استعمال الحاسوب اللّوحي غدا من قبل أعوان هيئة الانتخابات اختياري وغايته سبر الآراء فقط.    استقرار نسبة التضخم في تونس في مستوى 7ر6 بالمائة خلال سبتمبر 2024    المنتخب التونسي للاواسط في تربص تحضيري من 6 الى 14 أكتوبر استعدادا لتصفيات كاس افريقيا للامم لكرة القدم    رئيس هيئة الانتخابات يلتقي وفدا من هيئة الانتخابات بروسيا ووفدا من المنظمة الدولية للفرنكوفية    فاروق بوعسكر: « ما يروج حول ضعف نسبة الاقبال على التصويت في الخارج هو اخبار زائفة ومغلوطة »    مدنين: انتشال جثة وإخضاعها للإجراءات العلمية اللازمة لتحديد انتمائها من عدمه لغرقى مركب الهجرة غير النظامية بجربة    بطولة الرابطة الثانية - برنامج الجولة الافتتاحية    المعهد الوطني للرصد الجوي: شهر جويلية 2024 ثالث أكثر الأشهر حرارة منذ سنة 1950    وليد الصالحي: أنا الأكثر إنتاجًا حاليا    آية دغنوج: لهذه الأسباب تم فسخ أغنية ''ناقوس تكلم '' من اليوتيوب    شتاء أبرد من العام الماضي    الرابطة الأولى: برنامج مواجهات الجولة الخامسة ذهابا    البحث في كيفية التسريع في رقمنة الخدمات السياحية محور جلسة عمل بين وزير السياحة مع المكتب التنفيذي للجامعة التونسية لوكالات الأسفار والسياحة    كأس 'الكاف': النادي الصفاقسي في المستوى الثاني في تصنيف الأندية قبل قرعة دور المجموعات    دعوة ثنائي الملعب التونسي لتعزيز صفوف منتخباتهم    السياسة الطاقية في تونس: رهانات وتحديات    حضور تونسي لافت في الدورة 12 من مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي    عاجل/ إحالة مخالفات انتخابية على النيابة العمومية..    تونس تحتضن إجتماع الشبكة الإقليمية لمسؤولي وحدات الأوزون للدول الإفريقية الناطقة بالفرنسية من 7 إلى غاية 9 أكتوبر الجاري    القبض على عصابة ترويج المخدرات بمحيط المعاهد الثانوية..    تقرير دولي يؤكد استدامة الدين الخارجي لتونس    الليغا: ريال مدريد محروم من خدمات أبرز ركائزه في مواجهة الليلة    بورتريه: حسن نصر الله.. القائد والمعلم    هام/ بلغ أقصاها 39 ملم ..كميات الأمطار المسجلة خلال الساعات الأخيرة..    نابل: توقعات بإنتاج 62 ألف طن من زيتون الزيت و5600 طن من زيتون المائدة بزيادة 4 بالمائة مقارنة بالموسم الفارط    عاجل/ المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرات توقيف بحق 6 أشخاص..وهذه جنسياتهم..    عاجل/ لجنة مجابهة الكوارث تتدخّل لشفط مياه الأمطار من المنازل بهذه الولاية..    جندوبة لقاءات بين السلط الجهوية و ممثلي المنظمات الوطنية لدفع التنمية و التشاركية    الطقس اليوم/ أمطار رعدية بهذه الجهات..    تاجروين: إيقاف موظفين بشبهة فساد واختلاس من إحدي الجمعيات المالية    اليوم: أمطار غزيرة بهذه الجهات    نفيسة بنت محمد العش ارملة المرحوم عامر بالحاج في ذمة الله    نسبة تقدم انجاز الطريق الرابطة بين جربة وجرجيس بلغت 67 بالمائة    استشهاد قيادي في حماس و 3 من أفراد أسرته في غارة اسرائيلية    هاريس تلتقي ممثلين للأمريكيين من أصول عربية بميشيغان لإقناعهم بالتصويت لصالحها    جيش الاحتلال: مؤشرات متزايدة على استشهاد هاشم صفي الدين    ترامب لإسرائيل: اضربوا منشآت إيران النووية    لبنان ... غارات على ضاحية بيروت وحزب الله يوقع قتلى وجرحى بقوة إسرائيلية    سيدي بوزيد: افتتاح مركز الصحة الأساسية بالرقاب    الممثلة وجيهة الجندوبي ل«الشروق»...مسرحيّتي الجديدة اجتماعية بطابع سياسي    خاص...بمناسبة احتفال النادي الافريقي بمرور 104 سنوات على تأسيسه ..الأوركسترا السمفوني بمقرين يقدّم «سمفونية النادي الإفريقي»    أولا وأخيرا... لا عدد لدول العرب !    