يقدّم المركز الوطني مساء السبت 10 فيفري الجاري العرض الأوّل لآخر إنتاجاته وهي مسرحيّة عرائيسيّة بعنوان «في العاصمة ...»، يأتي عرضها احتفالا بمرور 25 سنة على تأسيس المركز الوطني لفنّ العرائس. «في العاصفة...» هي أول الأعمال المسرحيّة الموجّهة للكهول في تاريخ المركز الوطني لفنّ العرائس، وهي مسرحيّة مقتبسة عن نصّ الملك لير للمسرحي الإنقليزي وليام شكسبير بدراماتوجيا و إخراج المسرحي حسن المؤذّن. المسرحيّة من إنتاج المركز الوطني لفنّ العرائس بدعم من وزارة الشؤون الثقافيّة و بإدارة إنتاج لمدير المركز حسّان السّلامي، يحرّك عرائسها كلّ من أيمن النخيلي ونهاد التواتي وفاطمة الزهراء المرواني وهيثم ونّاس وبلال الجلاصي ووائل باتي وفارس العفيف وعبد السلام الجمل ومحمد أمين الكسوري وأمين المليتي بسينوغرافيا لوليد السعدي وتوظيب ركحي للميّم الرحّالي فيما تكفّلت ورشة المركز الوطني لفنّ العرائس بصنع الديكور والمتمّمات والعرائس. تدور أحداث المسرحيّة العرائسيّة حول حرمان الملك «ديوب» ابنته الصّغرى «ساماتا» من نصيبها في المملكة لامتناعها عن تملّقه ومُحَابَاته. إلاَّ أنَّ «تيمورا» و«نياماتا» اللّتين تعهّدتا بإيوائه ورعايته تخونان العهد، وتحجّران عليه، فيلجأ إلى الهروب بمساعدة أوفياء له، ويجد نفسه في العاصفة والعراء حتّى يشرف على الجنون. ولا يختلف مصير النبيل «كوام» عن مصير «ديوب» إذ يغدر به ابنه بالتبني «سنغو»، طمعا في الاستئثار بإرثه على حساب أخيه الشرعيّ «بنغو». تتواصل أحداث المسرحيّة وتحاول «نياماتا»و»تيمورا» التخلص من «ساماتا»، وتدّق طبول الحرب، لتنتهي «نياماتا» مسمومة، و»تيمورا» منتحرة ، و»سنغو» مقتولا في مبارزة ضدّ أخيه «بنغو». تموت «ساماتا» بدورها، ويزفر «ديوب» زفرته الأخيرة كمدا على ابنته، وتبقى المملكة لجيل جديد من الحكام... ويأتي اختيار أحد أعمال وليام شكسبير- الملك لير- ليستلهم منه هذا العمل المسرحي العرائسي الجديد وفق مدير حسّان السّلامي مدير المركز الوطني لفنّ العرائس إجلالا لعبقرية شكسبير الذي يحتفل العالم بمرور أربع مائة سنة على رحيله. ليكون المشروع إجمالا هو تعامل مع حقيقة وجوهر المسرح بما هو فنّ متجدّد قابل للاكتشاف كلّ مرّة. أما مخرج العرض حسن المؤذن فهو يقول: نريد من إخراجنا لمسرحيّة في العاصفة عن الملك لير، خوض تجربة متفرّدة، تتمثّل في إنجاز عمل عرائسي كبير لصنف المشاهدين الكبار. إذ أنَّ مسرحنا، عدا بعض المحاولات النّادرة لم يطوّر هذا النّوع من الانتاجات. المكان هو اللاّ مكان وكلّ مكان بل قل هو مكان ما من القارة الإفريقية، والمشهد هو الأرض، عنصر التراب، وقد دفقت عليها عناصر النّار والماء والهواء. الطبيعة في جنون، والنّاس كذلك، يفترسون بعضهم البعض كالضواري. الشّعر الشكسبيريّ يتجلّى، هنا، في كامل عنفوانه. والفعل المسرحيّ يدفع بالحدث إثر الحدث، بقوّة وعنف. وهما يتضافران معا لتصوير هذا المطهّر الدنيويّ، فلا يبقى في النهاية أمامنا إلاّ الأرض قَفَْراء ودامية. في البداية كان هناك مملكة وملك ذو قصر ووزراء وحاشية، ثمَّ لا يبقى إلاّ شحّاذون أربعة، هائمون في الفلاة، تصفعهم العاصفة الغاضبة والأمطار المنهمرة: ديوب المطرود، وكايتا المنفيّ، وكوام الّذي سملت عيناه، وبنغو المنبوذ. ويضيف مخرج العرض قائلا :إنّنا نتصوّر الفضاء كفاعل دراميّ رئيسيّ يجمع بين المفردات المتحرّكة والجامدة، ويخلق العلاقات الممكنة بينها، ويصهر مختلف مكوّنات الخطاب في وحدة توليفيّة جميلة ودالّة. أمّا من حيث الأداء، فقد اخترنا تقنية تقوم على الجمع بين الممثّل وقرينه العروسة وإنّنا نتصوّر هذه العروسة امتدادا لجسد الممثّل الحيّ، بمعنى آخر، هي بمثابة التوأم الملازم له. لا يحتجب الممثّل وراء العروسة ليحرّكها وكأنّه يد القدر الخفيّة، وإنّما يربط معها علاقة جدليّة مثمرة. تفتح على إمكانيّات تعبيريّة تزعزع التقاليد والشفرات المألوفة. الممثّل والعروسة هما في علاقة تضاعف وتضايف ومواجهة وتبادل للأدوار إلى حدّ أنّه بإمكاننا أن نتساءل: من منهما يجسّد الشخصيّة؟ ومن يحرّك من؟