الخرطوم:ارتفعت حرارة التنافس الانتخابي في السودان بعد عقدين من سيطرة الاسلاميين على السلطة، وحمل رئيس الوزراء السابق، زعيم حزب «الأمة» الصادق المهدي أمس في شدة على نظام الرئيس عمر البشير واتهمه بدفع جنوب السودان نحو الانفصال وتعريض البلاد الى التمزيق واشعال حريق دارفور. وقال للبشير: «كفاكم تسلطاً وكفانا ظلماً»، مؤكداً أنه لن يجتث الحزب الحاكم في حال فوزه في انتخابات الرئاسة، كما حدث لحزب «البعث» في العراق عقب انهيار نظام صدام حسين. وحمل المهدي خلال مؤتمر صحافي أمس مدشناً حملته لانتخابات الرئاسة، على «النظام الانقلابي الحاكم» واتهمه ب «مصادرة كرامة وحرية المواطنين وتحويل حرب أمنية إلى جهادية أفرزت مطالب بتقرير المصير في الجنوب وأسهمت في جعل الانفصال العدائي جاذباً، وأشعلت حريق دارفور، وعرضت البلاد الى تمزيق إثني وجهوي غير مسبوق - وفرضت عليها تدويلاً مذلاً». ورد على البشير الذي قال إنه ورث من حكومة المهدي خزينة خاوية وصفوفاً طويلة من المواطنين للحصول على الخبز والوقود، موضحاً أن ندرة الوقود والخبز في عهد البشير أطول ضعف الفترة التي حكم فيها البلاد، ولم تتحسن الحال الاقتصادية إلا في السنوات العشر الأخيرة بفضل استغلال النفط. وتابع: «رحم الله امرؤاً عرف قدر نفسه، وعلم أن من يسكن في بيت من الزجاج، عليه ألا يقذف الآخرين بالحجارة». وذكر المهدي أن حكم البشير خلف صفوفاً من «ستة ملايين من بطش النظام وضيق المعيشة إلى أركان العالم الأربعة، وثلاثة ملايين آخرين قُصفت قراهم وأُحرقت ففروا نزوحاً داخلياً ولجوءاً خارجياً من دارفور، و300 ألف من المشردين من الخدمة المدنية، وصفوف ضحايا التعذيب في بيوت الأشباح، و28 ضابطاً في الجيش أُعدموا من دون محاكمات عادلة، وصفوف الشحاذين ومدمني المخدرات، واللقطاء ومرضى الإيدز». وانتقد المهدي تبرعات قادة الحكم والحزب الحاكم لمناسبة الانتخابات والسيطرة على الميادين العامة للدعاية الانتخابية، وطالب مفوضية الانتخابات بضبطها ومنع استغلال المناصب لأغراض انتخابية. وقال إن «أموال الشعب رُدت إليه ولا يجوز اعتبارها ثمناً لشراء الذمم»، واقترح إبرام ميثاق شرف انتخابي لحماية نزاهة الانتخابات من الأساليب الفاسدة. ودعا المهدي الحركات المسلحة في دارفور الى التخلي عن «العناد والزناد»، والمشاركة في العملية السياسية. ورأى ان هناك صعوبات تواجه اجراء انتخابات في دارفور بسبب الأوضاع الأمنية وانتشار السلاح واستمرار حال الطوارئ في الاقليم الذي يمثل سكانه 30 في المئة من الناخبين، لافتاً الى أن هناك فرصة للتغيير بين 20 في المئة و30 في المئة ينبغي استثمارها، ووعد بالتنازل عن نسبة من السلطة لحاملي السلاح في حال فوزه. وشكا المهدي من عدم تكافؤ الفرص بين المرشحين في الاعلام الرسمي ووصفه بأنه اقصائي، مؤكداً عدم وجود حرية في وسائل الاعلام. ونفى وجود تحالف بين المعارضة، واتفاق على مرشح واحد للرئاسة ولكن تنسيقاً بين قواها. وتعهد عدم اقصاء حزب البشير من المسرح