عائدات صادرات التمور ترتفع..    الاضخم منذ اندلاع الحرب: انفجار بقوة زلزال في مخزن أسلحة روسية    تسجيل تهاطل كميات متفاوتة من الامطار خلال الاربع والعشرين ساعة الماضية    منح إعفاءات عمرية للترسيم بالسنة الأولى من التعليم الأساسي للسنة الدراسية الحالية    الخطوط التونسية تعلن إلغاء رحلاتها نحو جمهورية مالي حتى إشعار آخر    نصر الله يعلق عل تفجيرات " البيجر" ويؤكد على ان المقاومة تراكم النقاط لتنتصر    بحث سبل تعزيز التعاون بين وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية لدعم التغطية الصحية الشاملة    الليلة.. أمطار مؤقتا رعدية وغزيرة بالجنوب والجهات الشرقية    عاجل/ تقلبات جوية الليلة: الحماية المدنية تحذّر وتتخذ هذه التدابير    هام/ المتحور الجديد لكورونا: د. دغفوس يوضّح ويكشف    ردا على طلب من جامعة التنس: وزارة الرياضة تؤكد عدم وجود منتخب وطني للبادل    وضع حجر أساس إنجاز المحطة الشمسية الفولطاضوئية بولاية سيدي بوزيد    عدد من نواب الشعب يطالبون لجنة المالية بالتسريع بعرض مجلة الصرف على الجلسة العامّة    "صلامبو"..معرضا فنيا في المتحف الوطني بباردو    رئاسية 2024/ توجيه منشور للادارات والهياكل العمومية    عاجل : إنهاء مهام عواطف الدالي وتعيينات جديدة في الإعلام التونسي    نصر الله: محاولة إقامة حزام أمني داخل لبنان لن يشغلنا بل سيتحول إلى فخ وجهنم للجيش الإسرائيلي    نصر الله: "تعرضنا لضربة قاسية"..    القصرين: الأمطار الأخيرة بفوسانة ساهمت في امتلاء بحيرات بالمنطقة    الخطوط التونسية تعلن عن إلغاء رحلاتها من وإلى العاصمة المالية « بوماكو » إلى حين إشعار آخر    منع جماهير مارسيليا من السفر إلى ليون    الرابطة الأولى: فريقان ينجحان في رفع عقوبة المنع من الإنتداب    قفزة نوعية في 2024 ..إرتفاع مبيعات السيارات الكهربائية في تونس    عاجل :وزير الشباب و الرياضة يحل جامعتين تونسيتين    إنقاذ مركب تعطل قبالة سواحل المنستير وإجلاء 28 مجتازا    سليانة: التحاق 321 تلميذا وتلميذة بمراكز التكوين المهني    رئاسية 2024: أنصار المترشح قيس سعيد ينظمون جولة بمدينة بوسالم للتعريف ببرنامجه الانتخابي    المركز الثقافي الدولي بالحمامات دار المتوسط للثقافة والفنون يحتفي بالذكرى 50 لرحيل مؤسس دار سيباستيان    مسرحيتا "شكون" لنادرة التومي ومحمد شوقي بلخوجة و "مقاطع" لفتحي العكاري ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان الإسكندرية المسرحي الدولي    وزير الصحة اللبناني يعلن ارتفاع عدد الشهداء نتيجة تفجيرات أجهزة البيجر إلى 37    قابس: تراجع ملحوظ لصابة الرمان    المنستير : إنتقاما منه..سممته وقتلته ثم أضرمت في جسده النار    رحلة 404 المرشح الرسمي في سباق الأوسكار    جلسة تفاوضية مرتقبة بين جامعة الثانوي ووزارة التربية بداية الشهر المقبل    '' الستاغ '' تعلن عن انطلاق المسح 9 لتقييم الاستهلاك لدى الأسر التونسية    المنتخب التونسي يقفز 5 مراكز في التصنيف الشهري للفيفا    مقابلة ودية: الملعب التونسي يفوز على شبيبة منوبة    أمل جربة: ثنائي يجدد .. ورباعي يعزز المجموعة    عاجل - تونس : 4 رجات أرضية في أقل من 24 ساعة    سلمى بكار رئيسة للمكتب التنفيذي الجديد للنقابة المستقلة للمخرجين المنتجين    في نشرة متابعة للرصد الجوي: أمطار غزيرة تصل الى 80 مليمترا بهذه المناطق    بطاقة ايداع بالسجن ضد المعتدي على طبيب في قسم الاستعجالي بالمنستير    حادث مرور قاتل بالطريق السريعة الجنوبية..