صفاقس - الصباح: في موكب خاشع احتضنت قاعة الأفراح البلدية مساء الجمعة الماضي أربعينية الفقيد الدكتور محمد أنور عشيش، حضرته أعداد غفيرة من أفراد عائلته وأصدقائه وكلّ الذين أحبّوه وعرفوه من قريب أو من بعيد، غصّت بهم القاعة، جاؤوا وفاء للرجل وتقديرا لخدماته إن على المستوى المهني ونعني بذلك الطب النفسي أو على المستويات الثقافية والاجتماعية والخيرية والإنسانية وحتّى السياسية، والفقيد لبّى داعي ربّه يوم الخميس العاشر من أفريل 2008 إثر مرض عضال وهو الذي لم يكمل العقد السادس من العمر، هذا الموكب نظمته اللجنة الثقافية الجهوية فتضمن برنامجا حافلا اشتمل على معرض وثائقي حول مسيرة المرحوم على جميع المستويات وتقديم كلمات الوفاء والعرفان بالجميل للرجل تجاوزت خمس عشرة كلمة، بعضهم جاء من الجنوب التونسي والبعض الآخر من خارج البلاد، لما للرجل من إشعاع واسع النطاق إذ كان عضوا أو مؤسسا أو رئيسا لأكثر من24 جمعية أو رابطة أو هيكل في قطاعات ثقافية واجتماعية وسياسية ورياضية وقد ترك الفقيد بصماته في كل المواقع التي مر بها نظرا لما له من دربة وحنكة ودراية بالعديد من المسائل الطبية النفسية والإنسانية والخيرية، والفقيد متحصّل على الصنف الثالث من وسام الاستحقاق الاجتماعي لسنة 1990 وعلى الصنف الرابع من الوسام الوطني للاستحقاق سنة 2005 ووسام الاستحقاق الفرنسي رتبة فارس لسنة 2006. في بداية هذا الموكب تمّ توزيع كتيّب جميل وأنيق تضمّن نبذة من حياته وأعماله على جميع الحاضرين، فضلا عن كلمات العرفان والوفاء التي دوّنها أصدقاؤه من تونس ومن خارجها، لعلّ أبلغ ما قيل جاء على لسان الأستاذ فؤاد القرقوري تحت عنوان "فارس المهرجان"، فذكر بالخصوص أنّه فارس ترجّل قبل الأوان، كان فارسا مثقّفا، والثقافة لديه وعي وإدراك وإرادة رهانها الفعل والإنجاز، وذكر كذلك أنّه عاشر الفقيد عقدين من الزمن، فكان أحرص الجميع على عودة مجلة القلم فعادت وعلى ظهور النشرة الثقافية فظهرت، وخلص إلى الحديث إلى أنّ الثقافة لديه هي الحياة، لذلك أحبّ البلاد والناس دون حدود وتبعا لكل ذلك سيبقى ذكرى طيّبة وذكية في نفوس الجميع وسيظل فارس الثقافة على صهوة جواده، كل الذين تحدّثوا في هذه المناسبة ركّزوا على مسيرته كمبدع وكإنسان وطبيب ومثقف وخاصّة ما قدّمه للمعوقين بمختلف أنواعهم أطفالا وشبانا وكهولا وشيوخا وما حققه لرياضة المعوقين في صفاقس والجنوب التونسي ،لقد ضحّى كثيرا من أجل الآخرين، لقد أعطى من فكره وجهده الكثير، الكثير وجلب اعتمادات مالية هامّة عديدة لاسيما لبناء مركب جمعية المروءة وهي جمعية تعني بمتعددي الإعاقات، والفقيد هو مؤلف كتاب "صفاقس ذاكرتي" وسيبقى في ذاكرة هذه المدينة وذاكرة متساكنيها، وكان له نشاط إعلامي بإذاعة صفاقس تضمن إنتاجا لبعض البرامج الاجتماعية التحسيسية التي كان لها وقع إيجابي على المستمع، الدكتور محمد أنور عشيش رحل عنّا بجسده لكنّ روحه ستبقى ترفرف حولنا ،و سيبقى حيّا في وجداننا وكياننا ومهجنا. رحمه الله وطيّب ثراه.