نهنئكم بعودتكم إلى أرض الوطن و إلى الأهل والأصحاب والأحباب وحسن تقديركم واستقرائكم الصحيح لواقع بلادنا ، إن دور الوطنيين المؤمنين بهوية شعبهم و الحريصين على استقلال القرار الوطني والمحافظين على المكاسب الوطنية على امتداد قرن من الزمان ومن أهمها الدولة والدستور المكونان الأصليان لماهية الشعب التونسي وشخصيته العربية الاسلامية في محيطها المغاربي والمتوسطي، هم اليوم الضمان الوحيد لديمومة الشعور بالإنتماء الوطني و إخراج الوطن والمواطن من جدلية العلمنة والسلفنة، و يجب علينا كل من موقعه أن يبين الثراء الفكري و السياسي والإجتماعي والفلسفي لتاريخ وطننا ومنطقتنا و قدرتنا على إنتاج رؤية شاملة لا غربية ولا شرقية ، بل أمر بين أمرين و إن شئنا قلنا برزخا بين عالمين ، إن التقدم الإقتصادي والإجتماعي وحتى السياسي في بلادنا أمر ظاهر وواقع محسوس خصوصا في المدن الساحلية لن يكون ذا جدوى و لن تكتب له الديمومة بدون رؤية وطنية جامعة مانعة توازن بين الأصالة والحداثة وتبني ثقافة فاعلة تنبذ المسخ والنسخ و تدعو إلى العقلانية في التفكير والحرية في المجال السياسي والعدل في المجال الإجتماعي و بناء شخصيتنا الحضارية ... أمام التحديات التي تواجه عالمنا، وما الأزمة المالية إلا مظهر بسيط لبداية أفول عالم ما بعد سقوط الأندلس ، يتحتم علينا جميعا تحمل المسؤولية الكاملة في حماية وطننا وأهلنا وتجديد الروح الوطنية الجامعة والبحث عن الحلول الناجعة بمشاركة جميع مكونات شعبنا، خصوصا ونحن على أبواب سنة إنتخابية هامة، ربما تؤسس لحالة سياسية جديدة طال إنتظارها. على التيار الوطني الإسلامي أن يبلور أفكاره و يتحرر من الخطاب الخشبي المتكلس و من شخصيات أصبحت غريبة عن وطنها وشعبها ويعمل من خلال مرجعية الإسلام كدين و فلسفة وهوية لنقل الخطاب الإسلامي الكلاسيكي إلى خطاب فكري معاصر لتفعيل دور النخب الثقافية المؤمنة بقدرة الإسلام على قيادة الحياة سياسيا واقتصاديا ومعرفيا، لنكون قادرين للمشاركة مع كل المخلصين لدينهم ووطنهم في المشروع الوطني التونسي الجامع.