الدربالى: مجلس الجهات والأقاليم أتم استعداده لجلسة أداء رئيس الجمهورية اليمين الدستورية    استئناف حركة المرور بمدخل المروج المتفرّع عن الطريق السيارة في أجل أقصاه غدا السبت (مدير مشروع المدخل الجنوبي للعاصمة)    طالت الزياتين والمنازل: متساكنو هذه الجهة يناشدون التدخل للقضاء على الحشرة القرمزية    منح جائزة نوبل للسلام 2024 لمنظمة "نيهون هيدانكيو" اليابانية المناهضة للأسلحة النووية    الحماية المدنية تكريم الملازم الأول عادل حفيظ    حالة الطقس لليلة الجمعة    المنستير: عروض فرجوية متنوعة في افتتاح الموسم الثقافي الجديد بدار الثقافة بالمكنين    سوسة : تظاهرة أكتوبر الموسيقي خلال الفترة من 18 إلى 26 أكتوبر 2024    مسرح سينما وكتب: وزارة الثقافة تكشف تفاصيل تظاهراتها الكبرى    لطفى بوشناق ولينا شاماميان نجوم افتتاح مهرجان الموسيقى العربية    صفاقس وفاة عون حرس متأثرا بطلق ناري من سلاحه الشخصي    الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي: التمديد في آجال التصريح بالأجور ودفع المساهمات    صفاقس: 16 أكتوبر افتتاح موسم جني الزيتون وسط تقديرات بارتفاع الصابة ب77%    الكاف: دخول أوّل وحدة خاصة لإنتاج الفسفاط التجاري مرحلة التجارب    عاجل : 400 فرصة عمل لفائدة التونسيين بإيطاليا و هذه الشروط    عاجل/ العياشي زمّال يواجه أحكاما قد تصل الى السجن 30 عاما!!..عبد الستار المسعودي يكشف..    مفزع/ جدري القرود: وفاة 979 شخصا في جميع أنحاء افريقيا    بالفيديو: وزارة الصحة تُحذّر من حمى غرب النيل    عاجل - : اتحاد الشغل يرد على الاشاعات التي تلاحق الطبوبي    تنظيم المنتدى الاقتصادي حول "التسوية المالية للصادرات والواردات: تمويل الصادرات نحو ليبيا" يوم 17 أكتوبر 2024    المهرجان الدولي للارتجال بالمهدية من 17 إلى 20 أكتوبر 2024    الاتحاد الاوروبي لكرة القدم يفرض عقوبات على لاتسيو وأتليتيكو بعد تصرفات عنصرية من الجماهير    بطولة إفريقيا للأندية لكرة اليد: الجمعية النسائية بالساحل تستهل المشوار بتحقيق الإنتصار    نزهة تتحول الى كارثة..وهذه التفاصيل..    الكاتبة الكورية الجنوبية هان كانغ تحصد'' نوبل الآداب ''    ''براكاج'' في قلب أريانة: الأمن يطيح بهم ويحجز الهواتف والحواسيب المسروقة    تطاوين: ورشة إقليمية لفائدة فلاحي ولايات الجنوب حول إعداد برنامج موحد للارشاد في زراعة الحبوب المروية    حريق بمخزن تبريد في نابل يلتهم 30 طنا من الشكولاطة..    تقديرات بتطور معاملات التجارة الدولية العام القادم    تأمينات الزيتونة تكافل تعلن إطلاق خدمتها الجديدة 'زيتونة هيلث بريميوم' للتأمين الصحي الدولي    رادس الكشف عن وفاق إجرامي قصد ترويج المخدرات وحجز 01 كلغ من الكوكايين    مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: مقتل أكثر من 100 من المسعفين وعمال الطوارئ في لبنان    الجامعة التونسية لكرة اليد تكشف عن تركيبة الإدارة الوطنية للتحكيم    كل ما تريد معرفته عن عملية بيع تذاكر مباراة النادي الإفريقي والصفاقسي    الحرس الديواني حجز كميات هامة من البضائع ومبالغ مالية مهربة بقيمة جملية بلغت 1.6 مليون دينار.    حصيلة تدخلات الحماية المدنية خلال ال24 ساعة الماضية    صادم/ خلاف بين تلميذين على "انستغرام" كاد ينتهي بجريمة قتل..    عاجل : مكملات غذائية مضرة و تحتوى على مواد مسرطنة و التفقدية الصيدلية تحذر    بن عروس: اصابة 4 أشخاص في حادث اصطدام بين سيارتين..    