ظاهرة النقل التشاركي أو النقل الجماعي الذكي والذي يعتمد على التطبيقات الإكترونية ومواقع على الانترنت لتقديم خدمات للباحثين عمّن يقلهم من مدينة إلى أخرى لغاية العمل أو الدراسة أو غيرها من الالتزامات المرتبطة بالتنقل، غزت العالم منذ سنوات وبدأت تنتشر في عدد من الدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط.. نذكر في هذا السياق «أوبر» ، الشركة الصينية الرائدة «ديدي» و«كريم».. هذه الشركات المرتبطة باتفاقات تجارية مع الدول، التي تمارس نشاط النقل التشاركي على أرضها لم تقدم بعد خدماتها في تونس فيما حاول بعض التونسيين إنشاء مواقع وتطبيقات للنقل التشاركي والذكي غير أن العائق القانوني وغياب الإطار التشريعي أعاق كثيرا عملهم خاصة مع الرفض والضغط، الذي يمارسه الفاعلون في قطاع النقل العمومي «اللواج» و«التاكسي الفردي». «الصباح الأسبوعي» رصدت الظاهرة مع مختلف الأطراف الداعمة لها أو الرافضة لوجودها وفي هذا السياق، أوضح رئيس الاتحاد التونسي للتاكسي الفردي المنضوي تحت منظمة «كونكت» فوزي الخبوشي أن حمل الأشخاص بمقابل دون ترخيص يعارض القانون وبما أن ما يسمى «النقل التشاركي» ليس له إطار تشريعي فهو إذن مخالف للقوانين التونسية مضيفا أن الهيكل الذي يمثله قدم شكاوى لإدارة النقل البري ولم يقع وضع حدد لهذه التجاوزات أو تقنينها. مشروع للترفيع في الخطايا وقال الخبوشي أنه على السلطة الرقابية لوزارة الداخلية أن تتحرى في تنقل الأشخاص من مكان إلى مكان آخر وإذ كانوا يتنقلون جماعة بمقابل أولا ولئن كان هذا يعتبر تدخلا نسبيا في الحريات فان عدم التدخل يضر أكثر بمصالح قطاع كامل (وقد مدنا فوزي الخبوشي بقائمة تضم السيارات المتجاوزة للقانون في هذا الخصوص). وأرجع رئيس الاتحاد التونسي للتاكسي الفردي فوزي الخبوشي عدم تقنين النقل التشاركي أو حتى حل مشاكل النقل العمومي ومنها التاكسي الفردي، الذي يعاني الكثير من العراقيل والصعوبات إلى رغبة الدولة في بقاء الحال على ما هو عليه حتى تتمكن من ضبط محاضر طرقات أكثر قائلا: «إستراتجية الدولة في هذا القطاع هشة وتسيطر عليها لوبيات ولا تسعى لتقديم برنامج يطور من البلاد ويحمي حقوق ومصالح الجميع فهاجس الدولة الوحيد هو الحصول على المال من المحاضر». وفي خصوص المحاضر، شدد بدوره نائب رئيس الغرفة الوطنية لسيارات التاكسي الفردي المنضوية تحت اتحاد الصناعة والتجارة عادل عرفة على أهمية الترفيع في العقوبات قائلا: «قدمنا مشروع قانون ينص على الترفيع في الخطايا لكل متجاوز لقانون النقل البري ومنهم أصحاب سيارات النقل التشاركي بمقابل وذلك من 700 دينار إلى ألف دينار وعوض حجز السيارة حتى يقع دفع خطية سيكون الحجز النهائي إذ أن من يقوم بعملية النقل التشاركي لن يضره كثيرا دفع 700 دينار في محضر واحد خاصة وأنه يمارس عمله دون قيود ضريبة». وأضاف محدثنا أن الهيكل، الذي يمثله وهو الغرفة الوطنية النقابية لسيارات التاكسي الفردي قد اتصل بوزارة تكنولوجيات الاتصال والاقتصاد الرقمي لوضع جد لمواقع «covoiturage» التي تعمل خارج القوانين المعتمدة في تونس وهدفها الوحيد المال لتقديم خدمات في النقل للمواطنين. صاحب اللواج المتضرر الأول نائب رئيس الغرفة الوطنية لأصحاب سيارات الأجرة «لواج» التابعة لمنظمة الأعراف محمد الشامخي طالب من جهته، الدولة بوضع حد لهذه الظاهرة أو تقنينها فقطاع «اللواجات» الذي يعيش الكثير من المشاكل