قرأتُ بيان أبي عياض الحربي (عفوا) التّونسي، زعيم سلفيتنا العزيزة الموقّرة... ولا شكّ أنّكم قرأتموه أنتم أيضا .. وإذا لم تقرؤوه فاقرؤوه... وإذا قرأتموه فتدبّروه.. لتعلموا قليلا ما تبطن الصّدور لشَعْب مشتّت في أشرد حال وأسوئها، مخضّب بالدّم ، مندوب الخدود... خاطب أخونا أبو عياض في مطلع بيانه وزراء و حكومة النّهضة الحائرة الماسكة على الجمر، ناعتا إياهم ((بالطّواغيت المتسربلين بسربال الإسلام والإسلام منهم براء)). يا إلاهي... وتأمّلتهم على أرض الواقع فلم أجد فيهم شيئا مما يصفهم به... طواغيت ! لا إلاه إلاّ الله! أي طواغيت؟ هذا لا ينطبق على رجال ونساء أغلبهم حفظوا القرآن في المنافي والسّجون، بل سُجنوا من أجله ومن أجل الصّلاة، واليوم يعملون بكدّ ويسهرون ويجوعون، وإذا أدركهم الليل ينامون مفترشين الأرض في قاعات اجتماعاتهم ومؤتمراتهم دون حراسات في تواضع للّه وللشّعب. وفي الصّباح يركبون التّاكسيات ليدركوا مواعيدهم.. ثمّ يقول الأمير الشّيخ سيف الله المسلول على التّونسيين ابن حسين لهم، أي لحكّامنا البائسين من النّهضة، بل وأراه يقول لكلّ الشّعب التونسي: (أنكم تستعجلون المعركة ) !! أيّ معركة يا أبا عياض رحمك الله ؟ أجُننْتَ ؟ معركة من مع من؟ الله أكبر!! ستقاتل من؟ وستقتل من ؟ إخوانك وجيرانك وأترابك وأصحابك ومن جلست ولعبتَ وجريْتَ وقفزتَ معهم في فترات طفولتك و شبابك..؟ لا أصدّق !! ولماذا ستقتلهم ؟ لأنّهم تركوا الصّلاة والحجاب و شربوا الخمر؟ ولم يفهموا دور الشّريعة وزاغوا عن الهدى ؟ طيب.. وما ذنبهم إذ جثم على صدورهم الطّاغوت تلو الطّاغوت كما جثم على آبائهم منذ قرن فاضطربت البوصلة؟ وجُهّلوا وهُمّشوا وسيقوا إلى الظّلام ؟ ثمّ أليست البركة فيك أنت أيها الولد البارّ،تعلّمت و"تسَوْلفْتَ" بمعنى اتّبعت منهج السّلف الصّالح رحمهم الله وطًفْتَ الأقطار والأمصار وجمعت صنوف العلوم والآثار... أليست المسؤولية الآن في عنقك، لتُعَرْبِنَ عن الوفاء لتراب، وأتراب، تربّيت فيهم فتربّيهم وترْبو بهم إلى العلا وفوق الرّبى، وتدعوهم بدعوة الهدى، إلى ربّ السّماء، برفق ولين، حتّى قلوبهم تلين، وإلى الشّريعة تستكين، أليس النّبي الكريم يبكي لنفس يهودية تموت على الكفر المبين ؟ وإذا قتلتهم يا أبا عياض، ألست ترسلهم إلى جهنّم تماما كما يحرص إبليس أن يفعله، كما قاله الشّعراوي رحمه الله لأحد المندفعين للعنف والقتل ؟ أحريص أنت على ذلك أكثر من حرصك على هدايتهم؟ أتتحالف مع إبليس يا أبا عياض ؟ ............................ أبا عياض... إسمع ..نحن لا نقاتلك و لا نواجهك ولا نرفع في وجهك سلاح .. و نحبّك، ونحبّ أتباعك وإخوانك بلحاهم وقمصانهم، مقصّرين سراويلهم وغير مقصّرين، نحن نعلم أنّ جميعهم طيّبين.. نحبّهم ونحبّ هذا الوطن، ومن يسكن هذا الوطن، ومن يبكي لهذا الوطن، ومن تشرّد من أجل هذا الوطن، ومن سجن مثلك ومعك من أجل هذا الوطن، ومن يعمل لنهضة هذا الوطن، مهما كان دينه وفكره واتّجاهه في هذا الوطن.. لذلك لن نقاتلك في هذا الوطن، ولن نبارزك على تراب هذا الوطن.. وإلاّ فنكون قد خُنّا وغدرنا بهذا الوطن..! أبا عياض..يا من كدّت تفنى داخل السّجون، ألا ترى النّعمة اليوم، إذ أصبح هذا الوطن، مفتوحَ الذّراعين لكلّ الفئات.. لكلّ فكر و دين، وكلّ إبداع و فلسفة وكلّ عمل وفنّ ؟ أبا عياض... يا قارئ القرآن.. أين قوله تعالى : " يا أيّها الّذي آمنوا أدخلوا في السّلم كافّة" ؟؟ هَهْ ؟ أين هي لم تقرأها ؟ ها أنا أذكّرك بها فارجع إليها... رويدك، فسلام سلام يا أبا عياض، لا نريد غير السّلام .. ولا نستحقّ بعد الغبن وسنين الظلم غير السّلام... ضع سيفك في غمده فلن نحارب ، فمنذ عقود والشّعب المكلوم، الحبل على الغارب.. ..................... وفي نهاية بيان شيخنا السّلفي كتب الإمضاء: الشيخ أبو عياض التونسي حفظه الله تعالى..! وأنا أضيف وحفظ الله تعالى الشّعب التونسي من نعرات أبي عياض.. الإمضاء مخلوف بريكي أخو الشيخ أبي عياض