مدرب جزر القمر: "اختطاف نقطة ضد المنتخب التونسي يعد نتيجة ايجابية"    السينما التونسية تتوج في الدورة 12 لمهرجان وهران السينمائي الدولي للفيلم العربي    حزب الله يستهدف تجمعات وتجهيزات تابعة للجيش الإسرائيلي    الذهب يرتفع إلى أسعار قياسية في تونس    من بينها الخبز والنقانق.. أطعمة تزيد من الالتهابات    في حادثة لن تتكرر قبل 80 ألف عام: مذنب عملاق يقترب من الأرض    استشهاد 22 لبنانيا في ضربات اسرائيلية.. ونجاة قيادي بحزب الله    شرب الماء عند الاستيقاظ.. هذه فوائده    واشنطن: إسرائيل ستهاجم إيران قريبا ونخشى من التصعيد إلى حرب إقليمية    برنامج الجولتين السادسة و السابعة لبطولة كرة السلة    غدا الجمعة.. عبير موسي ومريم ساسي أمام عميد قضاة التحقيق    منبر الجمعة...الرويبضة... التافه يتكلم في أمر العامة !    خطبة الجمعة..ذكر الله في السراء والضراء    يسيء إلى سمعة المجتمع...حكم التسول في الإسلام !    فيلم روائي وثائقي حول جماعة تحت السور    تونس تدعو إلى إرساء مقاربة إقليمية لمقاومة الأمراض الحيوانيه العابرة للحدود وتركيز شبكة إنذار مبكر    جلسة عمل بوزارة الشباب والرياضة للنظر في ملفي التحكيم وتقنية "الفار"    مذنّب يقترب من الأرض السبت المقبل    عاجل : الأرض تشهد كسوفا حلقيا للشمس اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



QNB – هل بلغت تجارة السلع العالمية ذروتها؟
نشر في تونس الرقمية يوم 26 - 03 - 2023

كان التوسع الكبير في التجارة الدولية للسلع أحد دعائم الاقتصاد العالمي خلال الخمسين عاماً الماضية، وكان محركاً أساسياً للنمو وأدى إلى فوائد اقتصادية كبيرة تمثلت في انخفاض الأسعار للمستهلكين وزيادة الإنتاجية في جميع أنحاء العالم. ولكن عند النظر إليه كنسبة من الناتج الإجمالي العالمي، يبدو أن تقدم التجارة قد توقف منذ الأزمة المالية العالمية في 2008-2009. وهذا يدفعنا للتساؤل عما إذا كانت تجارة السلع العالمية قد بلغت ذروتها.
في هذه المقالة، نوضح أن فترة العوامل الهيكلية الداعمة لنمو التجارة العالمية قد انتهت منذ أمد طويل، وأن العوامل الجديدة تشير إلى مزيد من الرياح المعاكسة في المستقبل القريب.
تجارة السلع كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي (%)
المصادر: البنك الدولي، تحليلات QNB
تعزز النمو القوي في التجارة الدولية للسلع قبل الأزمة المالية العالمية بفعل عوامل مختلفة. أولاً، تم إحراز تقدم كبير في مجال تحرير التجارة. وتم إبرام العديد من اتفاقيات التجارة الإقليمية في تسعينيات القرن الماضي، بما في ذلك اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا)، وتأسيس الاتحاد الأوروبي، والسوق المشتركة الجنوبية (ميركوسور)، ورابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان). نتيجة لهذه الاتفاقيات والمفاوضات متعددة الأطراف والإصلاحات التجارية الأحادية في الدول المنفتحة، تناقصت الحواجز التجارية بشكل كبير. في الواقع، تم تخفيض متوسط معدل التعريفات المفروضة على السلع في الدول متوسطة ومنخفضة الدخل من 23% في عام 1989 إلى أقل من 5% في السنوات الأخيرة.
ثانياً، كانت عملية التنمية الاقتصادية في مختلف الدول من العناصر الأخرى التي ساهمت في نمو التجارة. فقد وضعت دول مثل الصين والهند والأسواق الحدودية الأخرى في جنوب شرق آسيا أهدافاً أكثر صرامة لتقليل مستويات الفقر، والانتقال صعوداً في سلسلة القيمة من الزراعة إلى التصنيع، والاندماج في الاقتصاد العالمي. في الواقع، كانت عملية "اللحاق" بمستويات أعلى لدخل الفرد في الصين مدفوعة بعملية تصنيع مكثفة وأنتجت وفرة من السلع للتصدير. وبالمثل، زادت الهند حجم التجارة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي من 16% في عام 1990 إلى 56% في عام 2012، وأظهرت العديد من الدول في جنوب شرق آسيا مستويات نمو أعلى، مثل فيتنام وإندونيسيا وتايلاند.