كيف تنجح في حياتك ؟..30 نصيحة ستغير حياتك للأفضل !    متابعة صيانة المعالم الثقافية    "الرجل الذي باع ظهره" لكوثر بن هنية يُعرض في مهرجان الفرنكوفونية بباريس    سيدي بوزيد ..إصابة طفل ال 3 سنوات بجرثومة الشيغيلا    بالفيديو: الشركة التونسية للصناعات الصيدلية تعلن استئناف نشاطها    الدورة الأولى للمنتدى التونسي للبيولوجيا الطبية تناقش استعمال الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة لتطوير المهنة    خلال التسعة أشهر الأولى : ارتفاع لحركة عبور المجال الجوّي التونسي    المكنين: الإحتفاظ بمروّج مخدّرات وحجز كمية من المواد المخدّرة مخفية داخل عدّاد استهلاك الكهرباء    الفيلم التونسي '' الرجل الذي باع ظهره '' يُعرض في مهرجان الفرنكوفونية بباريس    البنزرتي: طرحت فكرة تجنيس مهاجم الترجي الرياضي رودريغو رودريغاز على رئيس لجنة التسوية للجامعة    الاحتياطي من العملة الصعبة يتراجع إلى ما يعادل 114 يوم توريد    عاجل - تونس : تفكيك شبكة مختصة في ترويج المخدرات بالأوساط التربوية    طقس الجمعة: أمطار منتظرة بهده المناطق وانخفاض في درجات الحرارة    خطبة جمعة..مكانة المسنين في الإسلام    مفتي الجمهورية: يوم الجمعة (4 أكتوبر الجاري) مفتتح شهر ربيع الثاني 1446 ه    عاجل : الأرض تشهد كسوفا حلقيا للشمس اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بقلم عبد العزيز الڨاطري: الصّلح كآليّة لفضّ النّزاعات الدّيوانيّة
نشر في تونس الرقمية يوم 25 - 07 - 2020

تمُثّل آلية الصلح في المادّة الديوانية شكلا من أنجع أشكال إنهاء النزاع الدّيواني بقطع النّظر عن مدى تورّط المخالف أو وجاهة المخالفات المرفوعة ضدّه والطّلبات الإداريّة المقدّمة للمحكمة، حيث تُمكّن هذه الآلية الخزينة من موارد مالية في الحين دون انتظار الحكم في القضايا وما تحتمله من عدم سماع الدّعوى أو سقوط بالتّقادم، وتُجنّب ذوي الشبهة مزيدا من العقوبات المالية والجسدية وما ينجرّ عنها من تحجيرات وانعكاسات وخيمة على أنشطتهم، وتخفّف كاهل المحاكم من طول إجراءات التّقاضي وما فيها من جلسات ومطالب تأخير واستئناف وتعقيب قد تأخذ سنين طويلة.
لذلك تضمّنت التّشريعات الديوانية في جميع بلدان العالم فصولا تُمكِّن إدارات الدّيوانة من إبرام الصلح مع ذوي الشبهة، وقد نسجت تونس على منوالها منذ حصولها على استقلالها الدّاخلي حيث ذكر الفصل 220 من مجلة الدّيوانة القديمة الصّادرة بموجب أمر علي مؤرخ في 29 ديسمبر 1955 أنّه:
1 يجوز لإدارة الديوانة إبرام صلح مع الأشخاص الواقع تتبعهم من أجل ارتكاب مخالفات أو جنح ديوانية.
2 يمكن إبرام الصلح قبل صدور الحكم النهائي و تنقضي الدعوى العمومية بموجب تنفيذ الصلح.
3 إلا أن الصلح المبرم بعد صدور حكم نهائي لا يحول دون تنفيذ العقوبات البدنية.
ورغم أنّ هذا الفصل لم يقيّد إدارة الدّيوانة بأيّة شروط أو قيود من حيث الشّكل أو الأصل لإبرام الصّلح مع الأشخاص الواقع تتبّعهم، إلّا أنّ الإدارة فرضت على منظوريها مِمّن يعهد لهم إبرام الصّلح بموجب خططهم قيودا تهدف للحدّ من سلطتهم التّقديريّة ولتجنّب أيّ انحراف بالسّلطة، وذلك بربط مبلغ الخطايا الصّلحية بنوعية المخالفة (تصريح مغلوط أو تهريب) وبنيّة المخالفة (متأكّدة، محتملة، مستثناة) وبإمكانية الإفلات (قويّة، متوسّطة، ضعيفة)، كل ذلك ضمن جدول يحدّد الخطية طبقا لنسبة مئوية من قيمة البضاعة المخالف في شأنها أو من مبلغ الآداءات المتفصّى من دفعها، حسب الحالة، على أن يقع توثيق كل ذلك ضمن تقرير (feuille d'avis sur les transactions) يرفع للرّئيس المباشر للمصادقة على الصّلح.
