جيش الإحتلال يعلن تدمير عشرات الأهداف ل"حزب الله" في البقاع وجنوب لبنان    دول أوروبية وعربية وإسلامية تطلق مبادرة جديدة لإقامة دولة فلسطين    المرسى : محاصرة مجرم خطير مورط في عدة قضايا ومحل تفتيش    عاجل/ مباشرة أبحاث ضد رفيق بوشلاكة وادراجه بالتفتيش    عاجل/ رفض الافراج عن البحيري وتأجيل محاكمته الى هذا الموعد    عاجل/ قضية لطفي المرايحي: صدور حكم جديد    وزير الشؤون الخارجية يشارك في الإجتماع الوزاري السنوي لمجموعة ال77 زائد الصين    المعارضون للقانون المتعلق بتنقيح القانون الانتخابي يأملون في أن لا يقوم رئيس الجمهورية بختمه    القوات الإسرائيلية تواصل قصف مناطق متفرقة في لبنان    وزير الخارجية يشارك في اجتماع مفتوح حول اليوم الدولي للإزالة الكاملة للأسلحة النووية    عاجل/ ضربات إسرائيلية جديدة صباح السبت على مناطق متفرقة في لبنان    السفارة الأمريكية في بيروت تدعو رعاياها إلى مغادرة لبنان فورا    وزير الخارجية: قلق شديد إزاء عجز المجتمع الدّوليّ والمنتظم الأممي عن وضع حد لنزيف الأرواح واستشراء للنّزاعات وتفاقمها    تعزيز جديد في صفوف الريال خلال دربي مدريد    بوروسيا دورتموند يستعيد توازنه في الدوري الألماني    سياحة ...إطلاق مشروع «تانيت» للسياحة المستدامة في تونس    قبلي ..تلمين القرية التاريخية المنسية داخل واحات نفزاوة    من الأعماق .. مقدم الأخبار عبد الجليل العباسي ..... وعاد الدر إلى معدنه !    لمعلوماتك الشخصية .. قصة القهوة !    بين قابس والعاصمة ...الكشف عن شبكة لتهريب الأدوية    مع الشروق .. المخطّط الصهيوني أخطر من اجتثاث المقاومة من غزّة ولبنان!    وزير الخارجية يتحادث في نيويورك مع وكيل الأمين العام للأمم المتحدة المُكلّف بعمليّات السّلام الأمميّة    النسيج القفصي :معرض جماعي للنسيج الفني "السدوة والنيّرة" من 3 الى 17 اكتوبر 2024 بالمرسى    المكنين: الاحتفاظ بنفر من أجل محاولة القتل العمد    البرلمان يصادق على تنقيح بعض أحكام القانون الانتخابي    عاجل/ الاحتلال يستهدف نصر الله في غارة على بيروت    ليل الجمعة.. سحب بأغلب الجهات تكون محليا كثيفة بالمناطق الغربية    مكتب الرابطة يسلط عقوبات مالية على 3 فرق    سيدي بوزيد : حجز كمية من الحليب غير صالح للاستهلاك    القبض على 15 عنصرا تكفيريا محل مناشير تفتيش في مختلف ولايات الجمهورية    قابس : الاحتفال باليوم العالمي للسياحة    كيف أعرف لون عيون طفلي    الحمامات: الاحتفاظ ب 3 أشخاص من أجل تعاطي الرهان الرياضي    عاجل : الحرس الوطني يعلن عن إحباط عمليات التهريب تقدر ب400 ألف دينار    عاجل : مونديال الأندية 2025 مهدد بالإلغاء    الرابطة الأولى: النادي الصفاقسي يستعيد خدمات أبرز ركائزه في مواجهة شبيبة العمران    النادي البنزرتي: تنقيحات بالجملة في القانون الأساسي    ماهي القنوات الناقلة لمباراة الأهلي والزمالك في كأس السوبر الإفريقي ؟    