أكد تقرير صادر عن المجمع الدولي لمكافحة الجريمة المالية أن تونس لا تستجيب لمعايير مكافحة الجريمة وتمويل الإرهاب وأن السلطات التونسية تعتبر البلاد في منأى عن النشاط المكثف لشبكات الإجرام المالي وتمويل الإرهاب رغم تغير عديد المعطيات في هذا الخصوص مما مثل نقطة ضعف جوهرية في تقييم المسألة من قبل القائمين على شؤون المنظومة النقدية والمالية للبلاد. وتمحور التقرير الذي صدر في النصف الأول من شهر جوان الماضي حول وضع مجابهة ظواهر تبييض الأموال وتمويل الإرهاب والسياسات المتبعة بتونس، حول عدة نقاط أهمها السياسات الوقائية التي تعتمدها تونس لمقاومة الظاهرتين وآليات رصد التحرّكات المتصلة بجرائم غسل الأموال وتوفير التمويلات للشبكات الإرهابية. وأفاد المجمع الدولي لمكافحة الجريمة المالية وفق ذات التقرير أن القانون الأساسي عدد 26 لسنة 2015 المؤرخ في 7 أوت 2015 والمتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال لم يتدعّم بالنصوص الملحقة اللازمة لإكسائه الطابع التطبيقي المطلوب فضلا عن غياب قرارات واضحة في مجال فقه القضاء على هذا المستوى. وأضاف التقرير أن السلطات التونسية لا توفر تقريبا أي إحصائيات يمكن استغلالها لتقدير مدى استفحال ظواهر غسل الأموال وتمويل الإرهاب رغم تقدير المؤسسة الدولية لقيمتها بما يناهز 1200 مليون دينار سنويا، مما يمثل 10 في المائة من الكتلة النقدية بتونس، موضحا أن الأرقام النادرة المتاحة من قبل المنظومة التمويلية بالبلاد وردت في تقرير صدر عن البنك المركزي التونسي في إطار حصر التداولات المالية المشبوهة عموما يعود إلى سنة 2013، ولم يتجاوز عدد العمليات المتصلة بشبهات الإجرام والتجاوزات المالية، وفق تقرير المجمع، 310 عملية تمت إحالة 36 في المائة منها فقط على أنظار النيابة العمومية وهو ما اعتبر أمرا غير مفهوم ومفتقر بالكامل إلى التعامل الشمولي مع مثل هذه الظواهر في الوقت الذي تشهد فيه البلاد مناخا أمنيّا واقتصاديّا متّسما بالارتباك المتواصل منذ سنوات وبكثافة نشاط المجموعات الإرهابية. وأشار التقرير إلى أن تونس تعتبر من الدول القليلة التي لا تتقيد بمعايير الامتثال فيما يهمّ تحيين قوائم الأشخاص والذوات الاعتبارية من شركات وغيرها التي يصدرها دوريا مجلس الأمن وفقا لقراري الأممالمتحدة 1267 و1373 المتعلقة بهما شبهات جرائم بخصوص تمويل الإرهاب. وقال القاضي عمر الوسلاتي في تصريح ل”الضمير” إن عراقيل كثيرة في تونس تحدّ من مكافحة جريمة تمويل الإرهاب متعلقة أساسا بقانون الجمعيات وأجهزة الرقابة ومشاكل هيكلية لا تسمح برقابة عالية الجودة منها عدم قدرة الإدارة على الرقابة. وأضاف الوسلاتي أن الجمعيات لا تحترم الشفافية ولا تنشر كشوفاتها، كما أن الإمكانيات الإدارية واللوجستية، وإن توفرت، غير مفعّلة لغياب رؤية واضحة حول مكافحة الجريمة الإرهابية. وفيما يتعلق بقانون الإرهاب، قال الوسلاتي إن هذا القانون مهم ولكن تبقى مسألة تطبيقه مسألة مهمّة من حيث ربط آليات مكافحة الإرهاب والتنسيق بينها، مشيرا إلى أن المشكل تنظيمي لوجستي بالأساس أكثر منه قانوني. وأفاد أنه يجب التكيف في مكافحة مثل هذه الجرائم مع الظروف الداخلية لتونس ذلك أن المعايير الدولية تتطلب قدرات مالية كبيرة تونس غير قادرة عليها إلا أنه يجب توفّر نجاعة كبرى على مستوى عمل هياكل الرقابة.