فشل رهان القوى العربية والدولية التي دعمت تحالف «كاديما العمل» لاستبعاد ناتنياهو وليبرمان واضعاف دور ايران وسوريا والمقاومة الفلسطينية الرد المتأكد على الانتخابات الإسرائيلية دعم وحدة الصف الفلسطيني والعربي تونس الصباح: فضحت نتائج الانتخابات العامة الاسرائيلية أن الغالبية الساحقة من الناخبين الاسرائيليين أصبحوا ضحية لوبي سياسي وعسكري ومالي من أقصى اليمين ورقته الرئيسية المزايدة على استبعاد سيناريوهات التسوية السلمية مع الشعب الفلسطيني وقياداته وعلى تشريع مزيد من عمليات القمع والاغتيالات والحروب. والنتيجة الاكبر في هذه الانتخابات هي فشل رهان القوى الفلسطينية والعربية والدولية التي دعمت تحالف حزبي "كاديما" و"العمل" بزعامة ليفني وباراك إعلاميا وسياسيا وديبلوماسيا (بما في ذلك خلال حربهما على غزة) ظنا منها أن دعمها السياسي له سيؤدي إلى إضعاف القيادات الاسرائيلية الاكثر تطرفا وضلوعا في ارهاب الدولة وفي استبعاد أي مسار للسلام بزعامة بنيامين ناتنياهو رئيس حزب الليكود وحليفه الاكثر وضوحا في اعلان شراسة عدائه للشعب الفلسطيني ولمختلف الدول العربية بما فيها مصر والسعودية ليبرمان. ملفات القدس والمستوطنات والمقاومة ومهما كانت حصيلة المشاورات التي ستجريها الرئاسة الاسرائيلية بزعامة شمعون بيريز مع قادة الاحزاب التي أفرزتها الانتخابات حول تشكيل الحكومة الاسرائيلية الجديدة فان توجهات التشكيلتين سياسيا لن تختلف كثيرا من حيث مواقفها من ملفات القدس والمستوطنات وعودة اللاجئين وضرورة استئصال قوى المقاومة الفلسطينية عامة وفصائل المقاومة المسلحة في قطاع غزة خاصة. ومن خلال سلسلة البيانات الانتخابية لمرشحي حزبي اليمين المتطرف الليكود و"اسرائيل بيتنا" ينضح بالخصوص إعلانهم معارضة مشروع رئيس الوزراء المتخلي أولمرت بشأن" احلال سلام مع الفلسطينيين مقابل سحب 60 ألف مستوطن من الضفة الغربية (من بين حوالي 280 ألفا في الضفة و200 ألف في لقدس المحتلة). "لا اعتراف بالشعب الفلسطيني"؟ ومن بين مواقف اليميني المتطرف جدا ليبرمان وحزبه رفض الاعتراف بالشعب الفلسطيني وبحقوقه الوطنية ودعواته لطرد من تبقى من عرب داخل المنطقة المحتلة في 1948.. "حتى تصبح كل اسرائيل وطنا لليهود".. كما أعلن ليبرمان مع ناتنياهو معارضتهما مشاريع الرئيس الامريكي الجديد باراك أوباما وفريقه حول تسوية معضلة المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية حتى يصبح شعار بناء دولة فلسطينية قابلا للتحقيق. وقد انتقد ناتنياهو وليبرمان قرار وقف اطلاق النار من جانب واحد اسرائيليا بعد 22 يوما من العدوان الهمجي على مليون ونصف مدني في قطاع غزة. واعتبر ليبرمان أن المطلوب القيام بعمليات ترحيل جماعية جديدة للشعب الفلسطيني من غزة نحو مصر ومن الضفة الغربية نحو الاردن. سياسة المكيالين ومن بين المفارقات أن قادة العالم " الحر" لم ينتقدوا ليبرمان وناتنياهو قبل الانتخابات وهم الذين اصدروا آلاف التصريحات التي تعترض على التعامل مع قيادات المقاومة الفلسطينية ومع حكومة حماس بسبب عدم اعترافها بشرعية الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين. كما سبق أن مورست ضغوطات أمريكية وأوروبية بالجملة على الرئيس الفلسطيني محمود عباس والسلطة الوطنية الفلسطينية لمنعها من تشكيل حكومة ائتلاف وطني مع حماس ولاجبارها على التخلي عن اتفاق مكة الفلسطيني «حتى تعترف قيادة "حماس" بإسرائيل». فحتى متى تتواصل سياسة المكيالين؟ تحت رحمة "أقصى اليمين"وتحالف "الوسط واليسار" وفي كل الحالات يجد ملايين الفلسطينيين أنفسهم اليوم مجددا تحت رحمة عدة خيارات أحلاها مر: تحالف تتزعمه ليفني وحزبها (المتفوق بفارق مقعد واحد) مع حزب "الليكود" وأحزاب صغيرة متطرفة مثل "شاس".. وفي هذا السيناريو ستربح اسرائيل تسويق صورة "الديبلوماسية المتفتحة ليفني" رغم هيمنة صقور على الحكومة.. مع اضطرار ليفني ورفاقها الى تقديم تنازلات بالجملة لليمين ولحزبي ناتنياهو وشاس. تحالف تتزعمه ليفني ويضم "العمل" بزعامة ايهود باراك والنواب العرب (ال11) وممثلين عن الاحزاب اليسارية الضعيفة مثل ميرتز (وحزب شاس الذي يطالب خاصة باصلاحات اجتماعية وبترفيع المنح الخاصة باطفال العائلات كبيرة العدد.. وسبق ان تحالف مع كاديما).. وهو سيناريو ضعيف لان فرص تحقيق وفاق بين كل هذه الاحزاب يبدو ضعيفا حاليا.. فضلاعن احتمال اسقاط مثل هذا التحالف في أية لحظة من قبل الاغلبية اليمينية في الكنيست. تحالف يقوده ناتنياهو بمشاركة كاديما (تكون فيه ليفني وزيرة خارجية مثلا) وبقية قوى اليمين المتطرف. تحالف القوى اليمينية المتطرفة يقوده ناتنياهو ولا يشمل حزب ليفني ويكون أكثر تشددا مع الشعب الفلسطيني وفصائل المقاومة والدول العربية وايران. وقد يجر واشنطن الى التصعيد العسكري مع ايران في صورة فشل حوارها السياسي معها حول ملفها النووي. مسؤولية القادة الفلسطينيين والعرب وبصرف النظر عن "الطبخة" السياسية الداخلية الجديدة في إسرائيل.. بين "السيء والاكثر سوءا" فان الحكومة الجديدة في تل ابيب ستكون مضطرة الى تكييف اختياراتها السياسية فلسطينيا وعربيا واسلاميا ودوليا حسب عدة عناصر من بينها تطورات جهود توحيد القوى الوطنية الفلسطينية ومحاولات راب الصدع بين العواصم العربية والاسلامية.. وتجاوز الخلافات التي طفت على السطح بشكل مثير خلال الحرب الاسرائيلية على غزة.. وبمناسبة انعقاد سلسلة من القمم والمؤتمرات الوزارية العربية المصغرة.. في مسقط والرياض والدوحة وشرم الشيخ والقاهرة وطرابلس وابو ضبي.. كما كرستها التصريحات المتناقضة الصادرة عن زعامات فلسطينية وعربية من رام اللهوغزة وبيروت ودمشق والقاهرة والدوحة وطهران وبغداد.. وحدة الفصائل الفلسطينية ومن مصلحة الجميع فلسطينيا وعربيا أن يعترفوا انهم جميعا "الخاسرون الكبار" بعد الانتخابات الاسرائيلية.. وعليهم اليوم تفنيد ادعاءات الجانب الاسرائيلي بعدم وجود "شريك فلسطيني سياسي قوي وموحد".. ومن واجب كل دول المنطقة دعم وحدة الصف الفلسطيني مجددا وممارسة ضغوطات حقيقية على واشنطنوالعواصم الاوروبية حتى تجبر القادة العسكريين والسياسيين الاسرائيليين على احترام المقررات الاممية الخاصة بالحقوق الوطنية والسياسية والانسانية للشعب الفلسطيني بما فيها رفع الحصار الشامل المفروض عليه والاعتراف بحقه الكامل في دولة فلسطينية عاصمتها القدس.. واذا مورست ضغوطات أمريكية أوروبية حقيقية على ناتنياهو وفريقه المتطرف سيرضخ مثلما وافق قبل 13 عاما على ابرام اتفاق الخليل مع السلطة الفلسطينية والزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بحضور الرئيس الامريكي الاسبق كيلنتون والعاهل الاردني الراحل الحسين بن طلال. وقد يكون من المفيد بالنسبة للقادة العرب الذين عقدوا قمة طارئة في القاهرة عام 1996 للضغط على حكومة ناتنياهو اليمينية أن يخصصوا قمتهم العادية المقرر تنظيمها الشهر القادم في قطر لتحقيق مصالحة عربية حقيقية وتوحيد الصف الفلسطيني.. وتوجيه رسائل سياسة موحدة الى الادارة الامريكية وبقية صناع القرار في العالم حول ضرورة التسوية السريعة والنهائية لمعضلة احتلال اسرائيل لفلسطين والجولان وبقية الاراضي العربية.