بوعسكر: رهانات الانتخابات الرئاسية ليوم 6 أكتوبر ستكون اكبر بكثير من رهانات الاستحقاقات الانتخابية الفارطة..    تونس تدين العدوان الغاشم    تلقيح 140 الف كلب    نسبة امتلاء السدود تقدر ب 22،3 بالمائة الى حدود 27 سبتمبر 2024    عاجل/ استهداف مطار "يافا" أثناء وصول نتنياهو..    عاجل/ رئيس الجمهورية يتخذ هذا القرار الهام بخصوص التونسيين المتواجدين في لبنان..    فيما اسرائيل تخطّط للمزيد من الجرائم .. اغتيال نصر الله... نكبة جديدة !    حسن نصر الله...مسيرة الجهاد والشهادة    في بيانين منفصلين: حركة الشعب و التيار الشعبي تنعيان نصر الله    الرصد الجوّي: رصدنا تساقط ''التبروري'' و''البرد'' بولايتين    البطولة الوطنية لكرة السلة: نتائج مباريات الجولة الثانية    طقس الليلة.. سحب احيانا كثيفة مع خلايا رعدية بهذه المناطق    بطولة النخبة الوطنية لكرة اليد : النتائج والترتيب    هيئة الانتخابات توجّه تنابيه وتحيل هؤلاء على النّيابة العمومية في مخالفات انتخابيّة    تنبّؤات جوّية: أمطار غزيرة تشمل تونس مع بداية أكتوبر    مشروع تونسي عن الرقمنة والوساطة الثقافية في قصر النجمة الزهراء ضمن القائمة القصيرة للأعمال المرشحة لجائزة إيكروم الشارقة لحفظ وحماية التراث في المنطقة العربية    بيّة الزردي : مانيش بطالة والظهور ككرونيكوز كان لمتطلبات مادية    الترجي يتصدر المشهد: ترتيب البطولة الوطنية قبل الجولة الثالثة    العراق يعلن الحداد على مقتل حسن نصر الله    قرمبالية: قافلة صحية متعددة الاختصاصات بالمدرسة الابتدائية ببلحسن    سيدي بوسعيد: وزير السياحة يعاين وضعية الميناء الترفيهي و النزل السياحي بالمنطقة    شبيه نصر الله.. هاشم صفي الدين المرشح لقيادة حزب الله    ايطاليا : مشاركة وزير الفلاحة في أشغال منتدى الزراعة لمجموعة ال7    وزير الشؤون الدينية يدعو إلى التقيّد بتعاليم الإسلام في المحافظة على المياه وعدم الإسراف في استعمالها    رئاسية 2024: انطلاق نقل المواد الانتخابية إلى المخازن الجهوية    جندوبة: جامعة جندوبة تتحصل على الإشهاد في نظام إدارة الجودة ايزو 9001    الرابطة الأولى: برنامج النقل التلفزي لمواجهات اليوم    "حزب الله" ينعى أمينه العام حسن نصر الله    مدير الحملة الانتخابية للزمّال: "الصراع مع رأس السلطة لن ينتهي عبر الصناديق فقط"    نادرة التومي تتحصّل على جائزة أفضل أداء نسائي دور أول ضمن فعاليات الدورة 14 من مهرجان الإسكندرية المسرحي الدولي    خامنئي: " على إسرائيل أن تعرف أنها لا تستطيع إلحاق ضرر كبير بالبناء القوي لحزب الله"    بلاغ مروري بمناسبة مباراة الترجي الرياضي و الملعب التونسي    الولايات المتحدة: تراجع التضخم يحفز جهود تخفيض نسب الفائدة    برنامج المواجهات الودية خلال نهاية هذا الأسبوع    وزارة السياحة تطلق جائزة "تونس ليك لأفضل فيديو