الأخ المحترم مرسل الكسيبي، تحية طيبة. قرأت اليوم مقالك المهم (تونس والمنطقة ومراجعات الاسلام التجديدي)، ووجدت أنك أصبحت فعلا تنحو منحى نقديا أساسيا في مقاربة عديد الأفكار والقضايا المتصلة بالحركات الإسلامية العربية والتونسية. وأعتقد أنّه ينبغي مواصلة الجرأة وتقويتها في طرح عديد الأسئلة الأساسية المتعلقة بالحركات الإسلامية، وخاصة تلك التي ترفع شعاري الوسطية والإعتدال، كحركة النهضة التونسية مثلا، وعلاقتها بالدين والدولة ومفاهيم المواطنة والهوية ومنظومة حقوق الإنسان الكونية. ماقرأته لك اليوم ومنذ أيام جعلني أقتنع أن هناك إسلاميين تونسيين يمكن الوثوق بهم والتعامل معهم على أساس الإحترام والأخوة والإختلاف المؤسس. لكنّني لست أدري إن كان هؤلاء الوسطيون التونسيون يشكلون حقيقة حضورا فعليا يمكن التعويل عليه لصدّ- بالحوار والتنافس الفكري والسياسي- بعض المتطرفين المختفين وراء أقنعة الإعتدال والوسطية. سأتابع باهتمام ماستواصله من مقاربات نقدية للعديد من المسائل، وأعتقد أن مواصلة محاولاتك الجريئة ستزيد من اهتمام القراء العرب والتونسيين بمتابعتها. وكلّما ازدادت الجرأة كلّما اتّضح الأفق أكثر. لعلك قرأت الردود المتشنجة على بحث الدكتورة سلوى الشرفي. إنّه أمر مؤسف ومؤلم أن ينصرف البعض الى الردح والتكفير والشتم، وهو يزعم أنه مؤمن ويدعو إلى الأخلاق الإسلامية. أؤكد لكَ أن رد السيد الحامدي لم يكن ليكون بتلك الحدة وذلك التصعيد التكفيري لو لم ترفض السيدة سلوى الشرفي دعوته إلى قناته. لو كانت الدكتورة شاركت في قناته لما قرأنا مقالات عن السيدة عائشة وخالد بن الوليد. طبعا هناك أسباب أخرى. وحققية، أنا شخصيا لاأثق في ذلك الرجل المتقلّب دائما، ولاأعتقد أن عاقلا يثق فيما يقوله أويعلنه. إنه رجل يبحث دوما عن الحظوة والأضواء. وقد لاحظتُ تعمده تجاهلك المتعالي واللاّأخلاقي، إسمًا وصحيفة، وهو الذي يصرّ على القول بأنّه متواضع! أرسل إليك مقالا حول السيد الحامدي. قد يبدو لك حادا لكنه خال، حسب رأيي، من السب والردح. إنه يتطرق إلى رجل كان له حضور ولايزال في المشهد السياسي والإعلامي التونسي. وهذا المقال هو محاولة بسيطة لرصد مطبات وإشكالات حضوره، في علاقته بالدين والسلطة والآخرين. سأكون سعيدا لو تستطيع نشره في صحيفتك، خدمة للإعلام المختلف وللشجاعة الأدبية. سأوافيك بالجزء الثاني منه الذي سأتطرق فيه إلى مناقشة بعض القضايا التي طرحها السيد الحامدي في مقالاته الأخيرة. سأكون أيضا مهتما بقراءة مقالاتك اللاحقة، ومستعدا إلى تواصل إنساني وإعلامي معك. تقبل تحياتي وتقديري