في حدود بضع مئات أغلبهم شباب ناشط على الصفحات الاجتماعية وهم أعضاء في اتحاد صفحات الثورة يعتبرون مطالبهم شرعية ولا مبرر للقمع الذي مارسته قوات الأمن على المحتجين من أجل منعهم من الاعتصام في القصبة. من جانبه أفاد هشام المؤدب مكلف بمهمة في وزارة الداخلية ومسؤول على الإعلام، أن التدخل الأمني واستعمال الغاز المسيل للدموع كان نتيجة فوضى واقتحام مجموعة متكونة من 40 فردا جامعا بجهة القصبة مما أدى إلى تشابك بينهم وبين أهالي منطقة باب جديد وأسواق المدينة العتيقة وأضاف أنه كان من المفروض تقدم الجهة المنظمة للقصبة 3 بإعلام للسلطات الأمنية بشأن تحركهم الاحتجاجي.. وقال أن التواجد الأمني بالمدينة العتيقة وحول ساحة الحكومة لم يكن استثنائيا يوم أمس بل هو نسيج أمني عادي..وكان تحركه تبعا للمستجدات بالمنطقة وبهدف الحفاظ على الأمن العام. ريم سوودي
توضيح من وزارة الداخلية بشأن أحداث اعتصام بالقصبة 3 تونس( وات) جاء في بلاغ صادر امس الجمعة عن وزارة الداخلية أن عددا من تجار مناطق باب البحر ونهج القصبة وباب بنات وباب الجزيرة مع عدد من المواطنين المنتمين للمناطق المجاورة للعاصمة عبروا عن رفضهم لاي اعتصام في القصبة وذلك على خلفية الدعوة التي تم توجيهها على الصفحات الاجتماعية والانترنت للخروج اثر صلاة الجمعة والتوجه الى القصبة في اطار ما أسموه اعتصام العودة مؤكدين رفضهم التام للاعتصام المنتظر لما فيه من خراب مؤكد لارزاقهم. وأضاف البلاغ أنهم قاموا بتشكيل لجان بالاحياء المجاورة للقصبة لمنع أي تعطيل لاعمالهم وأكدوا أنهم سيستعملون كل الطرق لمنع تعطيل الزوار من الوصول لمتاجرهم. وقالت الوزارة في بلاغها انه تفاديا لاي اصطدام محتمل بين التجار ومتساكني الجهة من ناحية وبعض من الشباب المتظاهرين من ناحية أخرى تم تركيز وحدات أمنية للفصل بينهما.كما ورد في البلاغ ايضا أن مجموعة من الشباب قد تجمعت على مستوى وزارة الدفاع وقاموا بقذف الحجارة في اتجاه ساحة القصبة واقتحموا المسجد المحاذي للوزارة مما تسبب في أضرار للبعض من السيارات الراسية واصابة البعض من المواطنين وهو ما استوجب تدخلا عاديا لقوات الامن لابعادهم وتفريقهم.