يشرع هاني خليفة أبواب الماضي ويأخذنا بعيدا إلى سنوات لم نعشها وعالم شاهدنا ملامحه في أفلام الأبيض والأسود وتخيلنا مشاهده بين صفحات روايات إحسان عبد القدوس وكتابات يوسف إدريس.. من سحر العنوان «ليالي أوجيني» إلى موسيقى العمل، ديكوراته، ملابس أبطاله ورقي الحوار، أطل ظافر العابدين في أولى بطولاته المصرية المطلقة مع المخرج هاني خليفة والكاتبتين سماء عبد الخالق وإنجي القاسم.. مفردات العمل شكلت حالة خاصة في دراما رمضان 2018 فمن الواضح أن الاستعداد ل«ليالي أوجيني» وتفاصيله قد ارتكز كثيرا على الديكور والملابس والإكسسوارات وهذا المجهود منح العمل لغة بصرية ثرية تعكس رقيا وتناسقا لافتا لمكونات الصورة كما كانت الكتابة فرغم أنها ثنائية إلا أنها كانت أبرز علامات تميز العمل فالتناغم واضح بين الكاتبتين وعكس الحوار الصراع الداخلي لأبطال المسلسل وتفاصيل تركيبة كل شخصية، بداية من الدكتور فريد (ظافر العابدين)، الرجل التائه بين تقاليد العائلة والمجتمع وبين عشقه لكاريمان (أمينة خليل). فيعبر شكله الخارجي عن الشاب المثقف الغربي في سلوكه فهو على سبيل الذكر لا يملك شاربا على غرار بقية أبطال العمل ومنهم من كان بأوروبا (خطيب نبيلة إحدى الشخصيات الرئيسة في العمل) ولا يحبذ الثرثرة والنميمة والأحكام المسبقة فالدكتور فريد يعيش بعالمه الخاص، يرسم مسافة رغم ابتسامته المعتادة مع الآخرين.. الغموض يلف هذه الشخصية مع بداية الحلقات ليكتشف المشاهد تيهانها تدريجيا بين الرغبة في الاستقرار والهرب، الكتابة أم الطب، العائلة أم الحب.. وفي عالم «فريد» حاول ظافر العابدين الإمساك بخيوط اللعب فأجاد في مشاهد وخاب في مشاهد أخرى حتى أننا بتنا نتساءل لو كان البطل غير ظافر العابدين كيف سيكون الأداء؟ فهذا السؤال لم يهاجمنا وأمينة خليل تأسرنا بلعبها لدور الزوجة المهانة المغتصبة والأم المكلومة والعاشقة لحب مستحيل أو أسماء أبو يزيد في دور «جليلة» الفتاة الصعيدية، التي تحارب كل القيود لتغني على خشبة مسرح في أربعينات القرن الماضي.. هل أبكر ظافر العابدين في خوض البطولة المطلقة وكان اعتماده على شعبيته في غير محله.. ظافر العابدين لم يقدم في «ليالي أوجيني» أفضل أدواره لكن قدم عملا بمعايير فنية عالية في أولى بطولاته وهذا يحسب له أمّا المعايير فكان وراءها نص جيد ومخرج يملك من الثقافة السينمائية واللغة البصرية الكثير فهاني خليفة رغم أنه المسؤول الأول عن الأخطاء، التي رافقت العمل خاصة على مستوى الصوت والأخطاء اللغوية العديدة خصوصا على لسان البطل فريد (قراءة الرسائل والكتابات التي يدونها باللغة العربية) إلا أن إدارته للممثلين وتعويله على الأداء الداخلي والصمت المغلف لكثير من مشاهد العمل عكست الألم، الفرح، الحياة في أبسط وأعمق تعقيداتها لشخوص عاشت الحب المستحيل، الحلم، الطموح، الطمع، فراق الحرب وفراق الموت كما فراق الحياة... «ليالي أوجيني»، إخراج هاني خليفة وكتابة كل من سماء عبد الخالق وإنجي القاسم وهو مقتبس من عمل اسباني، جسد أدوار بطولته كل من ظافر العابدين، أمينة خليل، أسماء أبو يزيد، انتصار ونادين.