أعرب عدد من ممثلي الأحزاب ذات التوجه القومي العربي في تونس، في تصريحات استقتها وكالة تونس إفريقيا للأنباء، عن خشيتهم في ألا تخدم مخرجات القمة العربية المزمع تنظيمها يوم 31 مارس الجاري بتونس المصالح العربية، منتقدين مواقف غالبية الأنظمة العربية الرسمية إزاء أمهات القضايا العربية المطروحة. فقد أجمع ممثلو هذه الأحزاب، على عدم تعويلهم على جامعة الدول العربية كهيكل "انتهت صلاحيته"، باعتباره حاد عن أهداف الأمة العربية وأصبح جزءا من الأزمة التي تعيشها بعض الأنظمة العربية، وسببا في الدمار الذي لحق ببعض أجزاء الوطن العربي، بالإضافة إلى سعي هذا الهيكل إلى التطبيع مع الصهيونية. واعتبر أمين عام حركة الشعب زهير المغزاوي، أن مؤسسة الجامعة العربية "انتهت" منذ غزو العراق سنة 1991 "الذي شرّعت له وشاركت فيه"، متابعا أنها فقدت شرعيتها منذ تخليها عن القضية الفلسطينية، فضلا عن مساهمتها في السنوات الأخيرة في دمار كل من ليبيا واليمن وسوريا، وفق تقديره. وحذر من الوضع الكارثي الذي وصل إليه الوطن العربي، والذي أدى إلى تفتيتها وضرب جيوشها، على إثر تحول جامعة الدول العربية "إلى أداة للعدوان على الأمة أكثر من دفاعها عن مصالحها"، على حد قوله، معربا عن أمله في أن تساهم القمة القادمة في حقن الدماء في الوطن العربي. ودعا المغزاوي في هذا السياق، الأنظمة العربية بعد الدمار الذي لحق عديد الدول العربية، إلى إيجاد حلول تحقن الدماء في الوطن العربي، والعمل على استعادة سوريا لعضويتها صلب جامعة الدول العربية رغم الفيتو الأمريكي المرفوع أمام مثل هذا القرار. من جانبه، قال الأمين العام للتيار الشعبي زهير حمدي، إن الأحزاب القومية لا تعلق أية آمال على القمة المزمع عقدها في تونس أواخر الشهر الجاري، معتبرا أن مؤسسة الجامعة العربية "انتهت منذ سنوات وغير قادرة على إصدار قرارات من شأنها تخفيف الوضع المتأزم للشعوب العربية". وأشار إلى أن بعض الأنظمة العربية، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ودولة قطر، "تقف في الصف المعادي لمصالح الشعوب العربية"، وتعمل بدفع من قوى الهيمنة من أجل الانفراد بصناعة الرأي العربي، حسب تعبيره، مؤكدا أن هذه الأنظمة انخرطت في كل ما من شأنه أن يصفي القضية الفلسطينية ويستنزف دولا أخرى على غرار ليبيا وسوريا. وأضاف المغزاوي، أن القوى المهيمنة "ساهمت بالتعاون مع عدد من دول الخليج في إسقاط دول عربية مركزية على غرار العراقوسوريا وليبيا، وفي إخراج مصر من دائرة صنع القرار العربي"، على حد قوله، مرجحا أن مخرجات القمة المقبلة "ستخدم مصالح الدول المهيمنة وستكرس خطوات أخرى في سياق التطبيع مع الكيان الصهيوني، وتمرير صفقة القرن المتعثرة نتيجة صمود سوريا". وصرح في ذات السياق، بأن القمة العربية "تنعقد برعاية أمريكية وتنفيذ خليجي"، وسيكون مفروضا عليها تمرير "صفقة القرن" المبنية على إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بتوطين الفلسطينيين خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة وإنهاء حق اللجوء، حسب تعبيره، مؤكدا أن الأنظمة العربية "انخرطت منذ سنوات في خيارات معادية للأمة العربية"، ولن تقدم على أية خطوة لحل الأوضاع في اليمن وسوريا. ويشاطر حزب حركة البعث الرأي نفسه، حيث اعتبر عضو مكتبه السياسي عثمان بلحاج عمر، أن جامعة الدول العربية التي تمثل النظام الرسمي العربي "لم تحقق للعرب أية مصلحة" سواء فيما يتعلق بالتصدي للصهيونية أو فيما يتعلق بتحقيق أي نوع من أنواع الاندماج، بل على العكس من ذلك فقد فرط هذا النظام في العراق ووافق على التطبيع مع الصهيونية منذ قمة بيروت 2002 ، مطالبا بضرورة تغيير هذا النظام الذي ترزح تحته الدول العربية منذ 45 سنة. وحذر من إرساء "علاقات مفتوحة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية ومع رئيسها دونالد ترامب"، واعتباره "مخلصا" بعد أن اتخذ في السابق قرارا يقضي بتحويل سفارة بلاده من تل أبيب إلى مدينة القدس، إضافة إلى اعترافه الأخير بسيادة اسرائيل على هضبة الجولان السورية التي تحتلها منذ 52 سنة. واتهم الأنظمة العربية بوقوفها اليوم في محاور متقابلة ضد الأمن القومي العربي، حيث تواطأ جزء منها مع الصهيونية، فيما اصطف جزء آخر منها مع القوى الاستعمارية، معتبرا أن هذه الأنظمة تخلفت عن اللحظة التاريخية وعن الواقع العربي. ودعا بلحاج عمر الجامعة العربية، إلى تغيير منهجها بوضع هدف عربي مشترك والعمل على تحقيقه، على غرار حماية الأمن القومي العربي أو تحقيق أي نوع من أنواع الاندماج، أو التصدي لعملية ذبح العراق على يد كل من الدولة الإيرانية والولاياتالمتحدةالأمريكية. ولفت الانتباه إلى أن خيار التوحد والاندماج للنهوض بالوضع العربي الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، هو خيار غير مكلف بالنظر لامتلاك الدول العربية ما يكفي من الموارد لتحقيق ذلك (2/3 الإنتاج العالمي من الطاقة و70% من أراضيها خصبة)، داعيا جامعة الدول العربية إلى التركيز على البناء والتعامل بندية مع باقي الدول. وحث الدول الخليجية على مساعدة تونس والاستثمار فيها بصفتها دولة حرة وديمقراطية وتتميز بعديد الخاصيات، وطالبها بدعم الشعب الفلسطيني المحاصر الذي يعيش نصفه على إعانات وكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى "الأونروا"، في ظل سعي الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى التقليص منها. تجدر الإشارة، إلى أن تونس تحتضن يوم الأحد 31 مارس 2019 القمة العربية في دورتها الثلاثين في ظل تنامي الأزمات والصراعات البينية عربيا، وتباين في المواقف والآراء حول مختلف القضايا العربية، ناهيك عن متغيرات متسارعة تشهدها المنطقة. (تحرير وات/ عادل الرياحي)