ما زالت الحكومة في مرحلة إعداد مشروع قانون المالية لسنة 2019 التي لم تحدد بعد ملامح نسخته الأولية التي قد تكون جاهزة أواخر شهر أوت الحالي وربما بعد عطلة عيد الإضحى. وفي هذا الإطار تناول مجلس الوزراء في اجتماعه أمس أبرز التوجهات الكبرى لمشروع قانون المالية والفرضيات التي بني عليها. في هذا الصدد، قال فيصل دربال المستشار الاقتصادي لدى رئيس الحكومة في تصريح ل»الصباح» إن مشروع قانون المالية ما زال لم تتحدد ملامحه النهائية بعد، مؤكدا ان اجتماع مجلس الوزراء أمس خصص للنظر في أبرز المؤشرات الاقتصادية الكلية للاقتصاد الوطني والتوجهات الاقتصادية الكبرى وتأثيرات التقلبات الاقتصادية العالمية على الاقتصاد الوطني باعتبارها ستكون مرجعا لبناء فرضيات مشروعي قانون المالية وميزانية الدولة للعام المقبل. مفيدا ان اجتماعا وزاريا سيعقد لاحقا للمصادقة على فرضيات اعداد مشروع قانون المالية والمتعلقة خاصة بالسعر المرجعي للبترول على مستوى السوق العالمية، ثم سعر صرف الدينار مقارنة بالعملات الرئيسية (الدولار، الأورو) ونسبة النمو المتوقعة.. وقال دربال إن نسخة محينة من الفرضيات المرجعية ستتم مناقشتها خلال اجتماع وزاري مقبل بعد ان تمت دعوة وزير المالية في هذا المجال إلى تحيين فرضيات السعر المرجعي للبترول بعد التطورات الأخيرة على مستوى السوق العالمية للبترول التي تتسم حاليا بالاضطراب وعدم الاستقرار. دون أن يقدم تفاصيل إضافية عن حجم الميزانية الجملي أو الإجراءات الجديدة التي سيتضمنها مشروع قانون المالية. في ما يتعلق بالجانب الجبائي أكد المستشار الاقتصادي لدى رئيس الحكومة أن مشروع القانون للسنة المقبلة لن يتضمن إجراءات جبائية جديدة كما لن يتم الغاء أي إجراء جبائي معمول به حاليا أي أن جل الإجراءات الجبائية التي تضمنها قانون المالية لسنة 2018 ستبقى كما هي في الوقت الراهن. وعن نسبة النمو المتوقعة للسنة المقبلة قال دربال إن فرضية نسبة النمو لم يتم تحديدها بعد، لكنه كشف أن النسبة النهائية للنمو الاقتصادي المتوقعة اخر العام الحالي قد تتراوح بين 2.2 و2.6 بالمائة، علما أن الحكومة وضعت نسبة نمو ب3 بالمائة كهدف متوقع لكامل سنة 2018. ومن المتوقع ان تتجاوز ميزانية السنة المقبلة حجم الميزانية المعتمدة في قانون المالية لسنة 2018 (36 مليار دينار) باعتبار تجاوز النفقات للميزانية المرصودة خاصة من ناحية ميزانية الدعم التي تجاوزت الميزانية المرصودة بأكثر من 1.5 مليار دينار بسبب ارتفاع سعر البترول عالميا. علما أن فرضية إعداد مشروع قانون مالية تكميلي لسنة 2018 تظل واردة في ظل تجاوز جميع المؤشرات الاقتصادية الكلية الفرضيات التي بنيت عليها ميزانية الدولة للسنة الحالية مثل سعر البترول (54 دولار عوضا عن 75 دولار) وسعر صرف الدينار أمام الأورو والدولار ونسبة النمو.. جدير بالذكر أن أسعار النفط العالمية ارتفعت بالسوق الأوروبية أمس لتواصل صعودها لليوم الثاني على التوالي، بعدما فرضت الولاياتالمتحدة عقوبات اقتصادية على إيران «ثالث أكبر منتج للنفط في أوبك»، وسط توقعات أن تسبب تلك العقوبات انخفاض صادرات الخام الإيراني بحوالي مليون برميل يوميا. وقد صعد خام برنت إلى مستوى 74.30 دولارا للبرميل. وكان رئيس الحكومة يوسف الشاهد، قد صرح في عدة مناسبات أن قانون المالية للسنة المقبلة سيشهد بداية انفراج على مستوى التضخم واستقرار سعر الصرف. ولن يتضمن ضرائب إضافية على المؤسسات المشغلة والمصدرة كليا كما لن تكون في قانون المالية للسنة القادمة ضرائب إضافية على المؤسسات بل بالعكس سيكون هناك توجه خلال السنوات الثلاث القادمة نحو تخفيض الضرائب على مستوى الشركات المنتجة والمشغلة والمصدرة في المجالات الصناعية والتكنولوجيا والاتصال لتحفيزها على الاستثمار وإحداث مواطن الشغل ما من شأنه أن يدفع بالنمو. وأكد رئيس الحكومة «ضرورة توفر الاستقرار الأمني والسياسي والاجتماعي والضريبي بالنسبة إلى المؤسسات والانتقال من الضريبة الاستعجالية التي سنت لحلحلة وضعية المالية العمومية المتأزمة إلى نموذج ضريبة النمو وهو نوع من الجباية التي تحفز الشركات على النمو والاستثمار وخلق مواطن الشغل إلى حين عودة النمو الذي من المنتظر أن يبلغ 5 نقاط في أفق 2020. توجه أكده وزير الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة سليم الفرياني الذي شدد على أن قانون المالية للسنة القادمة لن يتضمن إجراءات جبائية جديدة موظفة على الشركات بل سيشتمل على إجراءات محفزة للاستثمار ما من شأنه أن يخلق مواطن الشغل إضافية. ويعتبر مزيد تركيز العدالة الجبائية من أبرز توجهات قانون المالية لسنة 2019 وذلك في إطار مواصلة التمشي المعمول به ضمن قوانين المالية للسنوات السابقة إذ من المنتظر أن يتضمن إجراءات جديدة من شانها أن تكرس العدالة الجبائية وتساعد على إدماج القطاع الموازي في القطاع المنظم وهو ما سيمكن من جلب موارد إضافية للدولة لمواجهة الصعوبات التي تواجهها المالية العمومية. وقد أكد في هذا الشأن مروان العباسي محافظ البنك المركزي على هامش ندوة صحفية عقدها رفقة رئيس بعثة صندوق النقد الدولي بتونس يوم 11 جويلية 2018، أن «مشروع قانون المالية لسنة 2019 سيتضمن إجراءات جديدة من شأنها ان تكرس العدالة الجبائية وتساعد على إدماج القطاع الموازي في القطاع المنظم وهو ما سيمكن من جلب موارد جديدة للدولة لمواجهة الصعوبات التي تواجهها المالية العمومية». كما سيتم العمل على تخفيف الضغط على كتلة الدعم وتوجيه الدعم نحو مستحقيه وهو التمشي الذي أوصى به كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.