تونس تمر بمرحلة انتقال اقتصادي دقيقة هذا ما أقر به مؤخرا رئيس الحكومة يوسف الشاهد لدى افتتاحه ندوة «تسريع تنفيذ مشاريع الطاقات المتجددة» والذي أكد خلالها أن الحديث عن انتقال اقتصادي يشمل بالضرورة مسالة الانتقال الطاقي وتطوير الطاقات المتجددة باعتبارها خيارا استراتيجيا لمجابهة التحديات المستقبلية في مجال الطاقة وإحدى الركائز الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة والمحافظة على البيئة ونقل التكنولوجيا. تصريح الشاهد والذي سبقه إليه كل رؤساء الحكومات السابقين وكل المسؤولين عن القطاع يمكن تصنيفه ضمن «الأماني الممكنة» أو «الخطاب السياسي الطموح» الذي يصطدم بواقع مغاير وبخيارات مختلفة... باعتبار أن ما قاله لا يجد مكانة له للتنفيذ أو لا يجد الجرأة الكافية من قبل المسؤولين لتنفيذه وتطبيقه على ارض الواقع رغم ما تعيشه البلاد من أزمة في المحروقات وتراجع الموارد الوطنية للغاز الطبيعي وعودة ارتفاع أسعار النفط العالمي... لقد اكتفت تونس لمجابهة هذا الوضع بتشريعات يتيمة تتعلق بإنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة ووضع مخطط شمسي بغاية التقليص في استهلاك مصادر الطاقة الكلاسيكية وتخفيض العجز الطاقي وتنويع المزيج الطاقي علاوة على الحد من عجز الميزان التجاري الذي هو بالأساس عجز في الطاقة.. لكن كل ذلك يبقى غير كاف أمام إشكاليات العجز الطاقي وتأثيراته على الاقتصاد. فتونس التي تنتج 45 بالمائة من حجم استهلاكها النفطي وتستورد 55 بالمائة يجب أن تجد في اقرب الآجال مصادر طاقة بديلة خاصة في ظل الانخفاض الواضح والكبير في عمليات الاستكشاف لعدة اعتبارات منها المالية ومنها التشريعية وحتى السياسية.. والذي أفقد الاقتصاد الوطني أكثر من 40 مليار دولار خسر في السنوات الأخيرة بسب تعقيد الإجراءات والصعوبات التي تحول دون إنتاج المحروقات.. ويبقى التوجه وبكل شجاعة نحو خيار «غاز الشيست» و»بترول الشيست» من أهم البدائل الطاقية.. فجل الدول المتقدمة منها وحتى السائرة في طريق النمو البعيدة منها والقريبة اتخذت اليوم من الغاز الصخري طاقتها البديلة.. فالحكومات التونسية المتعاقبة ظلت تتخبط ومترددة في اتخاذ موقف واضح من التحول نحو الغاز والبترول الصخري الذي أكد جل الخبراء أنهما يبقيان من أهم البدائل لنضوب البترول والغاز في تونس. وهما من الثروات المتواجدة في بلادنا. ومن الضروري اتخاذ الخطوات الشجاعة اللازمة بالتوجه نحو «الشيست» خاصة أن الدراسات والاختبارات أكدت على توفر السلامة البيئية والجيولوجية للاستخراج.. فالإبقاء على اقتصادنا اليوم رهين بعض التخوفات والقراءات الخاطئة يجب أن يتوقف خاصة أن البلاد في حاجة أكيدة إلى دعم الموارد وتوفير طاقات بديلة ولا نعتقد أن الولاياتالمتحدةالأمريكية مثلا لم تقم بالأبحاث اللازمة حول مخاطر «الشيست» وهي اليوم أول المنقبين عنه وأكثر مستعمليه...