إبداعي في المجال السياحي"    بعد اغتيال نصر الله: نقل خامنئي الى مكان آمن    الرالي السياحي "رايد" في دورته الرابعة بتونس من 9 الى 18 أكتوبر 2024    وزارة السياحة تطلق جائزة "تونس ليك لأفضل فيديو إبداعي في المجال السياحي"    ر م ع شركة الRFR يكشف موعد انطلاق استغلال الخط D    رجة أرضية في سليانة    مليار دينار تحسن رصيد المعاملات الخارجية لتونس    طقس اليوم: تغيرات جوية منتظرة خاصة في هذه المناطق    معطيات إحصائية: انخفاض قروض الأسر لدى البنوك    الرابطة الأولى: إدارة شبيبة العمران تهدد بمقاطعة مواجهة النادي الصفاقسي    المرسى : محاصرة مجرم خطير مورط في عدة قضايا ومحل تفتيش    لمعلوماتك الشخصية .. قصة القهوة !    المكنين: الاحتفاظ بنفر من أجل محاولة القتل العمد    القبض على 15 عنصرا تكفيريا محل مناشير تفتيش في مختلف ولايات الجمهورية    ليل الجمعة.. سحب بأغلب الجهات تكون محليا كثيفة بالمناطق الغربية    كيف أعرف لون عيون طفلي    لأول مرة بمستشفى مدنين.. استعمال حقنة "توكسين بوتوليك" لفائدة مريض بشلل نصفي    مدنين: لقاء حول "درع جربة" ضمن مشروع "ماكلتي تونسية"    تكريم المسرحي السعودي ابراهيم العسيري في المهرجان الدولي للمسرح وفنون الخشبة بالمغرب    في السعودية: وزارة الصحة تقدّم تلقيح ''القريب'' في المنازل    عاجل : صاحب أغنية ''كأس العالم 2010 '' الشهيرة متهم بالاعتداء الجنسي    مدينة مساكن .. أجيال أسسوا تاريخها وشيدوا حاضرها    في ديوان الإفتاء: إمرأة أوروبية تُعلن إسلامها    الارض تشهد كسوفا حلقيا للشمس يوم الأربعاء 2 أكتوبر 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حزب حركة النهضة التونسية : محطات من تاريخ الحركة قبل 14 يناير 2011
نشر في الوسط التونسية يوم 06 - 12 - 2011

سنوات من الاضطهاد ومحاولات الاستئصال أو ما سماه بن علي «تجفيف منابع الإرهاب» لم تزد الحركة إلا نضجا وقوة شهد على ذلك عودتها القوية بعد سقوط بن علي وفوزها في انتخابات التأسيسي.
سليم مصطفى بودبوس- صحف - الوسط التونسية:
تعود الانطلاقة الأولى لحزب حركة النهضة التونسية إلى السبعينات من القرن الماضي، حينها كانت تحمل اسم «الجماعة الإسلامية»والتي عقدت أول لقاء لها في العام 1972 وكان الشيخ راشد الغنوشي وعبد الفتاح مورو وصالح كركر وحبيب مكني وغيرهم من أبرز مؤسسيها وأعضائها الناشطين. وقد ركزوا نشاطهم آنذاك على الجانب الفكري ووجد فيها النظام البورقيبي خير وسيلة لمواجهة التيار اليساري المسيطر على المعارضة في ذلك الحين.
مثلت العام 1979 منعرجاً أولا في التاريخ السياسي للحركة حيث عقدت مؤتمرها التأسيسي وفيه غيرت اسمها من «الجماعة الإسلامية» إلى «حركة الاتجاه الإسلامي»وبلورت خلال ذلك المؤتمر أهم أهدافها المتمثلة في: دعم التعريب في الإدارة والتعليم، رفض مبدأ الانفراد بالسلطة وغيرها.
