حذر السفير الإيراني لدى هولندا بوزرجمهر زياران من أن الجنود الهولنديين المنتشرين في أفغانستان سيواجهون تهديدات "كممثلين للشعب الذي يلطخ سمعة القرآن" إذا ما سمحت سلطات بلادهم ببث فيلم جديد مسيء للقرآن الكريم. كما أعلن نيته العمل على حشد الرأي العام الإسلامي في العالم ضد الفيلم الذي أنتجه عضو البرلمان الهولندي اليميني المتطرف جيرت فيلدرز زعيم حزب الحرية الهولندي المعادي للهجرة، بحسب ما ذكرت صحيفة "ديلي تليجراف" البريطانية في عددها الصادر اليوم السبت 2-2-2008. وقال زياران: إن الأفغان سينظرون إلى القوات الهولندية في بلادهم بعد عرض الفيلم على أنهم أشخاص جاءوا إلى بلادهم "ليدمروهم وليخربوا قيمهم"، الأمر الذي قد يدفعهم للرد بعنف على الجنود الهولنديين باعتبارهم "ممثلين للشعب (الهولندي) الذي يلطخ سمعة القرآن". وكان البرلمان الإيراني قد حذر في وقت سابق من "عواقب وخيمة قد تحدث على نطاق واسع بين مسلمي العالم" إذا تم بث الفيلم. تجاهل للتهديدات يأتي هذا فيما أقسم فيلدرز على تجاهل "التهديدات اليومية بالموت" والضغوط التي تمارسها السلطات عليه لمنعه من بث فيلمه الشهر المقبل، والذي يقارن فيه القرآن الكريم بكتاب الزعيم النازي الألماني أدولف هتلر "كفاحي". ويزعم فيلدرز (44 عاما) أن فيلمه سيبين كيف أن القرآن الكريم "فاشي يحرض أتباعه على الكراهية والعنف"، وهو الأمر الذي يتوقع أن يثير غضب واحتجاج المسلمين في الداخل والخارج. وبالرغم من تكتمه الشديد على تفاصيل الفيلم فإنه هدد بأن يتضمن الفيلم لقطات لتمزيق وتدنيس المصحف الشريف. ويرجح كتاب الرأي والمراقبون -من خلال قراءة شخصية فيلدرز المعادي للإسلام والمسلمين- أن يتضمن الفيلم فعلا مشاهد لتدنيس القرآن كحرقه أو تمزيقه. وبدأ الحديث عن هذا الفيلم عندما أعلن فيلدرز في نوفمبر الماضي في صحيفة "تليجراف" الهولندية أنه "بصدد إعداد فيلم يبين فيه أن القرآن كتاب فاشي يحرض أتباعه على الكراهية والعنف". وكان فيلدرز قد طالب حكومته بمنع بناء مساجد جديدة في هولندا ووقف استقبال مهاجرين مسلمين. كما قال إنه يتعين على نحو مليون مسلم يعيشون في هولندا أن يحذفوا أجزاء من القرآن الكريم وإلا فعليهم مغادرة البلاد. وسبق لفيلدرز أن قدم طلبا بمقترح لمجلس النواب (الغرفة الثانية بالبرلمان) يدعو فيه لحظر تداول القرآن بهولندا، ولم يجد هذا المقترح آذانا صاغية من خارج حزبه الذي يمتلك 9 مقاعد فقط من أصل 150، كما وصف الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) بشتى النعوت المسيئة في مرات كثيرة. ترقب وقلق وتعيش هولندا حالة من الترقب والقلق في انتظار عرض الفيلم الذي يحمل عنوان "كشف الإسلام" وتبلغ مدته نحو 12 دقيقة، خلال الأسابيع القليلة المقبلة. وتشمل حالة التأهب العديد من المستويات سواء حكوميا ودبلوماسيا أو على صعيد الأقلية المسلمة ممثلة في الجمعيات والمنظمات والقيادات الإسلامية. وأعلن رئيس الوزراء الهولندي بيتر بالكينيندي رفض حكومته لعرض الفيلم، محذرا من وقوع "أزمة وطنية" إذا بث فيلدرز فيلمه العدائي. كما تفيد تقارير بأن السلطات الهولندية تعد خططا سريا لسحب مواطنيها من دول معينة خشية أن يصابوا بأذى في حال نشوب احتجاجات عنيفة على الفيلم في الخارج، فيما تكثف الشرطة استعداداتها لأي أعمال شغب وصدامات متوقعة كردود فعل على محتوى الفيلم في الداخل. كما أجرت الحكومة الهولندية مشاورات مع مسئولي الاتحاد الأوروبي بشأن توقعات بأن يؤدي عرض الفيلم إلى تكرار أزمة الرسوم الكاريكاتورية المسيئة لنبي الإسلام محمد (صلى الله عليه وسلم) في الدنمارك عام 2005. "الهدوء الذكي" من جانبهم وفي خطوة استباقية، تعهد مسلمو هولندا باتباع إستراتيجية تتميز بالهدوء والحكمة في فيلم فيلدرز. وقال محمد الرابعي -رئيس تنسيقية الجمعيات المغربية والإسلامية بهولندا- في مؤتمر صحفي بالعاصمة الهولندية الخميس 24-1-2008: "سيتجلى نجاح حملتنا عندما يشعر فيلدرز بالإحباط؛ لأنه لن يرى أعمال شغب أو ضجيج؛ فالمسلمون سيثبتون أنهم أكثر ذكاء وهدوءا مما يظن". وبين الرابعي أن التنسيقية، التي تعد مظلة للمنظمات الإسلامية في هولندا، اتصلت بسفارات الدول الإسلامية في هولندا ومنظمة المؤتمر الإسلامي "لحثها على عدم مقاطعة المنتجات الهولندية" حال عرض الفيلم. رسوم الدنمارك وتعيد قضية الفيلم الهولندي إلى الأذهان ذكرى تداعيات نشر الرسوم المسيئة للرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) والتي قوبلت بموجات من المظاهرات الغاضبة في أنحاء العالم الإسلامي. وساءت بسبب هذه الرسوم العلاقات بين الدنمارك والدول الإسلامية والعربية التي أدانت حكوماتها وبرلماناتها الرسوم وطالبت كوبنهاجن بالاعتذار، وهو ما رفضته الأخيرة. كما تعيد إلى الأذهان أيضا ذكرى مقتل المخرج الهولندي ثيو فان جوخ عام 2004 على يد شاب هولندي مسلم من أصل مغربي يقضي الآن عقوبة السجن مدى الحياة، وذلك بعد عرض فيلم "الخضوع" الذي اعتبرته الأقلية المسلمة مسيئا للإسلام، ويحوي مشاهد لسيدات عاريات مكتوب على أجسادهن آيات قرآنية. ويشكل مسلمو هولندا مليون شخص من إجمالي 16 مليونا هم عدد سكان البلاد، ومعظم هؤلاء المسلمين من أصل تركي أو مغربي.