تولى الأربعاء 6 أفريل 2022، وزير الاقتصاد والتخطيط سمير سعيد والممثل المقيم للبنك الدولي بتونس ألكسندر أوروبيو وبحضور وزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي، التوقيع على اتفاقية تمويل بقيمة 400 مليون دولار أي ما يناهز 1160 مليون دينار وذلك لفائدة مشروع الحماية الاجتماعية للتصدي العاجل لجائحة كوفيد-19. ويهدف هذا المشروع، حسب الإفادة الرسمية، إلى دعم الفئات الهشة لا سيما الأسر الفقيرة وذات الدخل المحدود من أجل تعزيز قدرتهم على مجابهة تداعيات جائحة كوفيد-19، مع تقديم دعم لفائدة رأس المال البشري للأسر الفقيرة وخاصة الأطفال الذين لم يتجاوز سنهم 5 سنوات فضلا عن دعم منظومة الحماية الاجتماعية في تونس. وأكّد سمير سعيد بالمناسبة على أهمية هذا التمويل باعتبار ما سيوفره من مساعدة ودعم لفائدة الأسر الفقيرة حتى تتمكن من مجابهة ما خلفته جائحة كوفيد-19 من تأثيرات على مختلف الجوانب الحياتية، مثمنا دور البنك العالمي في مساندة الجهود الوطنية للتنمية الاقتصادية والنهوض الاجتماعي. من جانبه بين وزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي أن المشروع يتكون من ثلاثة محاور وهي التحويلات المالية للتخفيف من تداعيات الجائحة وتحويلات لدعم الأطفال دون الخمس سنوات من أبناء العائلات الفقيرة ومحور ثالث يهم دعم منظومة الحماية الاجتماعية والمساعدة في تجسيم الإصلاحات، خاصة على مستوى الحوكمة وتطوير إجراءات وعمليات الإدماج بالسجل الاجتماعي واعتماد الرقمنة في هذا الاتجاه. هذا وكان البنك الدولي، قد أعلن يوم 15 فيفري الفارط، منح تونس تمويلات بقيمة 400 مليون دولار لتمويل "الإصلاحات ذات البعد الاجتماعي"، واعدا بتقديم مساعدات أخرى لفائدة المؤسسات الصغرى والمتوسطة، وذلك عقب لقاء جمع وفدا رفيع المستوى من البنك الدولي برئيسة الحكومة نجلاء بودن في مقر رئاسة الحكومة. وأكد نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فريد بلحاج، وفق بلاغ نشرته رئاسة الحكومة، أن البنك مستعد لتقديم كل التمويلات الضرورية التي تستحقها تونس لوضع الإصلاحات الاقتصادية، والتي ستكون لها انعكاسات على الجانب الاجتماعي. وأشار بلحاج إلى أن البنك الدولي سيقوم بداية بضخ تمويلات تصل إلى 400 مليون دولار لتمويل الإصلاحات ذات البعد الاجتماعي، يضاف إليها مبالغ أخرى قادمة، مخصصة لدعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة، وتوفير التلاقيح والدعم الصحي الضروري لتونس. واتى إعلان البنك الدولي منح تونس تمويلات من أجل الإصلاحات ذات البعد الاجتماعي مع بدء الحكومة مفاوضات تقنية مع صندوق النقد الدولي بغية الحصول على تمويل لن يقل عن 4 مليارات دولار. غير ان توقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي يتطلب قيام تونس بإصلاحات مكلفة اجتماعية، ومنها رفع الدعم وخفض كتلة الأجور وتجميد الاجور، وهو ما من شأنه أن يؤثر على الطبقات الضعيفة والمتوسطة. هذا ومنح في مارس الماضي، البنك الدولي في سابقة من نوعها قرضا بشروط مخففة بقيمة 300 مليون دولار لتمويل المشروع الطارئ لدعم الحماية الاجتماعية للاستجابة لجائحة كوفيد-19. وفي سبتمبر الماضي، صرفت الحكومة تحويلات نقدية بقيمة 300 دينار لفائدة نحو مليون أسرة من أجل مساعدتها على تجاوز الأثر الاقتصادي لأزمة فيروس كورونا، ودعم شبكات الحماية الاجتماعية. وقال البنك الدولي حينها إن التمويلات ستساعد تونس على بناء قدرتها على الاستجابة بشكل أفضل لمواجهة الصدمات الاقتصادية في المستقبل. كما سيساعد المشروع على حماية أكثر من 100 ألف طفل يحتاجون للحد الأدنى من الرعاية دون سن الخامسة، من خلال تغطية احتياجاتهم الصحية والتعليمية. ويعتبر البنك الدولي أن تونس في حاجة إلى شبكة أمان اجتماعي للمساعدة في حماية الفقراء من آثار الأزمات الصحية والاقتصادية. ومشروع الأمان الاجتماعي الذي يحظى بالدعم المالي من البنك الدولي يهدف إلى تسريع وتيرة تنفيذ برنامج شبكة الأمان، وحماية صحة وتعليم الأطفال الأكثر ضعفا، وتحسين حياة ملايين التونسيين في السنوات المقبلة. وتحتاج تونس هذا العام إلى تمويلات خارجية لا تقل عن 4 مليارات دولار يتعين على الحكومة تعبئتها من المانحين الدوليين والسوق العالمية. ومن المؤكد ان ضبابية السياسات الحكومية في البلاد تفاقم من معدلات الفقر في البلاد، فيما تحول الصراعات السياسية والأزمة الاقتصادية الخانقة دون احتواء هذه الظاهرة التي توسّعت رقعتها بشكل مقلق قبل الجائحة وبعدها. وكشف تقرير للبنك الدولي أن أكثر من 600 ألف تونسي انحدروا تحت خط الفقر نتيجة مخلفات الجائحة، التي ضربت البلاد، وراح ضحيتها أكثر من 25 ألف شخص. وحسب تقديرات البنك لشهر جوان الماضي، فإن الجائحة تسببت في ارتفاع نسبة الفقر من 15.5 بالمئة إلى 21 بالمائة من مجموع سكان البلاد. كما يبدو بجلاء أن استراتيجية البلاد في محاربة مختلف أوجه الفقر غير واضحة وتتسم بالضبابية فضلا عن تشتتها، ما ساهم في تفاقم معدلات الفقر اذ تعتمد السياسات الحكومية في هذا المجال بشكل خاص على المساعدة المالية الظرفية ولا تستهدف أسباب الفقر الحقيقية، في الوقت الذي تشتد فيه الصراعات السياسية في غياب إيلاء السلط اي اهتمام بالظاهرة أو تقديم حلولا واقعية لمعالجتها. ورغم وضع العديد من البرامج وآخرها تخصيص تمويل من البنك الدولي، لفائدة أكثر من 700 ألف عائلة، فما زال أكثر من مليونين و500 ألف تونسي يرزحون تحت خط الفقر. وللإشارة فانه وعلى الرغم من إطلاق كل حكومة بمجرد تنصيبها وعودا بمحاربة الفقر، لا يبدي التونسيون ثقة في جدية الخطط الحكومية ويصنفونها في إطار التصريحات الشعبوية لإخماد غضب الشارع توجّسا من اندلاع الاحتجاجات المناهضة لأدائها. في حين يلاحظ الخبراء أن اعتماد تونس على ذات المنوال التنموي الذي كان من أبرز أسباب احداث 2011.