في ذكرى وفاة ساحر الأجيال حمادي العقربي بن رحيم الموافقة ليوم 21 أوت، عادت بي ذاكرتي إلى الزمن الكروي الجميل، عصر الإبداعات الكبرى في عالم عشق الجلد المدور. أيام كنت لاعباً في صفوف أداني النادي الرياضي الصفاقسي، كنا نترقب حصة التمارين التي يقدم فيها فنان قلّما يجود به الزمان، يروض الكرة بلمسات سحرية على المستطيل الأخضر في ملعب الطيب المهيري بصفاقس. كنا نتمنى أن يلهمنا حمادي العقربي، وأن نستقي من فنه الذي لا يعرف سره إلا هو، ومن تواضعه الذي لا يتحلى به إلا العظماء في كل الفنون التي تترسخ في الذاكرة الجماعية. أحمد الله أنني عرفته عن قرب وقدرت فيه الصديق الوفي، وشعرت أنه الشقيق الأكبر الذي لا يشغل ذهنه حسابات المصالح أو جمع المال أو استغلال المقربين منه. كان الشقيق النصوح الهادئ، الذي لا يطلق العنان لجنونه الفني إلا عندما يلمس الكرة ويطوعها لإرادته. لقد أجريت معه آخر حديث صحفي بجريدة "الشروق" قبل أن يغادرنا إلى الرفيق الأعلى، وكان مليئاً بالعشق لناديه "السي إس إس"، ومدافعاً شرساً عن سمعة كرة القدم التونسية ورافعاً لراية البلاد في المحافل الدولية. كان رحمه الله حريصاً على أن يتبع كل لاعب كرة قدم بالتواضع، مقنعاً الجماهير الرياضية بأن إرضاءهم وخدمتهم بتقديم عروض كروية راقية هو أمر ضروري يمكن تحقيقه بالمثابرة والتفاني في العمل الرياضي. حمادي العقربي رحل عنّا جسداً، لكن روحه ما زالت ترفرف بيننا في كل زمان ومكان، ولا تغيب عن مخيلة كل من عاشره أو عاصره. رحمك الله وأسكنك فسيح جناته يا حمادي الغالي.