وأذكر بالمناسبة أنّه عند نقلتي في بداية مشواري المهني إلى غارالدّماء بصفة قابض للدّيوانة بطلب منّي، تمّ استقبالي من طرف المدير العام (سي م.ب) آنذاك، حيث أسداني نصائح ثمينة لا تُنسى، ومنها قوله لي بخصوص تعاطي أهالي المنطقة لأتشطة التّهريب : »غمّض عين وحل عين « ، شارحا لي أنّه لو تغاضينا قد نقع فيما لا يُحمدُ عقباه، ولو توخّينا الصرامة المطلقة، فقد يُضطرّ أهالي المنطقة للنّزوح وتركها خالية، وهو ما يصبو إليه أعداء الوطن.
لذلك، عندما كان يجلب لي أعوان الفرقة بعض محاضر تتعلّق بالمسحوقين من متساكني المنطقة الحدودية أو بضائع الباعة المتجولين الّذين يتاجرون فيها لسدّ الرّمق، يحدث أن أتخذ في شأنهم قرارات صلح تقضي بخطايا رمزية، وأحيانا بحفظ المحاضر دون أيّة خطايا، بينما أتولّى التّرفيع في قيمة الخطايا بالنسبة لمُحترفي التّهريب، وكانوا يدفعونها عن طيب خاطر وبسرعة، كي يعودوا لنشاطهم في أسرع وقت.
كما أذكر أنّي كنت ذات مرّة في مهمّة في باريس صحبة بعض الضبّاط السّامين منهم مراقب عام، وقد شرح لنا أحد ضبّاط الصّف بمطار أورلي أنّه مُخول له إبرام الصّلح مع المسافرين المخالفين، سواء منهم القادمين إلى فرنسا أو المُغادرين لها، بإلزامهم بدفع خطايا متفاوتة المبالغ حسب ما يتحوّزون عليه من عملة، تاركا لهم ما يحتاجونه لمصاريف إقامتهم، وأحيانا بالتّنازل عن البضاعة موضوع المخالفة وحفظ الملف.
بالمقابل، يحدث أن يرفض بعض المسئولين تحمّل مسئولياتهم في هذا المجال بدعوى تجنب المساءلة، فإمّا ان يرفضوا إبرام الصلح مرة واحدة، أو أن يصدروا قرارات صلح مُشِطّة وغير قابلة للتّنفيذ، بما يجعل المخالفين يجنحون للتّقاضي وتمطيط الآجال وتأجيل الجلسات إلى أقصاها، مع ما يتطلّبه ذلك من ازدحام في المحاكم وتراكم القضايا إلى ما لا نهاية له. وقد كنت شاهدا على قضية مكثت 30 سنة بين تقاضي وإجراءات، ومات اثنان من المخالفين الثّلاثة، ومع ذلك يتشبّث المسئول عن النّزاع برفض الصلح أو بخطايا لا طاقة لمن بقي حيّا بها. كما حدث أن التمس بعض المخالفين صلحا يقضي بدفع خطية معقولة في شكل تسبقة ببعض ملايين الدّينارات على أن يقع تمكينه من استئناف نشاطه كي يتمكّن من دفع الباقي على أقساط وعودة 300 عامل إلى شغلهم، فتمّ رفض عرضه، و"احترق" المصنع، ورجع المستثمر إلى بلاده بعد أن قبض التعويضات من شركة التّأمين، وتمّ تقديم الملف للمحكمة مصحبا بطلبات تتضمن خطايا بعشرات ملايين الدينارات لم تحصل منها الدولة ولو على مليم واحد، ونال المسئول رتبة أعلى وخطة مراقب عام.
