انتشرت في السّنوات الأخيرة في الوسط المدرسي ظاهرة تعاطى المخدّرات التي أصبحت آفة تهدد أطفالنا و شبابنا. حيث أّنّ الإحصائيات الأخيرة المنجزة سنة 2013 تفيد أنّ عدد التّلاميذ الذين تعاطوا مادة مخدّرة في المدارس الإعداديّة و الثاّنوية تجاوز ال 50 % وهي نسبة تعدّ مفزعة و تستوجب بالضّرورة من الدّولة التونسيّة دقّ ناقوس الخطر و تحديد الإطراف المسؤولة عن تفشي هذه الظّاهرة الخطيرة و إيجاد الحلول الجذريّة للقضاء عليها.و لمعرفة الإحصائّيات الدّقيقة و التّدابير المتّخذة من طرف الوزارات و الهياكل التي تلعب دورا هاما في علاج هذه الظّاهرة طرحت جريدة "تونس الرّقمية" عديد الاستفسارات على مجموعة من المسؤولين في وزارة الصّحة و وزارة التربية و المندوبيّة الجهويّة للطفولة من بينها أخر الإحصائيات حول هذا الوضع، نسب انتشارها حسب الجنس، وماهي المواد الأكثر استهلاك و كذلك التّدابير المتّخذة عند التّفطن لمثل هذه الحالات؟ نبيل بن صالح: العقاب المسلّط على الشباب المدمن يحول دون تقدّم المريض للعلاج:و في هذا الإطار أفاد الدّكتور نبيل بن صالح مدير عام مركز طب الإستعجالى بتونس أنّ وزارة الصّحة انطلقت منذ ما يقارب السّنة في تحضير إستراتيجية لمساعدة هذه الفئة العمريّة الهشّة على المداواة و التّخلص من مشكل الإدمان الذي و حسب قانون 79 أصبح يعتبر مرضا مزمنا وأفاد الدّكتور بن صالح أنّ التعامل مع هذه الفئة يتمّ حسب تشخيص الطبيب.كما أكّد محدّثنا أنّه وفقا للاستبيان الذي أجري سنة 2013 على مجموعة من التّلاميذ في السنة الأولى و الثانية ثانوي و الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 17 سنة كشف أنّ 60 % منهم تناولوا الكحول و 1 % يتناولون المخدرات يوميا و هو ما اعتبره شيء خطير للغاية و له عديد التأثيرات الصّحية على هذه الفئة و قال أنّ استهلاك مادة القنب الهندي أي "الزّطلة" منتشرة أكثر لدى الشّباب في حين أنّ استعمال الحبوب متواجد أكثر لدى الفتيات.كما أكّد أنّ العقاب القانوني المسلّط على مستعمل المخدرات يلعب دورا هاما في منع المتعاطي من التّقدم للعلاج، وهذا ما جعل وزارة الصّحة تتراجع في إنشاء أقسام لمعالجة الإدمان على المخدرات. و أضاف أنّ القانون الجديد سيساهم في إيجاد حلول لهذه الظاهرة خاصة أنّ هذا القانون لا يتّجه نحو العقاب بل للحدّ من هذه الظّاهرة. في نفس السّياق توجّهت جريدة "تونس الرّقميّة" إلى وزارة التّربية لمعرفة دور الوزارة في الحدّ من هذه الآفة:وهنا تحدّث لنا السّيد أحمد السليمي مدير الحياة المدرسّية عن نسبة تعاطي المخدرات في الوسط المدرسي حيث كشف أنّ استهلاك مادة "الزّطلة" تعدّ الأكثر انتشارا و أكّد أنّ هذه الظّاهرة استفحلت بشكل ملفت للانتباه خاصة بعد الثورة و اعتبر أنّ لغة الأرقام تعمّق المأساة وحسب تقرير الطّب المدرسي و الجامعي فإنّ 61 % من الذّكور تناولوا مادة المخدرات و قرابة 41 % هي النّسبة لدى الفتيات.وأكّد محدّثنا أن هذه المواد يقع ترويجها خارج الوسط المدرسي كما شدّد على ضرورة الإحاطة النّفسيّة بهذه الفئة العمريّة الهشّة. و أضاف أن وزارة التربيّة أنشأت خليّة مراقبة في الوسط المدرسة لمحاولة الحدّ من هذه الظّاهرة.دور الجمعيات و المجتمع المدني لمجابهة آفة المخدرات في الوسط المدرسي: توجّهت "تونس الرّقميّة" كذلك إلى السّيد نبيل بن صالح رئيس الجمعيّة التّونسيّة لطبّ الإدمان و بسؤاله عن دور الجمعيات و المجتمع المدني في الوقاية من هذه الظّاهرة شدّد لنا محدّثنا عن غياب المراكز التي من شئنها الإحاطة بمتعاطي المخدرات و خاصة منهم فئة الشّباب و التّلاميذ. كما أكّد أنّ أغلبيّة المتعاطين يستعملون مادة "الزّطلة" و التي يتمّ ترويجها أساسا خارج المدارس واعتبر أنّه من الضروري أن تتكاثف الجهود و تسعى جميع الأطراف المعنيّة بالأمر إلى إيجاد حلول وقائيّة لحدّ منها. المندوبيّة الجهويّة للطفولة: من الضروري وضع إستراتيجيا تشمل جميع الأطراف للحدّ من ظاهرة تعاطي المخدرات في الوسط المدرسي:المندوبيّة الجهويّة للطفولة تلعب هي الأخرى دورا هاما في الإحاطة و العناية بالطّفولة ومن مشمولاتها كذلك أن تهتمّ بالأطفال الذين يتعاطون المخدرات داخل الوسط المدرسي أو خارجه عندما يتمّ إشعارها من طرف الهياكل المعنيّة بذلك حسب ما أكّده السّيد المندوب الجهوي لحماية الطفولة أنيس عبد الله، الذي أوضح أيضا أنّ دور المندوبيّة يتمثّل في حماية الطّفل أو التّدخل عندما يتمّ إعلام المندوبيّة بذلك من طرف الأطراف المعنيّة و أضاف أنّ العمليّة تتمّ على مستوى بدني و نفسي حيث أنّه من الممكن أن يتمّ توجيه الحالة إلى مستشفى الأعصاب حسب ما تتطلبه الحالة."تونس الرّقمية" رصدت أيضا رأي المجتمع و الشّارع التّونسي فيما يتعلّق بهذه الظّاهرة الخطيرة:حيث شدّد الكثيرون على الدور الذي تلعبه العائلة و الأسرة في حماية الطّفل أو الشّاب من هذه الظّاهرة و كذلك دور المجتمع و المحيط الذي يعيش فيه بمعنى أخر تأثير "الخلطة" على المراهق إذ أنّ العائلة من واجبها مراقبة أبنائها و حمايتهم من هذه الظّواهر. كما أشار آخرون إلى دور المربي في التّصدي لهذه الظّاهرة من خلال إشعار الأسرة و تشجيع التّلميذ على الخلق و الإبداع.