قد يتأذّى بعضهم – وهو يقرأ – من تكرار الكتابة عن/في موضوع واحد، دون أن ينظر أو يبحث في تكرّر وقوع الأمر موضوع إعادة الكتابة فيه وتكرارها... إن حصل هذا؛ فليتأذّوا ولا حرج!... فليس من يقرأ عن المصائب كمن يُصاب بها ويعايشها أو كمن يحسّ بها ويكتب عنها... ويكفي الآدمي النظر في مشهد أسرة الهمّامي (وهي للذكر لا للحصر) كي يدرك حجم الظلم المقترف في حقّهم وشدّة قبح الفعل وقباحة الفاعل الذي سلّط عليهم: فالعائلة – كما العائلات التونسية والعربيّة في فصل الصيف – قد أعدّت عدّة مراسم زواج ابنتهم، فاستدعت أطرافها لحضور الفرح وإتمام الفرحة فكان منها رضوان القادم من قطر (وقطر بها قناة مكّنت في الآونة الأخيرة بعض المهجّرين التونسيين من إبلاغ طرف من أصواتهم)، غير أنّ البوليس التونسي – وهو المسؤول على الأمن والأمان – قد أحال بيت العرس إلى بيت تُتقبّل فيه التعازي للصبر على المصيبة!: مصيبة أنّ العائلة تونسية...، ومصيبة أنّ أبناءها صالحون منتجون منمّون للإقتصاد التونسي بما يجلبونه من عملات صعبة...، ومصيبة أنّهم محافظون على أصولهم ودينهم ومظاهر رجولتهم بإعفاء لحاهم ومظاهر عفّتهم بستر نسائهم (ربّما فأنا لا أعرفهم)...، ومصيبة أنّ في تونس تغيير غيّر دون أن يقرأ أو يفقه قول الله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ"، وقد فهمها المسلمون بأنّه سبحانه وتعالى لا يزيل نعمه وآلاءه وعافيته عن النّاس إلاّ إذا فشا فيهم الظلم؛ فظلم بعضهم بعضا وطغى بعضهم على بعض!... وقد سأل البوليس أو بعض المتنفّذين في تونس – إن صحّ الخبر (كي لا أتّهم بترويج الأخبار الزائفة) – المهندس الميكانيكي رضوان الهمّامي عن "... أسماء أصدقائه ومن يخالط ويخابر، وحول لحيته لماذا يحلقها في تونس ويعتقها في قطر..؟"، وهي أسئلة – وإن رأيناها استخبارية سافلة وهي كذلك سافلة – دورية روتينية قد لا يدرك "أهمّيتها" إلاّ من اعتقد أنّ الحياةَ كرسيٌّ أو لا تكون وأنّ الكرسيَّ سطوةٌ أو لا يكون... وبالرّجوع إلى السؤال فإنّ الإجابة عنه – نيابة عن رضوان وعن كلّ التونسيين الذين لا يستطيعون التعبير لعدم تمكينهم منه بسيطة، ومنطوقها أن ليس لأحد الحق في معرفة أسماء أصدقائي إلاّ إذا رغبت أنا شخصيا أو رغب الأصدقاء في ذلك، فأسماؤهم وذواتهم محرّمة على القوّادة والفاسدين والساديين، وأسماؤهم لا تتداول إلاّ من أجل تحقيق مصلحة لا تتحقّق إلاّ بالتعارف والترابط، أو من أجل درء مفسدة لا يتأكّد درؤها إلاّ بمشاركتهم...، بل لقد نظرت فرأيت كثرة السؤال عمّن لا أعرف ضربا من اللؤم بل الحمق واستزادة من الوزر، والله سبحانه وتعالى يقول: "وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا"... وأمّا لماذا تُحلق اللحية في تونس وتعتق أو تعفى في قطر فلأنّ قطر بلاد العتق وتونس بلاد الحلق والإلجام والكبت والتخويف وسوء الظنّ بالنّاس المستقيمين، وإلاّ ففي تونس لحى شيوعية وأخرى كافرة تعبد الشيطان لا يُعبأ لها ولا يُسأل حاملها عنها ولا عن مسارب القمّل فيها!.. فاللحية المستهدفة إذًا هي اللحية التي تسبّح بحمد ربّها أو هي اللحية التي تأسّى صاحبها بمحمّد صلّى الله عليه وسلّم، وأمّا من تأسّى بميّت قلب أو بسيّء نفس من رموز العصر الفاقد للتمييز فلا أحد يسائله أو يغالبه أو يقهره أو يحوّل عرسه إلى مأتم!... أنظروا – إن كان لديكم بقية نظر – فقد حرمتم بفعلتكم هذه العائلة المستعدّة للفرحة فرحتها فيا ويلكم، وقد أضفتم كارها أو أكثر لسلوككم فيا سوء مآلكم، وقد أهنتم إطارا من إطارات البلاد التونسية (مهندس ميكانيكي) فيا لؤمكم، وقد حرمتم الدورة الإقتصادية من مواطن شغل فيا قصر نظركم، وقد أظهرتم حقدكم علينا ونحن منكم فيا سواد طويتكم؟!... ولكنّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم واصل نصحه للغلام يعلّمه تلكم الكلمات (والغلام هو عبدالله بن عبّاس رضي الله عنهما): "واعلم أنّ الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك، لم ينفعوك إلاّ بشيء كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك، لم يضروك إلاّ بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام، وجفت الصحف"...