لأول مرة بمستشفى مدنين.. استعمال حقنة "توكسين بوتوليك" لفائدة مريض بشلل نصفي    تحفيزا للنمو: الصين تسعى لدعم السيولة النقدية    لجنة المالية تقرّر الاستماع إلى وزيرة المالية    تكريم المسرحي السعودي ابراهيم العسيري في المهرجان الدولي للمسرح وفنون الخشبة بالمغرب    الكاف: اتحاد الفلاحة يطالب المزوّدين بتوفير مستلزمات الموسم    مدنين: لقاء حول "درع جربة" ضمن مشروع "ماكلتي تونسية"    مهرجان الإسكندرية المسرحي : تتويج مسرحية تونسية    الحماية المدنية 471 تدخل منها إطفاء 40 حريق    قابس: تقدير صابة الزيتون لهذا الموسم ب70 ألف طن    في السعودية: وزارة الصحة تقدّم تلقيح ''القريب'' في المنازل    الرابطة الأولى: برنامج وحكام الجولة الثالثة    عاجل : صاحب أغنية ''كأس العالم 2010 '' الشهيرة متهم بالاعتداء الجنسي    تفاصيل : الشركة التونسية للشحن والترصيف تتسلم معدات جديدة    تونس تعاني نقصا في أدوية السرطان    هذا موعد انطلاق حملة التلقيح ضد 'القريب'    اسألوني    مدينة مساكن .. أجيال أسسوا تاريخها وشيدوا حاضرها    خطبة الجمعة...المسؤولية أمانة عظمى    في ديوان الإفتاء: إمرأة أوروبية تُعلن إسلامها    الارض تشهد كسوفا حلقيا للشمس يوم الأربعاء 2 أكتوبر 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محنة مابعد القضبان: رحلة لابد لها أن تنتهي
نشر في الوسط التونسية يوم 16 - 07 - 2007

لاشك أن الخروج من وراء القضبان والالتحاق بالأهل والالتحام بالأرض والشجر والتمتع برؤية الشمس والسماء والتشبع بنسائم حرة لم تقيدها الأسوار والبروج العالية ومشاهد الأسلاك الشائكة والحواجز الأمنية والأليكترونية وبشاعة السادية الأمنية المحفزة بالهواجس السياسية,لا شك أن هذا الخروج لمعانقة عوالم الحرية نعمة يفتح بها الله سبحانه على من فك أسره بعد سنوات من الظلم والظلمات يقضيها أصحاب الرأي والشرفاء والمناضلون في غياهب عوالم سرية لم يفك البعض من عقدها ورموزها الا مايصلنا عنها من أدب راق دون في اطار أدب السجناء.
فرحة فك الأسرى لم تكتمل حتى بضع ساعات مع صدور قرار بالعفو الرئاسي في حق العشرات ومن سبقهم من مؤون الى هذه الرحلة المنغصة بالعذاب تحت مسمى المراقبة الادارية على مدار ماانقضى من سنوات...
ذاك هو حال العشرات والمئات وربما أكون صادقا ومقتربا الى عين الحقيقة اذا قلت الالاف ممن أطلق سراحهم بموجب عفو رئاسي صادر عن مؤسسة رئاسة الجمهورية منذ سنة 1999 وصولا الى دفعات لاحقة صدر في حقها قرار العفو بعد أن قضت أغلب الفترات المحكومة بها وراء زنزانات أحلم أن أرى بلدنا تونس تتخلص منها الى غير رجعة كما تخلص المغرب من سجون سرية كانت مرتعا لأبشع ألوان التعذيب والسحل على عهد الراحل الحسن الثاني .
ألوان أخرى من الاضطهاد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني مازال يتعرض لها هؤلاء المفرج عنهم بموجب قرار اتخذ على أساس الأصل فيه الشفقة والرحمة والصفح والرغبة في اغلاق متدرج لملف سياسي مازال يستنزف التونسيين جميعا...
غير أن ماأحاط بهؤلاء الاخوان المناضلين من رحلة تشفي وانتقام من قبل البعض -ولاأقول الكل- من العناصر الأمنية والحزبية النافذة وربما المتجاوزة وحتى المتعمدة جعل البعض من المفرج عنهم يقسم بالله يمينا بأن عودته الى السجن أصبحت تستوي مع ابقائه على هذه الوضعية خارج القضبان!
قصص رهيبة عن المنع من الشغل والطرد منه والحرمان من حق الدراسة أو حتى التنقل خارج محافظة الاقامة علاوة على الحرمان من التأمين الصحي والاجتماعي ,يضاف الى كل ذلك مضايقات شبه يومية مستمرة من عناصر أمنية متوثبة ومتوعدة ومهددة بالاعادة الى ماوراء الأسوار..
