حذّر وزير العدل وحقوق الإنسان التونسي البشير التكاري من مخاطر التوظيف السياسي لمسألة حقوق الإنسان. واعتبر في محاضرة ألقاها بمناسبة الذكرى ال60 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، نشر نصها الجمعة، أنّ العالم يواجه اليوم مخاطر التوظيف لحقوق الإنسان الذي يمارسه من أطلقوا على أنفسهم صفة المدافع عن هذه الحقوق سواء كان هذا المدافع منظمة غير حكومية أو أفرادا نصّبوا أنفسهم مدافعين عن حقوق الانسان دون أن يكلفهم أحد بذلك. ولكنه استدرك قائلا" إن هذه الإستثناءات لا يجب أن تحول دون الإقرار بالدور الذي تقوم به المنظمات غير الحكومية في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان وحمايتها يظلّ هاما غير أنّ النجاح في القيام بهذا الدور يقتضي التنبيه دائما إلى مخاطر التوظيف المسكوت عنها والتي يمكن أن تتّخذ أشكالا ثلاثة. وأشار إلى أن الشكل الأول لهذه المخاطر يتمثل في "اختراق المنظمات غير الحكومية من قبل عناصر ومجموعات متطرّفة وإنتهازيّة لا تؤمن بحقوق الإنسان، وثانيا إستبدال الحياد بالإنقياد لدى بعض المنظمات غير الحكومية من خلال حصولها على تمويلات مشبوهة تسقطها في فخ التبعية لبعض الدول والجهات وتعصف بقاعدة الشفافية لديها. أما الشكل الثالث لمخاطر التوظيف، فهو يتجلى وفق ما أشار إليه الوزير التونسي في إستغلال آليات الحماية من قبل الممتهنين لحقوق الإنسان الذين "يتعمّدون بطريقة حرفيّة توظيف مفاهيم وآليات الحماية الفعلية لحقوق الإنسان التي جاء بها القانون الدولي إعتبارا لما تدرّ عليهم هذه الحقوق من منافع عينيّة ومالية لا تخفى على أحد". وبحسب وزير العدل التونسي، فإن الجمعية العامة للأمم المتحدة سبق لها أن نبّهت المجموعة الدولية إلى خطر التوظيف، حيث أكّدت صراحة في قرارها الصادر في 15 مارس/آذار 2006 على"تأمين العالميّة والموضوعية وعدم الانتقائية" و"وضع حدّ لممارسة التعامل بالمكيالين ولكلّ تسييس". وقال إن الإختراقات،عادة ما تقوم بها عناصر ومجموعات "متطرّفة إقترنت بأيديولوجيات سواء كان مصدرها عرقيّ مثل النازية أو ديني مثل بعض الحركات الكنسية في القرون الوسطى أو بعض التنظيمات الإسلاموية أو بعض حركات أقصى اليسار التي غاب عنها أنّ حائط برلين سقط منذ سنوات". واعتبر أن هذه العناصر والمجموعات ترمي من خلال إختراقها للمنظمات غير الحكومية إلى تحقيق غايتين أوّلهما "تقديم نفسها على أنّها تدافع عن حقوق الإنسان والحال أنّ منطلقاتها الأيديولوجية تقوم على نكران حقوق الإنسان ، وثانيهما الزجّ بمسألة حقوق الإنسان في صراعها مع السلطة السياسية في بلد ما فيغيب الصراع الحضاري ويظهر كأنّه صراع حقوقي في مجال حقوق الإنسان". غير أنه أكد في المقابل على أنّ الإنتماء السياسي "لا يمثّل في حدّ ذاته حاجزا دون العمل في المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان لكنّه لا يجب أن يكون هو الهدف من التواجد في هذه المنظمات". وختم الوزير التونسي محاضرته بالتشديد على أن تطوّر حقوق الإنسان وحمايتها "تقتضي حياد المدافعين عنها سواء كانوا منظمات أو أشخاص،ورفض التمويلات المشبوهة،حيث بات ضروريا وجود مدوّنة دولية تفرض الإعلان والإطلاع على ميزانيات المنظمات غير الحكومية قبل التعامل معها".