منذ اليوم الأوّل الّذي رأيت فيه العباءة السّوداء تنزل إلى الشّارع وتتقدّم الجماهير وترافع عن قضيّة الشّعب التّونسي في السّاحات والشّوارع وتتحدّث عن المظلمة المسلّطة عليه بشجاعة منقطعة النّظير وتقود مسيراته وأنا أحاول أن أكتب كلمات عرفان وتمجيد لهذا العمل الريادي البطولي ولكن لم أجد الكلمات والعبارات التي تفي بالغرض ... ثمّ منذ اليوم الّذي رأيت فيه الأستاذ المحامي سمير ديلو وهو يشرع صدره أمام أعوان الأمن المسلّحين ويقود الجماهير ازدادت رغبتي في أن أفي هذه الفئة من المجتمع التّونسي حقّها ولم أستطع أن أفعل ولا أدري لماذا !!! ثمّ بلغ الأمر ذروته والرّغبة أشُدّها حين عرفت أنّ ذلك البطل الّذي تحدّى حضر التّجوال ونزل وحده في شارع بورقيبة ليلا يبشّر النّاس بالنّصر والحرّية والإنعتاق هو صاحب العباء السّوداء الأستاذ عبد النّاصر العويني ... فللّه درّكم يا محامي تونس ولا أظنّ أحدا يستطيع أن يفيكم حقّكم على إبداعكم وشجاعتكم في نقل المعركة ضدّ الدّكتاتورية إلى مستوى راقي وبأسلوب غير مسبوق. ظنّه شيخ مسن غمّه الشّيب وعظم قد وهن جبّة سوداء تكسوه ويغشاه حَزَنْ وإذا الشّبل وقور متّزن حارس ثغره لمّا يستكن همّه السّجن وما يحوي وأحوال الوطن جبّة الأحرار يا نعم الكفن بك يعتزّ الوطن قلعة أنت بوجه المجرمين أيّ ليث قد حويت أيّ مقدام أمين؟ يجلو حقّ النّاس لا يخشى المنون ويضيء الدّرب للشّعب يُفيق النّائمين قبس النّور المقدّس يا محامي المعدَمين قدر اللّه بُعثت نُصرة المستضعفين. وصيّتي أن أكفّن بدل الكفن الأبيض المعطّر بالمسك في عباءة سوداء تفوح منها رائحة عرق محامي ومغبرّة بغبار المسيرات العربي القاسمي / نوشاتيل سويسرا في 26.01.2011