وهذه التفاصيل..    الكاتبة العامة للفرع الجامعي للبلديات بالقيروان "وفاة والدة موظفة بلدية القيروان بعد دخولها في غيبوبة"    التمديد في آجال استقبال الأفلام المرشحة للمشاركة في مسابقة الأفلام الطويلة والقصيرة    بنزرت:حجز حوالي 82,5طن من الخضر وإعادة ضخها بالمسالك القانونية    الخارجية الفلسطينية تطالب بتنفيذ فوري لمشروع قرار معتمد من الأمم المتحدة..    عاجل : القبض على ''تيكتوكوز"'' عربية مشهورة    بانتظار كلمة نصرالله اليوم.. حزب الله يتوعد إسرائيل ب"عقاب خاص على هجمات البيجر"    من 23 إلى 29 سبتمبر 2024 بمدينة الثقافة ...«الخروج الى المسرح ...الخروج إلى الحياة»    "من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر"...الفة يوسف    الشّركة التّونسيّة للصّناعات الصّيدليّة تستأنف أنشطة تصنيع محاليل الحقن    التهاب القصيبات الحاد للأطفال ...وزارة الصحة تقدت توصيات للأولياء    مصر.. التيجانية تعلق على اتهام أشهر شيوخها بالتحرش وتتبرأ منه    ضربة مزدوجة للأمراض.. طبيب ينصح بخلط عشبتين    من تجاربهم: الشاعر التونسي عبدالله بنعمر...يتنازل عن مداخيل ديوانه لصالح التلاميذ المحتاجين !    مصر.. الإفتاء تحسم جدل قراءة القرآن بالآلات الموسيقية والترنم به    تونس تشهد خسوفا جزئيا للقمر ليل الأربعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاختلال الديموغرافي.. الخطر الداهم على الخليج !!
نشر في الفجر نيوز يوم 27 - 08 - 2008

إن الاختلال الديمغرافي الذي يجري على قدم وساق في بعض دول الخليج العربي، وعلى وجه الخصوص (الإمارات وقطر والبحرين، ونسبيًا الكويت والسعودية)، يعتبر أشد خطرًا على دول الخليج من البرنامج النووي الإيراني! وأي تهديد آخر لا يرقى إلى مستوى خطر هذا التهديد مهما كان؛ لأنه خطر يهدد الهوية الوطنية لهذه الدول من الداخل.
فما يجري في أوساط هذه المجتمعات من تغيراتٍ اجتماعية وسكانيةٍ وثقافيةٍ خطيرة بشكلٍ متسارع، بات يُقْلِق الكثير من مفكري وكُتَّاب وأكاديميي الوطن العربي كُلِّه من مشرقه ومغربه، وإن كان الصوت الأرفع في التحذير من هذا الخطر يتمثّل بشكلٍ أساسي للباحث والأكاديمي القطري الدكتور علي خليفة الكواري، الذي تصدر قائمة الْمُحَذِّرين بعددٍ من الكتابات والدراسات منذ ثمانينيات القرن الماضي.
على أن التحذير الذي كان أقوى وأشدَّ تحذيرًا هو التحذير الذي أطلقه الدكتور والمفكر العربي الكبير خير الدين حسيب، رئيس مركز دراسات الوحدة العربية، في إحدى الندوات المقامة في العاصمة اليمنية صنعاء، والتي ظهرت مُؤَخَّرًا على شكل مقالٍ نُشِرَ في أكثر من موقع إليكتروني.
وتأتي أهمية هذا التحذير من الدكتور خير الدين حسيب؛ لأنه تحذيرٌ نابعٌ من قراءةٍ متعمقةٍ لدى الرجل، وخبرةٍ سياسية وأكاديمية طويلة، مما يجعلنا نقف أمام هذا التحذير بجدية وحذرٍ شديدين، فقد قال فيه: إن لم يتم معالجة موضوع العمالة الوافدة في المنطقة فإن هناك سيناريو يُعَدُّ للاستيلاء على هذه المنطقة الغنيةِ بالنفط والغاز والثروات العقارية المالية الفائضة والضخمة.
