انتهت الجولات المكوكية التي قام بها المبعوث الأمريكي في المنطقة"جورج ميتشل" وكما كان متوقعاً جولات فاقدة المفعول ،تتفق والسياسة الخارجية لأوباما التي لا تزيد عن كونها حزمة من العلاقات العامة والخطابات الدافئة والوعود الحالمة تماماً كما يحب أن يتكلم و يسمع سكان المنطقة العربية شعوباُ وحكاماً ، لكنها في الأخير تفتقد الإرادة الفعلية للتغير والتقدم ولو خطوات قليلة نحو الحقوق الفلسطينية العادلة والمشروعة ، وبالتالي تفتقد كافة الإجراءات المطلوبة من الراعي الأمريكي والكيان الصهيوني ، بل العكس هو الكائن ، مزيد من العنت بزيادة عدد المستعمرات ليرتفع من 200 ألف إلى 500 ألف فضلاً عن الغطرسة التي تجبر العرب على التطبيع المقدم والمجاني وفرض الأمر الواقع من طرف واحد يحدد ملامح الحل القادم القائم على السلام الاقتصادي، ويهودية الدولة، يقابله المزيد من التراجع الأمريكي الشكلي لكنه جزء من السيناريو المعد ،وعلى الخط الفاصل بينهما يقف العجز العربي الرسمي الذي تعود ألا يكون فعلاً لدرجة باتت تثير الشك والريبة ! هل هناك جديد يرتب؟ بالطبع ليس في صالح قضايانا، فتصريحات أوباما أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة حين دعا إلى"إقامة دولتين الواحدة إلى جانب الأخرى بسلام وأمن، دولة يهودية في إسرائيل مع أمن حقيقي لجميع الإسرائيليين، ودولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة وذات تواصل جغرافي" ثم الاستقبال الحافل لهذه التصريحات من نيتنياهو رئيس وزراء الكيان تؤكد السيناريو المتفق عليه ، لذا من المتوقع أن يقوم أوباما في الفترة القادمة بعملية إنعاش لجسد السلام الهامد لاحتواء الفشل الدبلوماسي بلقاءات ديكورية أو مبادرات إعلامية تصبح إنجازاً و هدفا بحد ذاتها ونعود من جديد الى دوامة اللقاءات والاجتماعات العبثية ،ويبدو ان الادارة الامريكية ستعمل وعن عمد غض الطرف عن الأسباب الحقيقية للفشل الدائم لكل الجولات السابقة والراهنة والقادمة لذا أقول وبكل يقين للرئيس أوباما : أنت قد تستطيع وفقاً لشعارك السابق"yes we can لكنك لا تريد للأسباب والشواهد الأتية : ** استمرار الانحياز الأمريكي والغربي للموقف الصهيوني رغم الخلاف المصطنع أحياناً ** دعم الكيان الصهيوني في المراوغة باستدعاء ملفات جانبية"إيران" وإعطائها الأولوية والتسويق الجيد لها والتجاوب المريب من مربع المعتدلين . ** عدم جاهزية أمريكا في إحداث جديد بسبب سقوطها في المستنقعالأفغاني" راجع التصريحات التي أطلقها قائد القوات الدولية التابعة للحلف الاطلسي فيافغانستان الجنرال الاميركي ستانلي ماكريستال في وثيقة سرية ان المهمة في افغانستان ستفشل على الأرجح اذا لم يتم ارسال تعزيزات في مهلة سنة"، فضلاً عن سذاجة وسطحية المعروض أمريكيًّا، وهو بالكثير العودة للمفاوضاتلتبدأ الطريق من المربع صفر. ** غياب الدور العربي المؤثر والمستسلم بل والمنحاز للسيناريو المعد صهيوأمريكياً بصورة أو بأخرى للرؤية المفروضة على المنطقة ** الإصرار على تجاوز الاستحقاق النوعي الناتج عن الحرب الصهيونية الأخيرة على غزة وهو فرض القاعدة الجديدة أنه لا حل دون حماس التي تملك وتيار المقاومة بعض أوراق الضغط ** انتهاء صلاحية و فاعلية فريق التفاوض الذي تم استهلاكه على مستوى الفكر والطموح والإمكانات ** عدم اعتبار مشاعر وشعائر الملايين من الشعوب العربية والإسلامية في الحقوق والمقدسات مما يزيد الكراهية ضد الإدارة الأمريكية بغض النظر عن رئيسها
عموماً رغم كثرة التهديدات المفروضة على ملف التفاوض لاسترداد الحقوق "فك الحصار – إعادة الإعمار – تحرير الأسرى – حق العودة - إقامة الدولة " إلا أنها تحمل في طياتها كل الفرص المتاحة لتيار المقاومة الذي بات رقماً حاضراً ومؤثراً في معادلة الصراع .