بعد ساعات من توقيع دونالد ترامب على الأمر التنفيذي بمنع مواطني سبعة بلدان مسلمة من دخول الولاياتالمتحدة، اتصل الرئيس الاميركي بالعاهل السعودي الملك سلمان لبحث تعزيز العلاقات بين البلدين. في هذه الأثناء، ينظر كثير من حلفاء أميركا بدهشة إلى سياسة ترامب الخارجية التي تبدو عازمة على تدمير كثير من المؤسسات والتحالفات التي أُقيمت خلال خمسين عامًا ماضية. يبدو أن سياسات ترامب تبعده عن القادة الأوروبيين، وتعمل على تعميق الخلافات بين الدول الاوروبية نفسها. واعلنت المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل أن نظرة ترامب إلى المسلمين جميعًا على انهم موضع شبهة ليس مبررًا، وهو موقف رددته عواصم اوروبية عدة. لكن خوفًا أعمق يساور القادة الاوروبيين، وهو أن ينهي ترامب دعم أميركا للاتحاد الأوروبي أو أن يناصبه العداء. ويُلاحظ أن تيد مالوك الذي طُرح اسمه مرشحًا لمنصب سفير الولاياتالمتحدة لدى الاتحاد الاوروبي قارنه بالاتحاد السوفيتي، وأشار إلى أنه قد يريد أن يساعد في إسقاطه. وعزفت ادارة ترامب نغمة عدائية اخرى حين اعلن مستشار ترامب التجاري بيتر نافارو موت الاتفاقية التجارية التي يجري التفاوض بشأنها بين الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي، باسم "الشراكة التجارية والاستثمارية عبر الأطلسي". وبعد انسحاب ترامب من الاتفاقية التجارية مع بلدان حوض المحيط الهادئ، ستبحث البلدان الاوروبية عن شركاء آخرين، وستسعى إلى عقد اتفاقيات تجارية مع دول أخرى غير اميركا، ولا سيما اليابانوالمكسيك. كما يرى بعض الاوروبيين فرصًا لتوسيع التجارة مع الصين. مكروه في بريطانيا لكن وحدة اوروبا هشة، كما يحرص ترامب على التذكير دائمًا، وإذا رفعت أميركا العقوبات المفروضة على روسيا بعد ضمها شبه جزيرة القرم وتدخلها في شرق أوكرانيا، فإن ميركل ستجد صعوبة في الحفاظ على التوافق بشأن العقوبات الاقتصادية التي فرضتها أوروبا نفسها ضد روسيا، ويجب أن تُجدد هذا الصيف. وتراهن رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي التي كانت أول رئيس حكومة يزور ترامب بعد انتخابه على أن التقرب منه قد يساعد في التخفيف من غلواء بعض مواقفه، مثل وصفه حلف الأطلسي بالحلف البالي والعتيق، واقناعه بأن الحلف ضروري في مواجهة روسيا. لكن احتضان ترامب ينطوي على مخاطر. فهو مكروه في بريطانيا حيث وقع نحو مليوني بريطاني على مذكرة تطالب بإلغاء دعوته لزيارة لندن رغم أن مؤيدي بريكسيت يعتبرون انفسهم جزء من "الثورة العالمية" التي يقودها بانون ضد النخب التقليدية. إعادة تفاوض سيلتقي ترامب عددًا من نظرائه الاوروبيين على الأرجح خلال قمة الأطلسي في بروكسل التي سماها ذات يوم "مكانًا مقيتًا". وكان ترامب التقى نظيره المكسيكي إنريكه بينيا خلال الحملة الانتخابية، لكن بينيا ألغى زيارته بعد مطالبة ترامب المهينة بأن تدفع المكسيك تكاليف الجدار الذي وعد ببنائه على الحدود المكسيكية. ويعتزم ترامب إعادة التفاوض في شأن اتفاقية التجارة الحرة في اميركا الشمالية التي تعتبر المحرك الوحيد للاقتصاد المكسيكي، خصوصًا بعد هبوط اسعار النفط. ورد بينيا باقتراح مساومة كبرى تُبحث فيها قضايا التجارة والهجرة والأمن وضبط الحدود في مناورة لكسب الوقت. فالمفاوضات التجارية بصفة خاصة يمكن أن تستغرق وقتًا طويلًا والمكسيك ليست في عجلة من أمرها. وإذا جاءت إدارة جديدة في عام 2021، فإن سياسات أميركا قد تتغير. ومن الجائز أن تعقد دول أخرى آمالًا مماثلة على مثل هذا المخرج. لكن الأمل بأن تكون السنوات الأربع المقبلة مجرد فترة مزعجة عبارة لا تنسجم مع التغيير الذي احدثه اسبوعان فقط من إدارة ترامب