السياسي واجتثاثه كما حدث لحزب البعث في العراق عقب انهيار نظام صدام حسين في حال فوزه. كما وعد برد الحقوق والمظالم الى أهلها. وأضاف أن برنامج حزبه في الانتخابات هو «الخلاص الوطني»، ويستند إلى تحقيق وحدة جاذبة مع جنوب السودان أو جوار أخوي في حال اختار الجنوبيون الانفصال عبر الاستفتاء، والحكم الراشد، والتنمية والعدالة الاجتماعية، وتنقية تجربة الإسلاميين في الحكم، وحل أزمة دارفور، وسلامة البيئة وعدالة جهوية وعمرية ونوعية، وتطبيق فيديرالية حقيقية وسلام إقليمي ودولي. كما انتقد المهدي في شدة اتهام مساعد الرئيس نافع علي نافع المعارضة بأنها تتحرك من هواتف تتلقاها من خارج البلاد والارتباط بسفارات أجنبية في الخرطوم قائلاً إن «هذا عيب ولكن كل الاتفاقات التي أبرمها النظام إملاء من الخارج، وفي البلاد إدارة وإعلام وجنود ووصاية على البلاد»، مؤكداً أن حزبه لا يتلقى أموالاً من سفارات، ولمح إلى رفع دعوى قضائية ضد قيادة الحزب الحاكم. وكان مساعد الرئيس ونائبه في الحزب الحاكم نافع علي نافع شن هجوماً عنيفاً، على رموز المعارضة الذين يسعون إلى «تشتيت» الأصوات في انتخابات الرئاسة لمنع البشير من الفوز في الجولة الأولى. وقال إن حزبه ضربته واحدة وقاضية «ولن يصرع أحداً مرتين»، متحدياً «البشير سيكسب رئاسة الجمهورية من الجولة الأولى على رغم أنف الجميع»، مشيراً إلى أن البلاد لا تريد شخصاً تستدعيه السفارات وتوجهه عبر الهاتف الجوال. وزاد: «ولييأس من في الداخل والخارج من المنافقين والعملاء». وقال نافع في تدشين حملة حزبه في ولاية النيل الأبيض في وسط البلاد ليل الأحد - الاثنين أن قادة المعارضة يعيشون على التاريخ والميراث و«لم يعهد منهم الشعب السوداني قولاً يطبق ولا فعلاً يُحتذى»، وقلل من فرص فوزهم في الانتخابات. وزاد: «للذين يظنون أنهم آتون الى حكم البلاد عبر الكلام المعسول، هل نسوا أن الشعب عاش نصف قرن من الزمان على حديثهم المعسول». من جهة أخرى، تظاهر مئات من الطلاب أمس خلال جنازة الطالب في جامعة الخرطوم محمد موسى الذي يتحدر من دارفور. واتهم زملاء الضحية السلطات السودانية بخطفه الأربعاء الماضي، إذ عُثر عليه مقتولاً وجثته مشوهة في اليوم التالي، لكن الشرطة نفت تورط جهات رسمية في الحادث. وتجمع حوالى ألف من الطلاب ومواطني دارفور أمام منزل عائلة موسى في غرب ام درمان صباح أمس، ورددوا هتافات مناهضة للحكومة، مطالبين بالقصاص لمقتل زميلهم. وأحاط عشرات من ضباط الأمن وشرطة مكافحة الشغب بالمنزل، ورافقوا موكب الجنازة حتى موقع قبر الجثمان. واستقبل الطلاب الغاضبون مرشح «الحركة الشعبية لتحرير السودان» للرئاسة ياسر عرمان بهتافات تدعوه لقيادة البلاد نحو تغيير حقيقي عند وصوله لمنزل الطالب مع مرشحين آخرين من حزبه. وقال والد القتيل موسى عبدالله بحر الدين وهو يغالب دموعه إنه يريد التعرف على قتلة ابنه والقصاص منهم، موضحاً أنه أُبلغ قبل أن يصل الى الخرطوم بأن ابنه أُصيب في حادث سير. الحياة - النور أحمد النور