جددت صناديق الاقتراع في ألمانيا أمس الثقة في حزب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. فالحزب الديمقراطي المسيحي حصد 32.7% من الأصوات وبذلك تحصل على 217 مقعدا من البرلمان. والحزب الديمقراطي الاشتراكي تحصل على 20.2% ما مكنه من أن يشغل 134 مقعدا وحزب البديل من أجل ألمانيا 13.5% من الأصوات حسب النتائج الأولية ويصل عدد مقاعده في البوندستاغ بذلك إلى 89 مقعدا. وبالرغم من حصوله على المرتبة الأولى فإن الكثيرين اعتبروا فوز ميركل بطعم الهزيمة. وتحصل حزب الخضر على 9.5% من الأصوات ما يعني 62 مقعدا والحزب الليبرالي على 11 % من الأصوات ب 70 مقعدا. ويضم البرلمان الألماني 630 مقعدا. وقد اعتبر ملاحظون أن هذه النتائج تعكس تراجع الثقة في الأحزاب التقليدية مثل الحزب الديمقراطي المسيحي والديمقراطي الاشتراكي، مقابل نتائج جيدة جدا لحزب البديل من أجل ألمانيا، وقد صرح زعيم الحزب بعد هذه النتائج "سنغير هذا البلد". سياسات ميركل الناجحة كان حزب أنجيلا ميركل في طريق مفتوح بحسب المتابعين نحو المرتبة الأولى في البرلمان الألماني بالرغم من تراجع أعداد المصوتين له. وبالتالي تحطم ميركل الأرقام القياسية وتتولى منصب المستشارة لولاية رابعة وستحكم بذلك ألمانيا ل16 عاما. النتائج لم تأت مفاجئة فقد جاءت مطابقة لاستطلاعات الرأي والتوقعات التي رأت أن الألمان سيجددون الثقة في ميركل بالرغم من سياساتها التي أثارت الجدل خاصة خلال السنة الفارطة فبالرغم من نجاح ميركل في عديد الملفات إلا أن ملف اللاجئين مثل حجر عثرة في طريق إشعاعها السياسي. ولكن ميركل عرفت كيف تتفادى أخطاء هذا القرار وتمتص ضربات المعارضين بل إنها حولت النقمة إلى فرصة وأقنعت الألمان بإيجابيات سياسة الأبواب المفتوحة على الاقتصاد الألماني. كما أنها لم تتردد في استعراض إنجازاتها في الملف الاقتصادي بالخصوص من خلال خفض معدلات البطالة ودفع الاقتصاد الألماني إلى المراتب العالمية الأولى، إضافة إلى الميزان التجاري الإيجابي والدور الذي يلعبه الاقتصاد الألماني وسياسة ميركل في إنقاذ الاقتصاديات الأوروبية المتعثرة. ولكن الضغوط التي مورست على الساحة السياسية أدت إلى مراجعتها لسياسة الانفتاح التام تجاه اللاجئين على سبيل المثال التي انبنت على صورة المستشارة الإنسانة. من ثقافة الترحيب إلى ثقافة الترحيل الصورة الوردية لميركل بالنسبة إلى صحيفة "نيويورك تايمز" قد تغيرت. فبعد أن ظهرت على غلاف مجلة "دير شبيغل" وروجت لثقافة الترحيب بأخذ صور سيلفي مع اللاجئين، فإن ثقافة الترحيب تحولت بحسب الصحيفة الأمريكية إلى ثقافة ترحيل وذلك نتيجة الضغوطات التي مارسها اليمين المتطرف على المستشارة وفريقها وعلى الساحة السياسية الألمانية بصفة عامة. وقد وعدت ميركل في 2015 بأنها ستعمل على تخفيض أعداد القادمين إلى ألمانيا، نتيجة هذه الضغوطات. وتشير الصحيفة الأمريكية إلى أن المركز الفيدرالي للتربية المدنية يجهز في كل انتخابات مطوية من المفترض أن تلعب دورا في مساعدة الناخبين على تحديد الأحزاب القريبة من قناعاتهم وقد تمت إضافة سؤال جديد هذا العام هو "هل يجب أن يكون الهولوكوست جزءا أساسيا من ثقافة الذاكرة الجمعية الألمانية"؟ ويعلق الكاتب على ذلك بأنه يعكس التأثير المتزايد لليمين المتطرف وسط هدوء قبيل انتخابات نتائجها متوقعة. فقد سجلت هذه الانتخابات حضور اليمين المتطرف الذي يمثله حزب البديل كقوة ثالثة في البرلمان لأول مرة منذ ستة عقود. وقد استمد اليمين المتطرف هذه الشعبية الجديدة من سياسات المستشارة خاصة المتعلقة بملف اللاجئين. ولكن بنظر البعض لا يمكن أن يقرأ بمعزل عن التحولات السياسية في عديد الدول بدءا من البريكست في بريطانيا وانتخاب دونالد ترامب في الولاياتالمتحدة أو حتى إيمانيول ماكرون في فرنسا .. يبدو أن الخارطة السياسية العالمية تشهد تحولات مستمرة تبرز أن التيارات اليمينية المتطرفة والتيارات الشعبوية لديها حضور في السياسة المعاصرة، وأن الأحزاب التقليدية تعيش أزمة حقيقية. أروى الكعلي حزب البديل الألماني بدأ البديل الألمانى منذ 4 سنوات التحرك ضد الاتحاد الأوروبى وعملة اليورو. ومرشحه في الانتخابات هو ألكسندر غاولاند. فاز الحزب بنسبة 25% من الأصوات فى الانتخابات المحلية فى مارس 2016 فى بلدة أنجيلا ميركل، نفسها، وجاء ذلك فى تحدٍ واضح لسياسات التوافق التى تتبعها ألمانيا. حصل الحزب على المركز الثانى بانتخابات المجلس التشريعى على مستوى الولايات الألمانية -وكل مجلس تشريعى مسؤول فى ولايته فقط عن التعليم والأمن- أما عن السياسات الأخرى فهى تقرر من خلال البرلمان الفيدرالى "Bundestag"، على مستوى الدولة ككل. يستقطب الحزب أصوات المواطنين الذين لا يرحبون بوجود اللاجئين فى بلادهم ولا يرحبون بوجود ألمانيا فى الاتحاد الأوروبى ويطالبون بهدم المساجد وطرد المسلمين واللاجئين.