الداخلية وليس في حاجة إلى مزيد من العراقيل موضحا أن نظام العمل في المحطات والذي يشترط على سبيل الذكر إذن للخروج لا يطبق في كل المحطات لافتا النظر إلى أن النقل التشاركي هو أحد المشاكل الحارقة للقطاع وسيقع التطرق لكل تفاصيله خلال اجتماع الغرفة الوطنية لأصحاب سيارات الأجرة «لواج» في 19 جانفي الحالي. وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن الغرفة الجهويّة لأصحاب سيّارات الأجرة «لواج» بولاية صفاقس قد أعلنت مؤخرا عن استيائها من هذه الظاهرة وطالبت بالتصدي لها خاصة وأنها أضرت كثيرا بمدخول نظرائها المّادي. من جهته، أقر محمد وهو سائق «لواج» على طريق بنزرت أن هذه الظاهرة تزايدت كثيرا في السنوات الأخيرة وأصبحت أكثر خطرا على مورد رزقه قائلا: «بعيدا عن مواسم الأعياد وبداية الأسبوع لا يوجد الكثير من العمل حتى أن التنافس بين سواق اللواجات يكون على أشده رغم وجود قوانين تنظم القطاع نسبيا فكيف إذا يدخل علينا طرف جديد لا ينضوي تحت أي قانون؟ النقل التشاركي في حاجة إلى إطار قانوني على صعيد متصل، بحثت «الصباح الأسبوعي» في عدد من المواقع الافتراضية الخاصة بالنقل الجماعي الذكي واتصلت بأحد القائمين على موقع «Tunisie Covoiturage» فأكد أن الهدف من إنشاء المشروع كان مساعدة الكثير من الناس على قضاء حاجاتهم وإتمام أعمالهم في ظل أزمة النقل العمومي المنتشرة في البلاد غير أن عدم تشجيع الدولة على هذا المشروع أدى إلى وضعه الحالي وهي مرحلة الانتظار . وبين محدثنا أن النقل التشاركي منتشر في أنحاء العالم ومن يباشرون هذا العمل يدفعون ضرائب للدولة ويلتزمون بكل ما يفرضه القانون على غرار ألمانيا وفرنسا حتى أن هناك مسلك خاص بسيارات النقل التشاركي في السويد . وعن مميزات هذه الخدمة، قال محدثنا أنه يمكن أن توفر الكثير من الوقت والمال وتقلل من استهلاك المحروقات والازدحام فعلى سبيل المثال ثلاثة أشخاص سيتنقلون من سوسة إلى منطقة البحيرة في العاصمة يمكنهم أن يعتمدوا في الظروف العادية على ست وسائل نقل أمّا مع خدمة النقل التشاركي فسيكون الاعتماد على وسيلة نقل واحدة وبالتالي يوفرون أكثر وقت ومال ويساهمون في الحفاظ على البيئة بتقليص نسبة التلوث مع تخفيف الازدحام الذي تعاني منه العاصمة والمدن الكبرى. نجاة وهي موظفة بقطاع الصحة وتقطن في ولاية منوبة وتضطر يوميا للتنقل إلى مقر عملها اعتمادا على أكثر من وسيلة نقل أشادت في حدثيها ل«الصباح الأسبوعي» بخدمة النقل التشاركي بعد أن صارت تعتمدها مؤخرا مشيرة إلى أن إحدى الموظفات العاملات قريبا من مقر عملها قررت خوض هذا المجال ووفرت الكثير من المصاريف لها ولزميلاتها اللاتي ينتقلن معها.. من جهة أخرى، شددت نجاة على ضرورة الانتباه خلال اعتماد هذه الخدمة والتعامل مع أشخاص معروفين الهوية حتى لا يكون ضحية للمحيلين آملة في أن يقع تقنين هذه الخدمة خاصة وأنها قادرة على حل الكثير من المشاكل في ظل أزمة النقل العمومي في تونس الكبرى. النقل التشاركي «Covoiturage» ظاهرة يعلم بوجودها الجميع، لها إيجابيات وقادرة على حل عديد الأزمات المرتبطة بالنقل البري غير أن وجودها في الظل وبعيدا عن الإطار التشريعي قد تكون له مخلفات سلبية على صاحب الخدمة منها حجز السيارة ودفع مخالفة مالية وبالتالي تقنين هذا المجال أفضل من التغاضي عن وجوده أو منعه وذلك لصالح كل الأطراف الفاعلة في هذا القطاع والمستفيدة من خدماته.