وقد تمّ هذا الإعلان عن اسم الحركة الجديد في مؤتمر صحافي في يونيو/حزيران 1981 عقده المؤسسان راشد الغنوشي وعبدالفتاح مورو بمدينة سوسة وتقدمت الحركة بطلب الحصول على تأشيرة العمل السياسي العلني المنظم وكان الرد سريعاً؛ ففي يوليو/تموز من العام نفسه ألقي القبض على قيادات الحركة وحوكموا في شهر سبتمبر/ أيلول بتهمة الانتماء إلى حركة غير مرخصة.
خلال الحكم البورقيبي ذي المشروع التغريبي - العلماني - كما تصفه الحركة سعى نشطاؤها إلى تكثيف الدروس والحلقات المسجدية ونشر الدعوة داخل المؤسسات التعليمية وخاصة الثانوية والجامعية وذلك لتكوين جيل جديد من الشباب ناشئ على أخلاقيات ومفاهيم ذات مرجعيات إسلامية، فضلاً عن المشاركة برموز الحركة في المؤتمرات الإسلامية إلى جانب تركيز الدعوة داخل الوسط النسائي ونشر ثقافة الحجاب وصدّ كل محاولات تغريب المرأة وتغييبها عن دينها نظرا إلى أهمية المرأة في بناء المجتمع.
وفي المقابل؛ مرّ اليسار بأزمة هيكلية وأخذ يعتري جسده التفرق والانهيار وخاصة داخل الجامعات وفي أواسط الثمانينات قويت شوكة الإسلاميين في الجامعة وانبعث هيكل نقابي جديد يمثل الإسلاميين في الجامعة باسم «الاتحاد العام التونسي للطلبة» مناقضا في الإيديولوجيا للهيكل النقابي القديم «الاتحاد العام لطلبة تونس» واكتسح الطلبة المحسوبون على الاتجاه الإسلامي المقاعد في انتخابات المجالس العلمية للكليات.
وشهدت العلاقة في منتصف الثمانينات بين الحركة والحكومة برئاسة الوزير الأسبق محمد مزالي شيئاً من الانفراج والحوار إذ استجابت الحركة لبعض شروط الحوار مع الحكومة كإدانة العنف وعدم تسييس المساجد و... ممّا مهد لإطلاق سراح الكثير من مساجين الحركة.
ومع انقلاب الرئيس السابق زين العابدين بن علي في نوفمبر/ تشرين الثاني 1987 على السلطة وإحالة الحبيب بورقيبة إلى التقاعد الإجباري سعت الحركة - حركة الاتجاه الإسلامي آنذاك - إلى التخفيف من حدة الصراع مع السلطة حيث اعتبر زعيم الحركة راشد الغنوشي وصول ابن علي للحكم تجديدا ضروريا لإخراج تونس من مأزق سياسي خطير وفي العام 1988 تخلى القياديون عن التسمية القديمة مرة جديدة واستعاضوا عن اسم «حركة الاتجاه الإسلامي» ب «حركة النهضة» مستبعدين كلمة «الإسلام»عن اسم الحركة لكن دون جدوى إذ لم توافق الحكومة على طلب التأشيرة للحركة. وفي هذه الأثناء أصدرت النهضة صحيفة «الفجر» تنطق بلسان الحركة يرأس تحريرها «حمادي الجبالي» حاولت من خلال هذا المنبر الإعلامي نشر فكر الحركة مؤكدة نبذ العنف في التعاطي مع من يخالفهم الرأي وغير ذلك من الموضوعات الحيوية.