رحلة مريرة لن يقدر الأدب والاخبار وفنون الصحافة والاعلام على الاحاطة بمفاصلها الا اذا ماأدركنا معنى أن يكتب الأخ السجين السياسي السابق صلاح الدين العلوي بقطرات دمه ليخبرنا عن معاناة التجويع والمحاصرة والتعريض للفاقة والمهانة بعد رحلة عذاب سجنية دامت أربعة عشر سنة ملحقة بمايزيد عنها بسنتين رقابة ادارية بعد خروجه من السجن ,وهو مايقتضي نظريا مواصلة رحلة العذاب والنفي واالتفقير والتجويع والاذلال داخل حدود الوطن عقدا ونصفا اخر من الزمن!!!
بعد مرور نفس هذه الفترة المشار اليها وهي العقد ونصف على محنة "سنوات الرصاص" التونسية,اذا ماتجوزنا بعض الشيء في توصيف هذه الحقبة تونسيا ,فان المأمول ليس فقط اخراج المئات من القادة والمناضلين السياسيين والنقابيين سابقا من زنزاناتهم الفردية والجماعية وانما الكف عن سياسة القمع والاضطهاد خارج الحدود السجنية ,والقطع نهائيا مع سجل الاعتقال السياسي حاضرا و مستقبلا,والتأسيس لمرحلة وفاقية انتقالية تنظر في اليات غلق مخلفات هذا الملف السياسي الذي لازال يثقل كاهل التونسيين منذ سنة 1991.
ان الأشواط المتقدمة التي قطعها الاخوان المغاربة والجزائريون وحتى الليبيون بدرجة أقل على مدار الأشهر الأخيرة حرية-بفتح الحاء- بالدرس والنظر من أجل التعويض المادي والمعنوي لهؤلاء الضحايا والاعتراف للأجيال القادمة بخطورة معالجة قضايا الصراع السياسي بالجنوح الى العنف أو أدوات القمع النظامية.
لقد سبق لي أن مهدت الطريق لفتح هذا الملف في جرأة وغيرة على هذا الوطن وحب لأهله في تجرد من العقد مع الحاكم وبعض النخب المتوجسة على شاشة الفضائية الغراء الديمقراطية التي لايفوتني التوجه لطاقمها العربي بجزيل الشكر وعلى رأسهم مديرها الزميل الاعلامي والوجه التونسي البارز الد.محمد الهاشمي الحامدي ,الذي أثبت مرة أخرى حرصه على معالجة قضايا الصراع الوطني في اطار متوازن حكيم يرتجى من ورائه اخراج تونس من حالة القطيعة والصدام بين مكونات طيفها السياسي الرسمي والمعارض...غير أن ماقدمته من أطروحات في هذا الصدد ظل ولاشك مواجها بحالة من القطيعة والصلابة من بعض المحاورين الرسميين برغم ماأبداه الزميل برهان بسيس من مرونة وبراغماتية في الخطاب توحي بأن مؤسسة رئاسة الجمهورية وصانعي القرار لازال يرتقب منهم رصيد من الانفتاح والقرارات الشجاعة المأمولة من أجل غلق هذا الملف المؤلم.
الأمل كبير في الله تعالى ثم في كل الغيورين على هذا الوطن الجميل من أجل تدشين الموسم السياسي الجديد بخطوات مشجعة على الانفتاح السياسي والاعلامي,ولعل اكليلا من الحبات لابد أن ينتظم يوما ما في عقد سياسي فريد تكون معالمه تونسية , ملامحه وطنية واستقراءاته مستقبلية وشروطه غلق باب الاعتقال السياسي ومخلفاته المؤلمة في الحدود البشرية الممكنة بصفة نهائية.
ومن البداهة قبل أن أودع القراء والأحبة أن أذكر المتابعين للشأن الوطني والقائمين عليه بأن حلقة أخرى من مشاهد سنوات الجمر لازالت مؤجلة الطرح على مائدة الفعل والنظر بحكم ارتهانها الى تسوية وضع الداخل سياسيا,وهي في الحقيقة لاتقل أهمية أو وزنا عن اغلاق ملف السجون والمعتقلات السياسية ,هذه الحلقة تتوزع فصولا في المنافي وأقاصي الأرض حيث يتواجد المئات من أبناء تونس الكرام مشردين في المنافي بعيدين عن أرض ولدوا فيها وشبوا فوق ترابها وساهموا في منجزاتها ولكن سنوات الانقسام السياسي المر جعلتهم يغادرونها بليل أو عند أوقات السحر بعد أن أوغل الصراع السياسي المر في التونسيين هدما وتمزيقا نسيجيا للكثير مما هو عضوي وبنيوي.

12 سبتمبر 2006


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.