وقد حدث أن ضبط أعوان أحد المراكز الحدودية عجوزا بحوزتها ورقة من فئة ال500 فرنك فرنسي، ما قيمته 80 دينارا آنذاك، لمّا كانت ذاهبة للجزائر لاقتناء بعض الآنية النّحاسية وبيعها في تونس كسبا للقمة العيش، وحيث حدث أن قرّر بن علي منع الصّلح في الجُنح الصرفية بداية تسعينات القرن الماضي انتصارا لإحدى صديقات زوجته الّتي سعت للتّنكيل بشقيق زوجها المتوفّى من أجل حسابات في الخارج لم يصرّح بها للبنك المركزي، ما أدّى إلى سجنه رغم إصابته بالسّرطان وموته في السجن، كان ولا بدّ أن تتم إحالة ملفّ القضيّة على العدالة مصحوبا بطلبات الإدارة وفقا لمقتضيات الفصل 35 من مجلة الصّرف الذي ينصّ على عقوبة بالسجن من شهر واحد إلى خمس سنوات وبخطية من مائة وخمسين دينار إلى ثلاثمائة ألف دينار، وقد حكم القاضي عليها بأقصى العقوبة ، أي ب300 ألف دينار، مع إضافة 75 ألف دينار (الدسيمين ونصف الدسيم)، وتمّ تثقيل الحكم بالقباضة، ولمّا لم تدفع العجوز، تم استصدار إذن بالجبر بالسجن ضدّها، وتمّ الزّج بها بالسجن.
ولو يتّسع المجال لحدّثتكم على مزيد من المضحكات المبكيات حول حكايات الصلح المرفوض أو غير القابل للتّنفيذ، غير أن ما سيأتي سيزيد الطّين بلّة.
فقد تبنّى الفصل 322 من مجلة الدّيوانة الجديدة الصّادرة بموجب القانون عدد 34 لسنة 2008 مؤرخ في 2 جوان 2008 نفس مقتضيات مجلّة 1955 بإضافة فقرتين كالتّالي:
4 تخضع مطالب الصلح لرأي لجنة مركزية أو لجان جهوية وذلك حسب طبيعة المخالفة أو الجنحة ومبلغ المعاليم والأداءات المستوجبة.
5 – تضبط تركيبة وطرق سير عمل هذه اللجان بمقتضى أمر.
ولئن صدرت تلك المجلّة "الجديدة" في 2008، فإن عشرات النّصوص التطبيقية التي اقتضتها فصولها لم يصدر أغلبها إلى اليوم، وحتّى الأمر المشار إليه بالفقرة 5 أعلاه، فإنّه لم يصدر إلّا في شهر أكتوبر من 2018، أي بعد عشر سنوات كاملة، رغم وجود مكتب بالإدارة العامة للدّيوانة مكلّف بالتشريع برتبة إدارة مركزية يزخر بالطّاقات الكفؤة والمهدورة.
وقد ضبط الأمر حكومي المذكور والصّادر تحت عدد 823 لسنة 2018 مؤرخ في 9 أكتوبر 2018 تركيبة وطرق سير عمل اللجنة المركزية للصلح برئاسة المدير العام للدّيوانة وعضوية أربعة مراقبين عامين ومديريْن اثنيْن، ويكفي النظر إلى هذه التّركيبة وثقلها كي نستخلص أنها تمثّل ضربة قاضية على الرّمق المتبقّي من النجاعة والسرعة في فضّ النّزاعات مع الإدارة، فما بالك إذا علمنا أنها تجتمع بدعوة من رئيسها بمقر الإدارة العامة للديوانة مرة كل شهر على الأقل وكل ما دعت الحاجة إلى ذلك بناء على جدول أعمال يحال إلى جميع الأعضاء سبعة أيام (7) على الأقل قبل تاريخ الانعقاد مصحوبا بملفات القضايا ذات الصلة، ويتم الاستدعاء بأي وسيلة تترك أثرا كتابيا، وأن هناك نصابا وتصويتا بالأغلبية وضرورة تدوين المداولات في محضر جلسة، وأنّ نفس القواعد والإجراءات تنطبق على اللجان الجهوية للصّلح، وأنّ عدد مطالب الصّلح النّائمة برفوف الإدارة تعدّ بعشرات الآلاف، حيث يعود بعضها إلى 2012 دون ردّ إلى اليوم ولو بالرفض؟
في الأثناء، ينشغل المسئول المكلّف بهذه الملفّات بالتّدوين على فيسبوك مشاركا في "حملة شعبية" لترشيح أحد الأعضاء المقالين من الحكومة المتخلّية لمنصب رئيس حكومة، ضاربا عرض الحائط بواجب التّحفظ كضابط سامي ينتمي إلى سلك شبه عسكري، وحاشرا الإدارة والسلك في صراعات سياسية هما في غنى عنها بموجب مبدأ حياد الإدارة.