لكن سرعان ما ذاب الثليج وانتهى «الودّ» فما هي إلا أشهر معدودات كان فيها للرئيس المخلوع لقاء مع راشد الغنوشي ووقع خلالها عضو الحركة نورالدين البحيري على مبادئ الميثاق الوطني حتى عاد الصراع من جديد لتكون الفترة الأصعب في تاريخ الحركة مع النظام فترة سنوات الجمر. فلقد حاول بن علي استئصال النهضة بعد أن لاحظ قوتها السياسية وانتشارها الشعبي وتغلغلها في أوساط المجتمع التونسي بمختلف فئاته من خلال الانتخابات البرلمانية 1989 إذ شاركت الحركة بقائمات مستقلة فاكتسح لونها المميز البنفسجي صناديق الاقتراع لولا ما حصل من تزوير... وجاء هذا الانتصار للتيار الإسلامي بفضل عمله القاعدي واتصاله المباشر بالناس وغير ذلك... وعاد الصراع على أشده مع دولة القمع حيث وقع تعطيل صدور صحيفة «الفجر» في ديسمبر/ كانون الأول 1990 وكيلت التهم للحركة لإدانة رموزها.
من جهة أخرى وقَع تعيين اليساري محمد الشرفي وزيرا للتعليم العالي وهو المعروف بمواقفه من الإسلام السياسي وذلك محاولة من الدولة لإيقاف مشروع النهضة المعروف «بأسلمة «المؤسسات التربوية والجامعية. ثم كانت ضربة أخرى موجعة للحركة حين اتهمت بالتأهب لتنفيذ عمليات إرهابية واستهداف ثكنة جيش بمدينة الزهراء وعدد من مراكز الأمن وغيرها من الأماكن... ثم كان المنعرج الأخطر على الإطلاق وهو ما يعرف بحادثة باب سويقة حيث توجهت أصابع الاتهام إلى أحد قياديي الحركة بالضلوع في إحراق مقر لجنة تنسيق التجمع الدستوري (الحزب الحاكم آنذاك) والتي توفي على إثرها حارس المبنى فتمّت محاكمة عدد كبير من قيادييها وعاشت حركة النهضة إثر ذلك تصدعا داخليا لاختلاف المواقف إذ استقال منها المؤسس المحامي عبدالفتاح مورو وعدد من كوادرها مثل الهاشمي الحامدي وغيره.
ثم كانت سنوات المنفى حيث استطاع راشد الغنوشي ولفيف من الحركة أن يغادروا البلاد قبل أن يسجن عدد كبير من قادة الحركة ونشطائها وقرر المهاجرون مواصلة العمل خارج البلاد فكان المؤتمر السادس للحركة خلال 1995 وانتخب راشد الغنوشي بالإجماع رئيساً للحركة عوضاً عن صادق شورو المسجون في تونس فأنقذ هيكل الحركة من الانهيار ثم كان المؤتمر السابع 2001 والمؤتمر الثامن في لندن 2007 وكان المطلب المتكرر إطلاق مساجين النهضة ثم تطور ليصبح مطلب العفو التشريعي العام.
ثم نهجت الحركة أسلوب الاعتصامات أمام السفارة التونسية في العواصم الأوروبية وجمع العرائض المناهضة للضغط على نظام بن علي فكان بعض الانفراج بإطلاق سراح بعض رموز الحركة.
وعموما فإن سنوات من الاضطهاد ومحاولات الاستئصال أو ما سماه بن علي «تجفيف منابع الإرهاب» لم تزد الحركة إلا نضجا وقوة شهد على ذلك عودتها القوية بعد سقوط بن علي وفوزها في انتخابات التأسيسي.
لقد عرفت النهضة أن ما تحتاج إليه تونس هو تيار اعتدالي وسطي يرفض الغلو والانزلاق في التطرف الفكري أو السلوكي تيار يوفق بين التجذر في الواقع الاجتماعي والتمسك بالهوية العربية الإسلامية منفتحاً على الحداثة ذو حلول واضحة للمسائل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. هذا إذن ما قبل الثورة فماذا عن محطاتها المهمة بعد الثورة في تونس؟ وإلى أي مدى ستحقق النهضة تطلعات من صوّتوا لها في انتخابات التأسيسي وإلى أي مدى ستحترم تعهداتها في ظل التجاذبات السائدة على الساحة التونسية الآن؟
المصدر : صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3377 - الثلثاء 06 ديسمبر 2011م الموافق 11 محرم 1433ه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.