قرر مجلس اطارات النقابة العامة للاطباء والصيادلة الجامعيين لدى انعقاده يوم 24 جانفي بكلية الطب بتونس، تنفيذ إضراب عن التدريس بكافة كليات الطب بالبلاد وذلك احتجاجا على الضغط الممارس من طرف وزارة التعليم العالي ضد أربعة عمداء كليات الطب بكل من تونس والمنستير وسوسة وصفاقس. ويأتي هذا الاضراب إثر الانذارات الموجهة من طرف وزير التعليم العالي ضد عمداء كليات الطب نتيجة تغيبهم عن حضور اجتماع لمديري وعمداء الجامعات والذي انعقد يوم 29 ديسمبر الماضي بقفصة. وكان أحد هؤلاء العمداء وهو الاستاذ عبد الجليل الزاوش عميد كلية الطب بتونس قد قدم توضيحا الى سلطة الاشراف بيّن فيه ان حالته الصحية تمنعه من القيام بسفرة مطولة بهذا الحجم، خصوصا أن الوزارة اشترطت على جميع المديرين والعمداء التجمع الساعة الرابعة والنصف صباحا أمام مقر الوزارة ثم امتطاء ثلاث حافلات تقلهم الى مدينة قفصة. أمام هذا التغيب إذن، قامت الوزارة باتخاذ هذه العقوبة التي اعتبرها الاخ خليل الزاوية الكاتب العام للنقابة العامة مسّا بكرامة كافة الاساتذة الجامعيين بكلية الطب مستغربا مثل هذا التصرّف مع كفاءات تمسّكت بالقطاع العمومي لأجل مصلحة هذا البلاد ونموّها. وأشار الدكتور الزاوية أن عميد كلية الطب بالمنستير تحصّل أيضا على توبيخ Blame إضافة الى الإنذار نتيجة تحوّله الى جيبوتي في مهمة عمل وعدم بقائه في تونس للاشراف على انتخابات الطلبة. واعتبر مجلس اطارات الاطباء والصيادلة الجامعيين أن ما وقع هو سابقة اولى بكليات الطب يستوجب تدخل كل من يهمّه الامر حفاظا على هيبة الاطباء وصونا لكرامة المدرّس خصوصا ان العمداء منتخبون ولا يمكن التشكيك في كفاءتهم وصدقهم في أداء مهمتهم خدمة للطلبة وللبلاد ككل. لماذا قاطع العمداء هذا الاجتماع؟ هذا التوتّر الحاصل بين عمداء كليات الطبّ ووزير التعليم العالي قد يلقي بظلاله أيضا على إصلاح نظام التعليم العالي بكليات الطب حيث كان من المتوقع ان تقع تنقيحات في مجال التدريس في الطب بارتباط مع اصلاح نظام التأمين على المرض. وما يرجح وقوع هذه الاخلالات إلغاء اجتماع يوم 25 جانفي الماضي والذي كان يفترض انعقاده لمناقشة اصلاح تدريس الطب الا انّ كافة عمداء كليات الطب قاطعوا الاجتماع نتيجة القرارات غير المنطقية ضدّهم. وما تتخوف منه النقابة العامة الان هو تأثير هذه الازمة الحاصلة بين هيئات تدريس منتخبة وسلطة الاشراف على التكوين الطبي باعتبار ان كافة الاطباء الجامعيين لم يستسيغوا «العقوبات» المسلطة ضد العمداء واعتبروها شبه اقالة. وزارة التعليم العالي تقرر الغاء برامج تكوين المترشحين لمناظرة الاقامة في الطبّ ومما قد يزيد الطين بلّة صدور قرار من وزارة التعليم العالي يقضي إلغاء التحضير لمناظرة الاقامة في الطب حيث كانت وداديات مدرسي كليات الطبّ معتادة على تحضير المترشحين لهذه المناظرة مقابل معلوم فردي يقدر ب 100 دينار وهذه الاموال تصرف لخلاص المدرسين وتحضير الكتب والوثائق اضافة الى اقتناء عدة مستلزمات تقنية لفائدة الكليات. هذا النشاط العلمي اعتبرته وزارة التعليم العالي حسب ما ابلغ به الاخ الزاوية الحاضرين غير قانوني وقرّرت ايقافه. ورغم أنه سيضرّ حتما بالتكوين وبمصلحة الطلبة والمترشحين فإن كليات الطبّ احترمت قرار الوزارة وبالتالي فإن هذه السنة ستشهد ولاول مرة منذ سنوات طويلة غياب اعداد المترشحين لهذه الدروس المهمة خصوصا وأن مناظرة الاقامة في الطبّ تعتبر أهم المناظرات الوطنية ويشارك فيها سنويا قرابة 1500 مترشحا وتساهم في تخريج مختصين في مجالات طبية شتّى. هذه المعلومة التي أبلغ بها الاخ خليل الزاوية الحاضرين أثارت استغراب الجميع خصوصا أن الطلبة سيكونون المتضررين من هذا الاجراء الذي سيؤدي الى حرمانهم من آلية ضرورية للاعداد الجيّد لاهم امتحان في مسيرتهم الطبية. هذا التوتر الحاصل اثار استغراب الاخ المنصف الزاهي الامين العام المساعد المسؤول عن قسم الوظيفة العمومية، الذي اشرف على اشغال مجلس الاطارات معبّرا عن استغرابه تجاه ما يحدث، مؤكدا امام الحاضرين أنّه سيطلع المكتب التنفيذي الوطني بهذه الممارسات دفاعا عن هذه المؤسسات العلمية والتي يجب احترام هيئاتها المنتخبة. وأكد الاخ المنصف الزاهي انه خلافا لما يقع من توترات مع وزارة التعليم العالي فإنه في المقابل تتميّز العلاقات الاجتماعية مع وزارة الصحة العمومية بالتطوّر لما يبديه السيد منذر الزنايدي من تفهم واستعداد تام لتذليل كل الصعوبات وفتح باب الحوار في كل المناسبات. وتحدّث الاخ الزاهي عن المفاوضات الاجتماعية القادمة مؤكدا ان الاتحاد حريص على أن يحقق كل قطاع مايصبو اليه حسب خصوصياته. وشهد مجلس الاطارات هذا في جزئه الثاني استعراضا للمفاوضات مع وزارة الصحة سنورده في الاسبوع القادم.