وأضاف حسيب: إن مجلس التعاون الخليجي بحاجة ماسّة ومُلِحَّة لمعالجة موضوع هذه العمالة الوافدة، لا سيما غير العربية منها؛ فالإحصائيات التي نُشرت مُؤَخَّرًا تشير إلى أن نسبة العمالة الوافدة تبلغ حوالي 39 % من مجموع سكان بلدان مجلس التعاون الخليجي (المواطنين والوافدين)، وأن هذه النسبة تصل إلى حوالي 80 % في بعض بلدان المجلس، وإلى 90 % من مجموع الأيدي العاملة فيها.
ويرى خير الدين حسيب أنّ استمرار غَضِّ الطرف عما يحصل سيُشَكِّل خطرًا حقيقيًّا على عروبة بلدان مجلس التعاون الخليجي، وهناك مخاوفُ حقيقيةٌ من أن تضطر خلال العقدين أو العقود الثلاثة المقبلة، وتحت مظلة حقوق الإنسان، إلى إعطاء الإقامة الدائمة لبعض أو أغلبية الوافدين فيها، ثم إعطاء الجنسية المحلية للذين يُولدون منهم في تلك البلدان، وأنْ يتم تحت شعار "حق تقرير المصير" تحويل معظم هذه البلدان (عدا السعودية) إلى حُكْمِ أكثرية تملك هوياتٍ آسيويةً، ويصبح مواطنو معظم هذه البلدان حاليًا أقلياتٍ في بلدانهم الأصلية!
وبالتالي فإن استمرار هذا الوضع – من خلال هذه الرؤية التحذيرية-سيجعل المنطقة أكثر ترشيحًا لِلَّحاق بالوضع الموجود اليوم في فلسطين، وإن اختلفت الوسيلة، وما قد يترتب على ذلك من نشوءِ مشكلةٍ عربيةٍ خطيرةٍ أخرى، لا تَقِلُّ أهميةً عما جرى لفلسطين، خاصةً وأنّ تابعية معظم هذه العمالة الوافدة تعود لدولتين آسيويتين "نوويتين"، هذا بالإضافة إلى المخاطر الاجتماعية والثقافية التي تترتب على الوجود المُكَثَّفِ لهذه العمالة الوافدة غير العربية في بلدان المجلس.
وقد سبق إلى التحذير من هذا الوضع وإبداء القلق منه -قبل فترة بعيدة- الدكتور والمفكر الكويتي الكبير عبد الله النفيسي، والذي بَيَّنَ خطورة مصير البلدان الخليجية، إذا استمر الوضع الحالي، مُدَلِّلًا على الأزمة التي تعيشها الجزيرة العربية، حين لفت أنظار قرائه إلى "أن نسبة المواطنين في إمارة دبي لا تتعدى 5–7 %، ولو خرج الأجانب وأمسكوا أهل الإمارة باليد- وليس بالسلاح- لاستطاعوا القضاء عليهم"!
ومن خلال هذا التحذير يتبين حجم الخطورة التي تمثلها هذا العمالة الأجنبية التي ترفد بلدانها بمليارات الدولارات، على حساب أيدٍ عاملةٍ عربيةٍ عاطلةٍ عن العمل في كُلٍّ من (اليمن، ومصر، وغيرها من دول الشام، والمغرب العربية)!
وكان قرار اجتلاب العمالة الهندية والآسيوية -بحسب بعض المصادر- نتيجةً لنصيحة من استشاريين غربيين لدول الخليج بجلب عمالة هندية وآسيوية، باعتبارها أفضل من العمالة العربية التي سترفد اقتصاديات بلدانها بعملات صعبة، تنتشلها مما هي فيه من انهيار اقتصادي, وذلك ما لا تريده القوى الغربية؛ ليظل القرار السياسي العربي خاضعًا لمساعداتها، وتحت تصرفها، خاصةً فيما يتعلق بقضية الصراع العربي الإسرائيلي، كما هي حال مصر اليوم!
أمّا الدكتور الكواري، فقد كان آخر تحذير له من خلال صحيفة العرب القطرية، في مقالٍ له تحت عنوان "الخلل السكاني اعتداءٌ على حقوق المواطنين". وقد كان حادًّا في تحذيره, مُبَيِّنًا خطورةَ الوضع بإيراد جملةٍ من الإحصاءات السكانية بالغةِ الخطورة، ذهب على ضوئها إلى القول بأن التنمية العقارية التي تشهدها هذه المنطقة هي "تنمية الضياع!"، ضياع الأوطان- على حد تعبيره-، وأضاف: إن التوسع غير العقلاني في نشاط العقارات غير المبرر من وجهة نظر وطنية، ليس في مصلحة دول الخليج.
