بقلم: المنجي غريبي مصادقة مجلس الوزراء الخميس 23 جوان الجاري على مشروع المرسوم المنظم لمهنةالمحاماة، هو الحلقة الأولى من سلسلة المراسيم التي تهم "منظومة السلطة القضائية" التي يبدو أن الحكومة المؤقتة حريصة على إعادة تنظيمها لأهميتها في هذه المرحلة الإنتقالية، وهي مرحلة تقتضي تغيير آليات العمل القضائي وتخليصه مما قد يعطله من تقديم أفضل الأداء للمساهمة في بناء المرحلة الجديدة. وإن كانت البداية بالمحاماة، فإن ذلك أملته جاهزية المشروع الذي عملت هياكل المحاماة على إعداده قبل 14 جانفي الماضي وساهمت فيه أكثر من عمادة ليكتمل، بعد نقاشات ومجادلات ساهمت فيها حتى الأطراف غير المعنية مباشرة بشأن المحاماة. وقد تم الأخذ بعين الإعتبار قبل وعند عرض المشروع على مجلس الوزراء، مختلف الملاحظات والإنتقادات، ويكفي الرجوع إلى المشروع الأصلي المقدم للجهات المعنية، كي يتبين المتابع مختلف التنقيحات. أما بقية المشاريع، التي كانت محل مطالبة، نجد مشروع القانون الأساسي للقضاة، الذي تم إعداده في قالب مرسوم وتم تداوله لدى اللجان المختصة وعرض على جمعية القضاة التونسيين ونقابة القضاة، وقد يكون إطلع المتابعون على رأي الهيكلين فيه من خلال ما نشر ونقل في بعض منابر الصحافة والإعلام. كما تم إعداد مشروع لمرسوم يتعلق بتنظيم مهنة عدول الإشهاد، وتكونت لجنة للغرض، قد يكون إنسحب منها ممثل عدول الإشهاد لأسباب يضيق المجال لإستعراضها. وفي نفس الإطار تم فتح الحوار مع العدول المنفذين قصد تكوين لجنة لتقديم مشروعهم ، وتعطل بسبب مسائل شكلية، كما تم التعرف على إنتظارات المستشارين الجبائيين والخبراء سواء على مستوى وزارة العدل أوعلى مستوى الوزارة الأولى. فكل هذا يكشف ملامح التمشي الذي يبدو مندرجا في إطار إصلاح "منظومة السلطة القضائية" الشاملة. وللتذكير فقد سبقت الدعوة في هذا الركن وفي تعاليق ومقالات سابقة إلى ضرورة جلوس كل الأطراف المعنية إلى طاولة التحاور حول إصلاح شامل للقضاء يتجاوز بعض الإصلاحات الترتيبية والتنظيمية، إلى مراجعة النظام القضائي ككل. ولكن يبدوأن إختلاف "الأجندات الخاصة"، وطغيان خيار الدفاع كل طرف عن شأنه "الخصوصي" من خلال تحجيم ما يسعى إليه الطرف الآخر، جعل مطالب القضاة وعدول الإشهاد وغيرهم ، تتوقف في مساعي تعطيل المشروع الإصلاحي للمحاماة، في مسائل تعتبرها ماسة بمصالحها، دون الإنكباب على توحيد رؤاها وكيفية دراسة مشاريعها وتقديم مقترحاتها "الشاملة"، ودون البحث عن سبل الحوار الناجع والناجز. وفي إنتطار تحقيق "الثورة" في الأذهان على مدى سنوات لن تكون قصيرة، يقتضي الأمر القيام بالإصلاحات في كل المجالات. والهياكل والأجهزة الموجودة مهما إختلف الأطراف في تحديد مهامها، تبقى مطالبة بالعمل وتسيير دواليب الدولة، في إتجاه تغيير السائد. وإذا كانت إرادة الإصلاح متوفرة، (مهما كانت نسبيتها) فعلى كل من يسعى إلى المساهمة في تغيير الأوضاع، أن يسهم في ذلك، إنطلاقا من طموحاته وحيز نشاطه وعمله، وأن يستميت في الدفاع عن مشروعية مشاريعه مع مراعاة مصلحة البلاد وبعيدا عن رجم النوايا والعباد.