آسيا العتروس دعوة الامين العام للحلف الاطلسي راسموسين أمس في اختتام اجتماع وزراء الدفاع في بروكسيل للانطلاق في التفكير بالخطط المستقبلية لليبيا ما بعد رحيل نظام القذافي يجب أن تكون مرفوضة شكلا ومضمونا. فمستقبل ليبيا ليس بضاعة تصنع في مختبرات الوزارات الاوروبية أو جهازا يستورد من مراكز الدراسات والبحوث، واذا كان الشعب الليبي اضطر مكرها لطلب مساعدة الغرب في ازاحة القذافي الذي جعل من جرائم الاغتصاب الجماعي سلاحا اخر يمعن بمقتضاه في اذلال شعبه فان ذلك لا يلزم الشعب الليبي بالتنازل عن حقه في أن يكون سيدا على أرضه وفي وطنه... ومهمة الاطلسي العسكرية لحماية الشعب الليبي من شرور العقيد لا تمنحه بأي حال من الاحوال الحق في تحديد أو تخطيط مستقبل ليبيا الذي يعود أمره للشعب الليبي وحده دون غيره تقرير المصير الذي يختاره بعد أن أعلن التمرد على نظام العقيد الذي تحمل أذاه على مدى أكثر من أربعة عقود لم يعرف معها زعيما غيره فقبل بذلك التحدي وهو الذي خبر طوال اثنين وأربعين عاما كل معاني التهميش والاقصاء والاذلال والتحقيرلاجيال متعاقبة في ليبيا. ولعله من المهم أن نذكر ايضا أن هذا الشعب من دفع ويدفع ثمن ثورته من دماء وأرواح أبنائه وشبابه. بل ان في اصرار وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون على تجديد الدعوة في افتتاح أشغال الاجتماع الثالث لمجموعة الاتصال حول ليبيا في أبو ظبي ما يدعو صراحة لرفض كل المحاولات لمصادرة حق الشعب الليبي في تقرير مصيره بعد القذافي الان وقد بات واضحا أن السؤال المطروح لم يعد ما اذا كان القذافي سيرحل ولكن متى سيكون ذلك والارجح أن فرص القذافي للبقاء والاستمرار معدومة بعد أن أجمع العالم على رفضه. وحقيقة أن نهاية العقيد باتت وشيكة أمر لا يختلف بشأنه اثنان ولا يحتاج أدلة واثباتات. صحيح أن الاطلسي من يتولى ادارة العمليات العسكرية في ليبيا بقرار أممي وبطلب من الشعب الليبي الذي لا يمتلك ما يكفي من الوسائل والامكانيات لحماية نفسه من قوات القذافي ومرتزقته ولكن الاكيد أن للمعارضة الليبية دورها في استمرار وتوجيه عمليات الحلف..لقد اكتشف الرأي العام الدولي وعلى مدى أشهر الانتفاضة الليبية وجها جديدا لفئة من الشعب الليبي ومن تلك النخبة التي لم يكن يعرف عنها القليل أو الكثير من اعلاميين أو سياسيين أو مدونين أو معارضين في الخارج من الجنسين بعيدا عن مهاترات القذافي وصرعاته وهلوسته و"زنقاته" وهي الفئة التي نجحت حتى الان في اسقاط تلك الصورة المثيرة للسخرية والاستهزاء عن الشعب الليبي وكسر الافكار المسبقة التي كانت دوما مستوحاة من خطب العقيد وأفكاره وتصوراته الغريبة لتجعل من الشعب الليبي شأنه شأن بقية الشعوب العربية المستكينة أشبه بالقطعان في مزارع الحكام. وبعد أن تمكن شباب ليبيون في الداخل كما في المهجر من اختراق المشهد الاعلامي وتبليغ أصواتهم الثائرة الى المجتمع الدولي عبر المواقع الاجتماعية كما عبر فضائيات ليبية جديدة تبث من بنغازي ومن لندن ما يؤكد أن في هذا البلد شعبا يمتلك من الثقافة وسعة الاطلاع والارادة ولاسيما من الوطنية الصادقة ما يكفي لرفض كل أنواع الوصاية لتولى مسؤولية تقرير مستقبله بعيدا عن هيمنة العقيد وفساد قبيلته.. كوارث العالم العربي ومعاناته مع ظلم الحكام واستبدادهم يحمل أكثر من وجه في غياب ثقافة حكم القانون فكل حاكم يتولى السلطة يعتقد أنها لا تزول وأنه أفضل من يسود .أما دولة المواطنة والتداول على السلطة فتلك مفاهيم بعيدة عن أذهان الحكام العرب من سقط منهم أومن بات يتجه الى السقوط وهو يعتقد بأنه محصن من مصير سابقيه..ان شمس الحرية التي أشرقت من الغرب لن يكتمل نورها الا باستعادة الشعوب الثائرة زمام أمورها وخروجها من دائرة عقلية التواكل والسلبية لتكون المخطط والمقرر والمنفذ لمستقبل أجيالها القادمة بعد أن أدركت معنى الحرية وثمن الكرامة... [email protected]