وفضلًا عن هذا، شدد الكواري قائلًا: إن هذا الخيار -أي خيار التنمية التي أطلق عليها تنمية ضياع الأوطان- ونكوص المجتمعات الوطنية، هو تهديدٌ لمستقبل الأجيال المتعاقبة، خصوصًا عندما يصبح المواطنون أقليةً في وطنهم! ويُهَمَّش دورهم الثقافي والإنتاجي والإداري، وتُصْبِح أوضاعهم المعيشية رهينةَ المكرمات والقرارات الإدارية، وما تبَقَّى من حماية قانونية هي اليوم عُرْضَةٌ للتغيير في أي وقت!
ومع هذا لا ترقى الحلول الناجعة والسريعة لما يجري إلى درجة خطورة الوضع، الذي وصفه مؤخرًا قائد شرطة دبي بمرارة في ندوة "عام الهوية الوطنية"، التي افتتحها رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة خليفة بن زايد بدايةَ هذا العام، والتي قال فيها ضاحي خلفان: "أخشى أن نبني العمارات ونخسر الإمارات"! وهي عبارةٌ تصف بدقة ما يجري في الإمارات تحديدًا، وقطر، والبحرين، وبقية دول الخليج بنسبة أقل.
الخطر بالأرقام !
الإحصائيات السكانية التي صدرت مُؤَخَّرًا تشير لخطورة الوضع، بحيث أصبح غير محتمل للمزيد من التسويف والتأجيل؛ لأن القضية قد نُوقِشت كثيرًا، ووُضِعَ لها الكثير من الحلول والتوصيات والندوات، ونوقشت في أروقة الجامعة عبر رسائل الماجيستير والدكتوراه، مما يبين عدم احتمال الوضع لأي تأخير أو تسويف، خاصةً مع ما يطرأ من تغيرات هائلة على الخريطة السكانية لهذه الدول.
فعلى سبيل المثال ما يجري على أرض الإمارات من تزايدٍ مهول في عدد سكان الإمارات العربية المتحدة خلال خمس سنوات فقط بنسبة الضعف؛ ففي عام 2001 كان عدد السكان فيها ما يقارب 3.5 مليون نسمة، ليصل عام 2007 إلى 8 مليون نسمة، مما يعني تراجع نسبة السكان الأصليين إلى 10% من نسبة السكان المقيمين، وهذا يعني أيضا أن نسبة قوة العمل الإماراتية قلت إلى 5 % مقابل أكثر من 90% من قوة العمالة الأجنبية!
وبالتالي فإن نسبة المواطنين الإماراتيين التي ظلت في حدود 800 ألف نسمة، أصبحت تُمَثِّل نصف عدد الجالية الهندية التي وصل عددها إلى 1.5 مليون نسمة، بحسب نشرة الإيكنومست إنتلجنس لشهر نوفمبر 2007م.
ونفس الشيء في دولة قطر التي استقر عدد سكانها عند 28% خلال التسعينات، ليصل إلى 31% في عام 2004، إلا أنه بعد هذا العام حصل العكس تمامًا؛ حيث تضاعف عدد السكان الذين كان عددهم 700 ألف نسمة في عام 2004 ، ليصل إلى 1,5 نسمة عام 2008، وهو ما أدّى إلى انخفاض نسبة السكان القطريين إلى 16% من نسبة السكان المقيمين، والذين هم في أغلبهم هنود وباكستانيون وإيرانيون! أي بمعني آخر أن عدد السكان القطريين بلغ 240 ألف نسمة، من إجمالي عدد السكان البالغ عددهم مطلع 2008 مليون ونصف المليون نسمة!
وهذا يعني أن السياسات الاقتصادية المستميتة في بناء المدن والأبراج، والتي لا تعمل في حسابها أي اعتبار للانعكاسات السلبية لمثل هذه السياسات، كانت وراء القفزات السكانية المهولة للعمالة الوافدة، والتي تزداد مع بناء كل برج سكني!
