حقق رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان انجازا كبيرا عندما بدأت حكومته مفاوضات الانضمام الى الاتحاد الاوروبي لكن بعد سنتين من ذلك غاب هذا المشروع الكبير لتحديث تركيا عن خطبه الانتخابية. ويواجه اردوغان وحزبه حزب العدالة والتنمية (منبثق عن التيار الاسلامي) انتقادات المعارضة التي تتهمه ب"الخضوع" لمطالب الاتحاد الاوروبي في بلد ضاق شعبه ذرعا من المواقف الاوروبية المتذبذبة. وقد فقدت انقرة حماسها للاصلاحات فيما يتراجع تأييد الرأي العام للانضمام الى الاتحاد الاوروبي. من جهة اخرى تقترح دول اعضاء في الاتحاد الاوروبي بخاصة فرنسا خيارات بديلة تبتعد عن مشروع الاندماج الكامل لتركيا التي ادى ترشيحها لعضوية الاتحاد الى تزايد التوترات بشأن استمرار المواقف المترددة داخل التكتل الاوروبي بخصوص مستقبلها. وترى انقرة ان بروكسل "مصممة على وضع طلبها (الانضمام) جانبا الى الابد" كما كتب مؤخرا اندور فينكل الصحافي الاميركي المقيم في تركيا منذ سنوات عدة. و"لهذا السبب لا يستطيع اي حزب في الحكومة ان يتباهى بملء الاستمارة لدخول ناد يهزأ به" كما قالت. وقد مرت العلاقات الاوروبية التركية في اختبار صعب في حزيران/يونيو عندما جمد الرئيس الفرنسي الجديد نيكولا ساركوزي فتح الفصل المتعلق بالسياسة النقدية في المحادثات بالرغم من الموقف المؤيد للمفوضية الاوروبية. واوضح محمد اوزجان من معهد الابحاث الاستراتيجية "ان الحكومة لا تكسب شيئا من جعل المشروع الاوروبي مسالة انتخابية". ولفت هذا الخبير الى ان الاصلاحات الديمقراطية التي بدأ بتنفيذها حزب العدالة والتنمية للحصول على ضوء اخضر لبدء محادثات الانضمام في العام 2005 ادت "الى تغيير كبير في تركيا لكن ذلك تم تجاهله تماما" عشية الانتخابات التشريعية المرتقب اجراؤها الاحد. فضلا عن ذلك اتت عوامل داخلية لتخفف ايضا من رونق المسار الاوروبي. وتصاعد اعمال العنف التي تسبب بها الانفصاليون الاكراد في جنوب شرق البلاد عززت موقف المعارضة القومية التي تعتبر ان المطالب الاوروبية بمزيد من الحقوق للاقلية الكردية تذكي التمرد المسلح. وتستفيد الاحزاب المعارضة من هذا الوضع لكسب اصوات من خلال التشكيك في وطنية حزب العدالة والتنمية الذي يبدو غير مستعد لتلبية دعوات الجيش التركي لمهاجمة المتمردين الاكراد اللاجئين الى شمال العراق. وبينها حزب المعارضة الرئيسي حزب الشعب الجمهوري الذي لم يبد حماسا كبيرا للمشروع الاوروبي بالرغم من مواقفه الرسمية المؤيدة لاوروبا. وفي نيسان/ابريل قاد هذا الحزب حملة مدعومة من الجيش لمنع انتخاب وزير الخارجية عبدالله غول رئيسا في البرلمان بحجة ان رئيسا للدولة منبثقا عن حزب العدالة والتنمية سيسيء الى الاسس العلمانية التي يقوم عليها النظام. الى ذلك عارض حزب الشعب الجمهوري ايضا مراجعة بند مثير للجدل في القانون الجزائي الذي تمت بموجبه ملاحقة مفكرين ومثقفين بينهم الحائز على جائزة نوبل للاداب اورهان باموك في العام 2006. اما حزب العمل القومي الذي يتوقع عودته الى البرلمان فهو يعارض الاتحاد الاوروبي. ويدعو في برنامجه الانتخابي الى فترة توقف في العملية لاتاحة المجال للقيام "بتفكير استراتيجي". وبالرغم من بقائه الطويل في الحكم فان حزب العدالة والتنمية ما زال الحزب الاول في البلاد ويتوقع ان يتمكن من تشكيل الحكومة المقبلة بحسب استطلاعات الرأي. لكن في نظر بعض المحللين فان التزام هذا الحزب المؤيد لاوروبا لن يكفي لينعش الامال لجهة ترشيح تركيا لدخول الاتحاد الاوروبي طالما ان دوله الاعضاء ال27 لم تتوصل الى تجاوز خلافاتها. ويعلق جنكيز اختار الخبير في الملف الاوروبي على ذلك بقوله "ان حزب العدالة والتنمية يقول انه ما زال يسلك الطريق الاوروبي لكن ينبغي وجود شريك والاتحاد الاوروبي لم يعد هنا".