بياتريس كلاسمان: القنابل تنهمر على ليبيا والمتظاهرون يتساقطون صرعى في سورية والمصريون يرسمون ملامح واقع سياسي جديد بعد ثورتهم فيما يئن إخوانهم في اليمن تحت وطأة النظام.. غير أن هناك خيطا واحدا يربط بين كل تلك الأحداث الكاشفة لم يحظ باهتمام كاف.. وهو أنه بعيدا عن الصراع والفوضى والانطلاقات السياسية الجديدة، كان لتلك الثورة جانب إبداعي. إن الشباب لهم فضل كبير في إشعال جذوة الثورات العربية، هم من أوضحوا بما لا يدع مجالا للشك أنهم لن يقبلوا العيش في مناخ الفساد والقمع وانعدام الامل.. ومثل كل ثورات الشباب، كان لهذه الثورة صداها الصوتي. عشرات الأغاني الثورية ألفت خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة منذ فرار الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في كانون ثان/يناير الماضي تحت وطأة الضغط الشعبي. ولأن الشباب هم من حملوا راية الثورة جاءت أغاني الاحتجاج مختلفة عن الألحان العسكرية والأغاني البسيطة التي كانت تتردد عندما يثور العرب ضد المستعمر. الأغاني الاحتجاجية اليوم تنتمي لموسيقى "هيب هوب" و"البوب الشرقي". الكثير من الأغاني غير متوافرة في المحال، ولكي تجدها عليك بزيارة موقع يوتيوب أو مواقع أخرى. "الوو الأجزخانه فاتحين ولا قافلين؟؟ الوو فيه ناس تعبانه و مش عارفين وجعهم جاي منين..في ناس تنهب و تسافر عايشين فوق السحاب، وناس تصعب علي الكافر، معندكوش دوا للإكتئاب" غير أن الصور المصاحبة للأغنية لا تنم عن أي مرح أو بهجة على الإطلاق: أزقة تسدها القمامة، ضحايا التعذيب و قوات الامن المركزي تضرب المتظاهرين . أغنيته "الأجزاخانة" ما هي إلا واحدة من الأغاني التي أفرزتها مصر إبان ثورتها. ومن سورية خرجت أغنية "بيان رقم واحد" وهي أغنية راب عسكرية تعكس شجاعة غير مسبوقة، تتحدث عن العدالة الاجتماعية، كلماتها تقول " بيان رقم واحد الشعب السوري ما بينذل.. بيان رقم واحد أكيد هيك ما حنضل.. بيان رقم واحد من حوران جاءت البشاير..بيان رقم واحد الشعب السوري ثائر". مغنو الراب الليبيون جاءت أغانيهم أقوى، إنهم يصبون اللعنات على العقيد معمر القذافي، الذي لا يزال يمسك بتلابيب السلطة في طرابلس رغم الغارات الجوية التي تشنها قوات التحالف الدولي ضد قواته، دون أي مؤشر على احتمال تنحيه أو تراجعه. في الوقت نفسه تمتدح أغانيهم شجاعة الثوار وأحيانا ما تستشعر فيها حسا إسلاميا. أما رسالة المطربين اليمنيين الذين يدعمون الثورة المطالبة بتنحي الرئيس علي عبدالله صالح منذ أوائل شباط/فبراير الماضي، فهي بسيطة ومختصرة :" ارحل يا علي ارحل". في المقابل، شاعت روح الوطنية في أغاني ثوار البحرين، فجاءت كلماتهم تحض على الوطنية والدعوة للوحدة بين السنة والشيعة. وإحدى تلك الأغنيات والتي تتحدث عن شخص يحب شعبه، وهي أغنية كلماتها ركيكة بعض الشيء، ويبدو من المشاهد المصاحبة أن المغني متعاطف مع الجماعات الشيعية المعارضة، نظرا لصور الأمهات اللاتي ينتحبن فوق نعوش الضحايا.