تونس-الصباح أبرز السيد زهير المظفر وزير الوظيفة العمومية والتنمية الإدارية أن تونس قطعت خطوات هامة في مجال تكريس سياسة الحكم الرشيد، وتوفقت منذ الاستقلال، وخاصة بعد تحول 7 نوفمبر 1987 في السير قدما على منهج تكريس مؤشرات الحكم الرشيد بفضل السياسة الحكيمة والرؤية المتبصرة للرئيس بن علي. وأكد المظفر خلال إشرافه يوم أمس على افتتاح الندوة الفكرية التي نظمتها عمادة المهندسين التونسيين، تحت شعار "بن علي والحكم الرشيد" على الدور المتنامي للمهندس التونسي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، على اعتبار أن المهندس والتكوين الهندسي من ركائز الثورة التكنولوجية واقتصاد المعرفة. وبين المظفر في محاضرة حول " بن علي والحكم الرشيد" أن الحكم الرشيد أو الحوكمة الرشيدة غاية قد لا تدرك، وهو مصطلح ذو ثلاث دلالات، قائمة على الحكم المتوازن المبني على فصل السلطات. واوضح أنه اليوم لم نعد نتحدث عن فصل السلطات، بل عن سلطة سياسية، وسلطة المجتمع المدني، وسلطة القطاع الخاص. بحيث لا تهيمن السلطة السياسية مثلا على سلطة المجتمع المدني، أو العكس. مفيدا بأن الحكم الرشيد معيار أساسي للمؤسسات الدولية مثل البنك الدولي، ومنظمة الأممالمتحدة والمنظمات الدولية الأخرى، في الحوكمة وفي تصنيف الدول وفي الحكم لها أو عليها. وأفاد بأن الحكم الرشيد قائم على 9 مؤشرات حتى يتم وصف دولة من الدول بأنها تمارس الحكم الرشيد وهي: المشاركة السياسية التي تعني مشاركة الشعب في اتخاذ القرار عن طريق آليات مختلفة. وارتباط يرتبط الحكم الرشيد بدولة القانون والمؤسسات بوجود دستور ومؤسسات وقواعد قانونية تحترمها الدولة والمؤسسات والقطاع الخاص والمجتمع المدني. وتوفر عنصر الشفافية، وعنصر الاستجابة (ويعني قدرة النظام السياسي على تحويل الطلبات إلى قرارات). فضلا عن مؤشر الوفاق إذ لا بد من توفر حد أدنى من القواسم المشتركة يتفق عليها كل عناصر الدولة من حكومة ومعارضة. إضافة إلى مؤشر العدالة والمساواة بين المواطنين، ومؤشر الكفاءة والفاعلية.أما المؤشر الثامن فيتعلق بالمساءلة، فكل من يمارس السلطة أو مسؤول بمؤسسة معرض للمساءلة على ما يقوم به من اعمال، عن طريق هيئات مختلفة، وأخيرا مؤشر الرؤية المستقبلية، على اعتبار أن الحكم الرشيد مبني على استراتيجية ورؤية واضحة في التسيير. رؤية الرئيس بن علي في مجال الحكم الرشيد وقال المظفر أن تونس منذ الاستقلال إلى اليوم تسير على منهج تكريس تلك المؤشرات فقد تم في بداية الاستقلال وضع الدستور، وتركيز الإدارة الحديثة، وإعلان الجمهورية، وتوحيد القضاء والتعليم. كما ارتفعت المؤشرات التنموية منها مؤمل الحياة عند الولادة، وتقلص نسبة الوفيات عند الولادة، وارتفاع معدل الدخل الفردي السنوي الذي ارتفع من 960 دينارا سنة 1956 إلى 5 آلاف دينار حاليا. من المؤشرات الأخرى بلوغ نسبة التحويلات الاجتماعية 61 بالمائة من ميزانية الدولة، مشيرا إلى ان خطاب رئيس الدولة بمناسبة افتتاح الحملة الانتخابية الذي يؤسس إلى أن تكون تونس ضمن طليعة الدول المتقدمة، ويساهم في تسريع نمو مؤشرات التنمية البشرية. وأكد الوزير أنه منذ التحول إلى اليوم تم التقدم في تجسيم مؤشرات على تطور الحكم الرشيد في المجال السياسي، مشيرا إلى أن من مميزات مقاربة الحكم الرشيد في تونس وفي فكر بن علي، المقاربة الشاملة للإصلاح، فالرئيس بن علي يرى أن الإصلاح السياسي يأتي بالتوازي مع الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي. فضلا عن التدرج في الإصلاح فكل مرحلة تهيّئ للمرحلة التي تليها. كما بين أن من مظاهر نجاح المقاربة التونسية في مجال الحكم الرشيد توسيع مجال المشاركة مثل تطور عدد الناخبين الذي كان يحوم حول 700 ألف ناخب سنة 1956 وارتفع إلى 2,7 مليون ناخب سنة 1989، واليوم وصل عدد الناخبين إلى أكثر من 5 مليون ناخب. وقد ساهم التخفيض في السن القانونية للاقتراع من 20 إلى 18 سنة سيمكن لأول مرة حوالي 450 ألف شاب من حق الانتخاب. كما أن تونس من الدول القلائل في العالم التي سمحت لكل تونسي مولود لأم تونسية من حقّ الترشح للانتخابات التشريعية. توسيع مجال وترسيخ سيادة الشعب وأبرز أن تونس الدولة العربية الوحيدة التي مارست الانتخابات دون انقطاع، وصناديق الاقتراع تعتبر الوسيلة الوحيدة للوصول إلى الحكم ، وهي ميزة أساسية لتونس منذ الاستقلال إلى اليوم. فضلا عن تعزيز حضور المعارضة داخل مجلس النواب والهيئات المنتخبة، فالمعارضة ممثلة بمجلس النواب منذ 1994. وقال إن وجود 25 بالمائة من المعارضة في مجلس النواب القادم دليل على تقدم المسار الديمقراطي. وأفاد الوزير أن تونس حققت مسارا هاما في مجال تكريس دولة القانون والمؤسسات عبر تأسيس المجلس الدستوري سنة 1987، ومجلس المستشارين الذي اعطى مكانة للنخب والكفاءات، كما أن التغيير جعل الاستشارة رافدا من روافد الحكم الرشيد، فاليوم تمنح الفرصة للكل في بلورة التصورات. كما ان الرئيس بن علي أعلن عن إحداث برلمان للشباب لتمكين هذه الفئة من أن تدلي بدلوها في الإصلاحات القادمة. تجدر الإشارة إلى أن الندوة الفكرية حضرها أمين عام المهندسين الزراعيين العرب، ومحمد بلحاج عمر نائب أمين عام المهندسين الزراعيين العرب، ورئيس المجلس الوطني الاستشاري للبحث والتكنولوجيا، وكمال العيادي الرئيس غير التنفيذي للاتحاد الدولي للمنظمات الهندسية، وعدد كبير من المهندسين. وتضمنت الندوة مداخلات أخرى، منها ما يتعلق بالدور الحضاري للمهندس، و"المهندس ومهن الغد"، و"المهندس وتصدير الخدمات"..