متوسط أسعار التعريفات الجمركية المطبقة
(مرجح، %، أحدث بيانات متوفرة)
المصادر: منظمة التجارة العالمية، البنك الدولي، تحليلات QNB
ثالثاً، كان للتقدم التكنولوجي تأثير إيجابي على التجارة الدولية عبر قنوات مختلفة، فقد حسن الاتصالات وخفض تكاليفها، مما أتاح للشركات والموردين زيادة التنسيق، بما في ذلك تنفيذ عمليات التصنيع في الوقت المناسب بأحجام كبيرة، مع تقليل أوقات دورات التجارة. وأدى تطوير أنظمة الدفع الإلكترونية إلى خفض تكاليف معاملات التجارة الدولية، مما جعل المشاركة في الأسواق العالمية في متناول الشركات. بالإضافة إلى ذلك، عززت تلك الأنظمة الوصول إلى المعلومات، مما سهل الوصول إلى الأسواق والموردين الأبعد.
في ظل هذه التطورات، ظهرت سلاسل القيمة العالمية (GVC)، حيث بدأ الإنتاج يتم على عدة مراحل عبر مختلف الدول. ولسلاسل القيمة العالمية تأثير مضاعف على أحجام التجارة، حيث أن كل وحدة من المنتجات المصدرة تتطلب مدخلات ومنتجات غير مكتملة الصنع لعبور الحدود عدة مرات. كمثال تقليدي، تتطلب صناعة هاتف آيفون مكونات من موردين في 43 دولة، والذي بدوره يتطلب مدخلات وسيطة من مصادر مختلفة.
ومع ذلك، تهيمن الرياح المعاكسة الآن على الآفاق طويلة الأمد لنمو التجارة.
فيما يتعلق بتحرير التجارة، هناك الآن مجال محدود لإجراء تخفيضات إضافية في التعريفات الجمركية. في حين كان تخفيض التعريفات محركاً مهماً لنمو التجارة في الماضي، لا سيما من خلال دمج الدول متوسطة ومنخفضة الدخل في الاقتصاد العالمي، فإن متوسط معدل التعريفات المطبقة حالياً منخفض في كل من الاقتصادات المتقدمة والأسواق الناشئة. بالإضافة إلى ذلك، لا توجد رغبة سياسية كبيرة في إجراء مزيد من التخفيض للتعريفات التي تعتبر منخفضة حالياً، فذلك سيؤثر في الغالب على القطاعات الحساسة، مثل القطاعات المتعلقة بالزراعة والأمن القومي.
علاوة على ذلك، أصبحت عملية التكامل الاقتصادي التي حدثت في العقود السابقة مهددة الآن بالتوترات الجيوسياسية وبتزايد الحمائية التجارية، فقد أدت النزاعات المستمرة بين الولايات المتحدة والصين التي بدأت في عام 2018، يليها الصراع الروسي الأوكراني، إلى زيادة الحواجز التجارية والعقوبات وحظر التكنولوجيا. كمثال على ذلك، أصدرت وزارة التجارة الأمريكية في أواخر عام 2022 مجموعة استثنائية واسعة من تدابير الحظر على صادرات رقائق أشباه الموصلات وغيرها من المعدات ذات التكنولوجيا المتقدمة إلى الصين. علاوة على ذلك، ظهرت الحمائية حتى في العلاقات التجارية بين الحلفاء. على سبيل المثال، ينص قانون خفض التضخم الأمريكي (IRA) الذي تمت الموافقة عليه في منتصف العام الماضي على تقديم الدعم المباشر للصناعات التي تحتدم فيها المنافسة مع الشركات الأوروبية، مما يضع حواجز فعلية أمام الشركات الأجنبية العاملة في السوق الأمريكية.
فيما يخص العوامل المرتبطة بالتنمية الاقتصادية، فإن التغييرات ترجح أيضاً تباطؤ الأهمية النسبية للتجارة. يعتبر التحول الهيكلي من السمات المميزة للنمو وتزيد بموجبه حصة الخدمات في الاقتصاد مقارنة بالتصنيع والزراعة. وتقلل هذه العملية بشكل طبيعي من وزن التجارة في الاقتصاد. تراجعت مستويات التجارة في الصين، التي شكلت 64% من ناتجها المحلي الإجمالي في ذروة عام 2006، إلى أقل من 40% في الوقت الحالي، وهي تقترب من المستويات السائدة في "الاقتصادات الضخمة" مثل الولايات المتحدة، والتي تبلغ حوالي 25%. ونظراً لأن الصين تعمل على إعادة التوازن لنموذج النمو الخاص بها من خلال زيادة الاستهلاك المحلي، بدلاً من الصادرات، فإن هذه العملية ستتسارع لا محالة.
بشكل عام، ستظل التجارة سمة رئيسية للمشهد الاقتصادي العالمي، إلا أن فترة التوسع التجاري القوي أصبحت من الماضي. ومن المتوقع أن تؤدي الرياح المعاكسة الجديدة الناتجة عن استنفاد التحرير القائم على التعريفات، وتزايد التوترات الجيوسياسية، وظهور ديناميكيات جديدة للتنمية في الصين، إلى تباطؤ ملحوظ في نمو التجارة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.