القاهرة وكالات دخلت المواجهة بين النظام الحاكم في مصر وجماهير المحتجين المطالبين برحيله عن السلطة منعرجا خطيرا مع اندلاع اشتباكات عنيفة أمس في ميدان التحرير بالقاهرة بين جموع المحتجين ومتظاهرين مؤيدين للرئيس المصري حسني مبارك وذلك غداة إعلان الأخير في ثاني كلمة تلفزيونية يلقيها منذ بدء الانتفاضة الشعبية على نظام حكمه إصراره على إكمال مدته الرئاسية الحالية والتي تنتهي في سبتمبر المقبل. وحسبما أفاد مراسلون صحافيون في القاهرة، فقد سمعت بعد ظهر أمس أصوات أعيرة نارية مصدرها أسلحة آلية أثناء الاشتباكات مشيرين إلى سقوط عدد من القتلى لم يحدد بعد وحوالي 500 جريح، مشيرين إلى أن المتظاهرين المؤيدين لمبارك قدموا على متن خيول يحملون هراوات وأسلحة بيضاء من سيوف وسكاكين واستخدموا القنابل الحارقة ضد المتظاهرين المحتجين في ميدان التحرير، وكان بينهم رجال شرطة بلباس مدني وقد تم القبض على العديد منهم حيث عثر لديهم على وثائق تفضح هوياتهم الأمنية. وجرت المصادمات العنيفة دون تدخل الجيش الذي لم يحرك ساكناً وسط اختفاء عناصر الشرطة من المنطقة، في تصاعد خطير للاحتجاجات القائمة منذ أكثر من أسبوع. وأشار المراسلون إلى أن الاشتباكات بدأت بتراشق بالحجارة بين الجانبين. وعمد متظاهرون لانتزاع قطع الاسفلت والحجارة من الشوارع لاستخدامها كأسلحة في مواجهة الطرف الآخر. وشوهد ما بين 50 إلى شخصاً على متن خيول يحملون هراوات، من المسيرة المؤيدة وبحراسة عناصر أمنية بملابس مدنية، وهم ينهالون ضرباً على بعض المتظاهرين قبيل التمكن من أحدهم أوسعه المتظاهرون ضرباً. وكان الرئيس مبارك اعتبر في كلمته الليلة قبل الماضية ان المعارضة رفضت الحوار وقال ان مسؤوليته الاولى الآن هي استعادة امن الوطن واستقراره لتحقيق الانتقال السلمي للسلطة في اجواء تتيح تسليم المسؤولية لمن يختاره الشعب في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وتابع يقول: "لم اكن انتوي الترشح لرئاسة جديدة وانني حريص الآن على ان أختتم عملي من اجل الوطن بشكل يضمن تسليمه ومصر آمنة ومستقرة وبشكل يحفظ الشرعية والدستور".
دعوات للجيش للتدخل
في ضوء هذه التطورات، دعت عدة شخصيات عامة مصرية أمس "المؤسسة العسكرية المصرية الى ضمان امن وسلامة شباب مصر المتجمع للتظاهر السلمي في ميدان التحرير وغيره من من شوارع وميادين المدن المصرية". واكد البيان الذي وقعه خصوصا رجل الاعمال نجيب ساويرس وسفير مصر السابق لدى الاممالمتحدة نبيل العربي والكاتب سلامة احمد سلامة ان "العنف الذي تشهده بعض شوارع مصر الان لن يؤدي الا الى المزيد من الاحتقان السياسي وانسداد اي افق لانفراج الازمة الراهنة". كما وقع البيان الناشر ابراهيم المعلم والوزير السابق احمد كمال ابو المجد وعدد من الباحثين من بينهم عمرو حمزاوي وعمر الشبكي وجميل مطر. وتابع البيان "اننا نعقد الامل على المؤسسة العسكرية للخروج بالوطن والمواطنين من هذه الازمة وانقاذ ارواح شباب مصر".
البرادعي: "نظام إجرامي"
يأتي ذلك فيما اتهم الزعيم المصري المعارض محمد البرادعي الحكومة باستخدام "أساليب ترويع" بعد الاشتباكات التي وقعت في القاهرة بين معارضي ومؤيدي الرئيس المصري حسني مبارك. وقال في مقابلة مع هيئة الاذاعة البريطانية (بي.بي.سي) " أشعر بقلق بالغ.. أعني ان هذا هو علامة ومؤشر على نظام إجرامي يلجأ الى افعال اجرامية... خوفي ان يتحول الامر الى عمليات سفك دماء". وكرر مطالبة مبارك بالرحيل. في غضون ذلك، أعلن احد قيادات حركة الاحتجاج المطالبة باسقاط حسني مبارك ان المتظاهرين مصرون على دعوتهم الى تظاهرات حاشدة الجمعة المقبل التي اطلقوا عليها "جمعة الرحيل" ويدرسون التوجه الى قصر الرئاسة.
هروب إلى الأمام
يذكر أن المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية كان قد رد في وقت سابق على دعوات جهات أجنبية الى "مرحلة انتقالية تبدأ الآن" بالقول أنها أمر "مرفوض ويهدف الى تاجيج الوضع الداخلي" في مصر. وكان الرئيس الامريكي باراك اوباما اكد أول انه قال للرئيس المصري حسني مبارك "ان عملية انتقال منظم للسلطة ينبغي ان تكون ذات معنى وان تتم في شكل سلمي وان تبدأ الان". كما اكد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمس ضرورة ان تكون "المرحلة الانتقالية (في مصر) سريعة" وان "تتسم بالمصداقية وتبدأ الان". ودعت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون ايضا مبارك الى التحرك "بأسرع وقت ممكن" لتحقيق "الانتقال" السياسي الذي يطالب به المتظاهرون.
إدانة أمريكية
وفي واشنطن، أعلن البيت الأبيض الأمريكي أنه "يأسف" ويدين الهجمات على المظاهرات السلمية في مصر، فيما دعت الخارجية الأمريكية كل الاطراف في مصر الى ضبط النفس وتفادي العنف. وقال بي.جيه كراولي المتحدث باسم الخارجية في رسالة على موقع تويتر: "نكرر دعوتنا الى كل الاطراف في مصر لضبط النفس وتجنب العنف... مسار مصر الى الديموقراطية يجب ان يكون سلميا".