لم يمر إلا 3 أيام على إرسال إسرائيل تقريرا "استباقيا" للأمم المتحدة تنفي فيه تعمدها استهداف أفراد أو منشآت مدنية في حربها الأخيرة على غزة، حتى نشرت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية اليوم الثلاثاء 2-2-2010 تقريرا لخبراء أممين يؤكدون فيه أن صورا التقطت لطاحونة الدقيق الوحيدة العاملة في قطاع غزة إبان الحرب تثبت تعمد إسرائيل قصفها بهدف "تجويع" الفلسطينيين.ونقلت الصحيفة عن فريق تابع للأمم المتحدة، معني بالكشف عن بقايا المتفجرات والقنابل التي خلفتها الحرب في قطاع غزة، أنهم عثروا على حطام قنبلة تزن 500 رطل كانت قد ألقتها طائرة إسرائيلية على طاحونة الدقيق المعروفة باسم "البدر" شمالي غزة خلال الحرب. وأكد الفريق أن "العثور على بقايا تلك القنبلة يعارض ما جاء على صفحات تقرير الحكومة الإسرائيلية الذي نفى جملة وتفصيلا استهداف مبنى الطاحونة بشكل متعمد من قبل الطائرات الإسرائيلية". وعرض الفريق صورا لبقايا القنبلة في الطابق العلوي، عليها تاريخ 25 يناير 2008 الساعة 14:38، قائلا: "الدمار شبه الكامل للطاحونة ومعداتها يؤكد أنها استُهدفت من جانب الطيران الإسرائيلي خلال الحرب التي استمرت ثلاثة أسابيع مخلفة دمارا بالغا للبنية التحتية في القطاع". طالع أيضا * خبراء يحذرون: إسرائيل تلتف على "جولدستون" * الجمعية العامة تتبنى تقرير جولدستون/إسرائيل ترفض وأكد أن الدلائل تشير إلى أن المبنى تعرض لأكثر من ذلك، لكنهم اكتفوا ببقايا تلك القنبلة، متعجبين من كلام الجانب الإسرائيلي الذي قال إن المبنى لم يصب إلا ببعض الشظايا المتطايرة من القصف الذي استهدف عناصر من حركة المقاومة الإسلامية حماس بجواره. "جريمة حرب" ويأتي إرسال إسرائيل التقرير كخطوة استباقية -بحسب ذا جارديان- لتجنب أي دعوات دولية لمقاضاتها، وردا على تقرير القاضي ريتشارد جولدستون الذي سبق أن اتهم إسرائيل بارتكاب "جرائم ضد الإنسانية"، في حربها على قطاع غزة التي استمرت 22 يوما متواصلة خلال الفترة من 27-12-2008 حتى 18 يناير 2009، مخلفة أكثر من 1400 شهيد و5400 مصاب. ما كشفه الفريق الأممي أكد ما جاء في تقرير جولدستون من أن الهجوم على تلك الطاحونة لم يكن هجوما عابرا وإنما متعمد، معتبرا ذلك "جريمة حرب"، فعلى الرغم من التقارير التي أكدت أنه لم يمت داخلها أحد فإن التركيز عليها يأتي لأنها طاحونة الدقيق الوحيدة العاملة في القطاع الذي كان قد سبق قصفه حصارً دام 18 شهرا. استهداف الطاحونة جعل جولدستون يؤكد أن "إسرائيل استهدفت الطاحونة بشكل متعمد لتزيد من تجويع الشعب الفلسطيني والضغط عليه من خلال القضاء على إنتاج الدقيق في القطاع"، معتبرا أن ذلك "انتهاك للقوانين والأعراف الدولية بما يرقى لجريمة ضد الإنسانية"، ورافضا أي تبرير من الجانب الإسرائيلي. ووفقا لشهود عيان، فإن الطاحونة قد استهدفت من قبل طائرات إسرائيلية، مؤكدين أنها "دُمرت تماما وخطوط الإنتاج بها لم تعد صالحة للعمل". وأكد أحد ملاك الطاحونة أن الخسارة المالية تُقدر ب 2.5 مليون دولار، مشيرا إلى أنه "كان هناك أربع طواحين أخرى بالقرب من طاحونتنا فلماذا لم تُستهدف؟ أتدري ما هو السبب؟ السبب ببساطة أنها هي الوحيدة التي كانت تعمل أما الباقيات فمتوقفات ومن ثم فلم تُستهدف". وأفادت الجارديان أن الحرب خلّفت تدميرا كاملا ل 21 ألف مبنى ومسكن من بينهم 200 مصنع في القطاع، وأن طاحونة البدر التي كانت مكونة من خمسة طوابق وتعمل بجهد متواصل قد دُمرت بشكل بالغ. من جانبها، نفت إسرائيل ذلك الكلام على لسان خارجيتها، قائلة: "جنودنا حريصون على الالتزام بالقانون الدولي". محمد حامد إسلام أون لاين.نت