لكن لقائل أن يقول: ما دامت تركيبة اللجان بهذه الأهمية، فلا بدّ أن لها من المشمولات ما يجعلها تتفاعل مع حيثيات القضايا وتطوّع الصلح إلى خصوصية كل قضية مع مراعاة قدرة المخالفين على الدّفع…خاصة وأن الفصل 12 نص على أن اللجنة المركزية للصلح واللجنة الجهوية للصلح تبُتّان في الملفات المعروضة عليهما أخذا بعين الاعتبار طبيعة الجريمة الديوانية أو الصرفية من حيث تكييفها كمخالفة أو جنحة وبالاعتماد خاصة على المقاييس التالية :
‌أ. بالنسبة إلى الجرائم التي تمت معاينتها بمكاتب الديوانة :
 نية التحيل عند المخالف وذلك بحسب ما إذا كانت مؤكدة أو مشكوك فيها أو مستبعدة اعتمادا على الملابسات والظروف التي حفت بارتكاب عملية الغش.
 فرص الإفلات من اكتشاف التحيل من قبل مصالح الديوانة وذلك بالاعتماد على ما إذا كانت ضعيفة أو متوسطة أو كبيرة.
 المرحلة من مسار التسريح الديواني التي تمت فيها معاينة عملية الغش (مراقبة مسبقة، مراقبة حينية، مراقبة لاحقة).
 نسبة المعاليم والأداءات المتفصى من دفعها بالاعتماد على قيمة البضاعة موضوع الغش.
 وجود سوابق للمخالف.
‌ب. بالنسبة إلى الجرائم التي تمت معاينتها خارج مكاتب الديوانة:
 نوعية البضاعة موضوع الغش وذلك حسب ما إذا كانت بضائع محجرة تحجيرا مطلقا أو مصنفة كبضاعة حساسة من الناحية الأمنية أو خاضعة لتراخيص أو لقيود فنية أو كمية عند التوريد أو عند التصدير أو المسك أو الجولان.
 ظروف وملابسات ارتكاب الغش أو التحيل على غرار استعمال وسائل نقل تمت تهيئتها للغرض أو استعمال أسلحة أو التهديد بها أو استعمال أموال متأتية من جنحة التهريب أو من تبييض الأموال.
 وجود سوابق للمخالف.
هنا يتدخل الفصل 13 من نفس الأمر ليقرر أن الصلح يتم طبقا لتعريفة (Barême) تضبط طبقا للمقاييس المشار إليها بالفصل 12 أعلاه، بمقتضى مذكرة داخلية مصادق عليها بمقرر من وزير المالية، بحيث يصبح عمل تلك اللجان مقتصرا على المصادقة على الخطايا المحدّدة بمقتضى تلك التّعريفة دون زيادة أو نقصان، في تحدّ صارخ لأبسط مبادئ المنطق وضوابط النّجاعة والسرعة.
إن إدارة النّزاعات والتّتبعات بالإدارة العامة للدّيوانة ومصالح النّزاعات بالإدارات الجهوية التّابعة لها تمثل المخنق الذي تؤول إليه كافة محاضر مقاومة الغش والتهريب التي تحرّرها هياكل الدولة من ديوانة وغابات وحرس وطني وشرطة وجيش، وإذا كان ذلك المخنق يشتكي من انسداد أو تعطّل، فإنّه يحكم على مجهودات الجميع بالعقم والثّبور، وبالتّالي يحرم الخزينة من عائدات هامة ما أحوج الدّولة لها في هذا الضّرف بالذّات، ويحكم على عديد المؤسسات التّونسية بالإعدام، بينما يحدو بالمستثمرين الأجانب لإغلاق مؤسّساتهم ومغادرة البلاد مثلما ذكرت أعلاه.
لذلك أدعو إلى مراجعة الفصل 322 من مجلة الدّيوانة باتجاه إضفاء المرونة والنّجاعة اللازمتين على إجراءات الصّلح، وذلك بإلغاء الفقرتين الجديدتين المتعلقتين بإحداث لجان الصلح، وتمكين المسئولين من مشمولات تكفل لهم إبرام الصلح وفضّ النّزاعات في إطار سليم وشفّاف وتحت رقابة رؤسائهم المباشرين، مع تدعيم هياكل الرّقابة الإدارية بالموارد البشرية و المادية اللازمة من سيارات وحواسيب وتطبيقات وميزانية لتغطية مصارف المبيت والإعاشة عند التّنقل داخل الجمهورية، حتّى تتمكّن من إجراء التحقيقات والتّدقيقات الضرورية في أعمال جميع المصالح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.