أما في مملكة البحرين الصغيرة، فالوضع فيها لا يقل خطورةً عما يجري في قطر والإمارات، رغم السياسية الحكومية الرامية إلى تجنيس العرب المقيمين فيها بشكل أكبر، إلا أن زيادة العمالة الآسيوية فيها ظلت تمثل خطرًا داهمًا؛ حيث إن عدد السكان في البحرين وَفْقَ آخر الإحصائيات قد زاد بنسبة 42% خلال عام واحد، من 742 ألف نسمة عام 2006 إلى 1,05 مليون نسمة، كنتيجة لتضاعف عدد الوافدين تقريبًا، إذْ زاد عددهم من 283 ألف إلى 517 ألف، وبذلك تَدَنَّتْ نسبة المواطنين في إجمالي السكان من الثُّلُثَيْن إلى النصف، وفي قوة العمل تَدَنَّتْ مساهمة البحرينيين من حوالي 35% عام 2006 إلى 15% فقط عام 2007.
ويعني هذا أيضًا أن الوضع وصل إلى مرحلة "اللاعودة" في ظل السياسة القائمة من قِبَلِ الحكومات الخليجية المستمرة في غَضِّ طرفها عما يجري، بل سعت خلال كل هذه الفترة إلى استصدار تشريعات تعطي الحق لهؤلاء الوافدين في تَمَلُّكِ العقارات، لدرجة أنّ بعض التشريعات تُعْطِي الحق لمن يمتلك شقة سكنية أن يحصل على حق الإقامة الدائمة، وهو ما تَطَوَّرَ لاحقًا إلى المطالبة بالتجنيس من قِبَلِ هؤلاء الوافدين!
ومع هذا، يبقى الغريب في الأمر كله أن يذهب بعض المسئولين الإماراتيين في أبو ظبي إلى القول بأن هناك تَوَجُّهًا للحد من النفوذ المتزايد للعمالة الهندية من خلال استقدام مليون صيني بناء على "رؤية أبو ظبي 2030"!!
وكأنّ القضية ليست قضية وطنية مصيرية، بقدر ما هي قضية تجارية بحتة تحتسب العوائد المالية، بمعزل عن العواقب المستقبلية، التي جعلت العمالة الصينية تحكم دولة سنغافورة بعد أن صاروا أكثرية، وصار المالاويون ، وهم السكان الأصليون، مجرد أقلية!
المخاطر الثقافية والاجتماعية
ولعلّ القرار الأخير الذي صدر في بداية هذا العام 2008م في الإمارات العربية المتحدة، بخصوص اعتماد اللغة العربية لغةً رسمية في جميع المؤسسات والهيئات الاتحادية في الدولة، يُعَدُّ مُؤَشِّرًا آخر على خطورة الوضع المترتب على الخلل السكاني الحاصل في هذه الدولة وغيرها من دول الخليج الأخرى، إذْ طغى استخدام اللغات الأخرى –كالإنجليزية- بشكلٍ أساسيٍّ على اللغة الرسمية للدولة "وهي العربية"، مما ترتب عليه من مشاكل ومخاطر متعددة، تهدد الثقافة الوطنية القائمة على اللغة العربية؛ التي تمثل الهوية القومية لهذه الأمة، وبغيابها عن الساحة تغيب الهوية!
والزائر لمدينة دبي يلاحظ الخطورة الكبيرة التي باتت تهدد "عروبة الخليج اللغوية والسكانية"، فإنك تلاحظ طغيان اللافتات الإنجليزية على المحلات والمتاجر على ما سواها، كأنك لست في بلد عربي، وكذلك لا تستطيع أن تجد من تتحدث إليه بالعربية بسهولة، ولا خيار لك حينئذٍ إلا أن تتحدث الإنجليزية، مسايرةً للقوم!
وبجانب هذا الخطر يُمَثِّل خطر المخدرات وتجارة الرقيق الأبيض، اللَّتَيْن تنشطان هنالك، مشكلة أخلاقية واجتماعية تهدد المجتمعات الخليجية المحافظة؛ حيث إن التزايد المخيف في عدد العمالة الوافدة قد ضاعف من حجم هذه التجارة المشئومة التي تنخر جسد المجتمعات، وتهددها بالانهيار والسقوط الأخلاقي والنفسي، بعد أن تستنزفها ماليًّا وصحيًّا.
لقد جلبت العمالة الوافدة للمجتمعات الخليجية المحافظة الكثير من المشاكل، ولو لم تكن إلا تجارة المخدرات وحدها لكفى بها خَطَرًا، فكيف والأمر على ما تقدم وصفه؟!
صنعاء/ نبيل البكيري
الإسلام اليوم
27/08/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.